حروبسياسة

مقاطع عن بعد لحرب على مقربة (هدى سويد)

 

هدى سويد – إيطاليا

المقطع الأول : ما بعد تفجير ال”بيجر” .

  تفجرت الحواس : صمت .

الصمت لا يسمع القصف .

الصمت بكاء خافت الصوت .

الموت صفقة .

 

المقطع الثاني :

قصف يتخذ من  السماء مخبأ لذخائره.

اعتنق ربطة العنق الحمراء بعد ما حققه من إنجازات قطع لآلاف الأجساد ، من تشريد ونزوح في لبنان ( بعد غزة ) .

شبيه ب ” ملك  المقابر” الذي لا يملك شيئا ،

– تشبيه ورد في فيلم الفارس الاول ، لوصف معتد متوحش “بن كروس” لا عمل له سوى الإعتداء مع زمرته على سكان أبرياء-

القلب مصاب

الرأفة أسأل .

 

المقطع الثالث :

إزاء هذا المسح الأحمر الوحشي في كل اللحظات :

لا الجغرافيا ولا المسافات يمكنها أن توقف او تلجم الأفكار المتدفقة ، سرعة نبض القلب أو بلادته ودمع العين  أمام كل إنسان ، طفل وحجر يسقط .

للبلد ، للأهل وناسنا :

آه كم أشتاق !

 

المقطع الرابع :

مواكب آلاف النازحين المغادرة بيوتها ،

المتوجهة إلى جدارات لا تعرفها ولم تسكنها :

مسيرات ألم ، قهر صامت .

مشهد لغة لمن لم يذقها ، تفوق فقاقيع الإنتصارات ، الإيديولوجيات والهزائم .

مواكب آلاف النازحين 

حداد أسود .

 

المقطع الخامس :

بقوا في بيوتهم

لم يرحلوا

قصفهم الموت .

الملائكة  ترفرف برداء أسود .

 

المقطع السادس :

كل ما أفعله أنني لم أعد أكتب ما اعتدت على كتابته.

كل ما أدونه أخزنه .

كل ما أفعله هو الرد على اطمئنان الغير ، السؤال عن  بلدي ، أهلي وناسي .

 أسعى ان استطعت لتفسير ما يحصل للغير هنا ، ان وصلت إلى تفسيره أنا !

يستعصي على الفهم هنا ما يحصل هناك في لبنان.

يتصل الكسندر ، أنجلو ، مارا ،  فرانشيسكا ، كريستينا، ليا،،  جوفانا ،يستوقفني بائع  الخضار والحلاق يعبرون عن مشاعرهم ،وتكتفي جوفانا حين لا تجد ما يسعفها من عبارات بالقول مؤازرة مختصرة كل الكلام : la guerra è altroce ) ) الحرب  فظيعة .

 

المقطع السابع :

كل ما أفعله هو متابعة ما يحصل هناك وقليل عمّا يحصل هنا .

غزة ولبنان تحتلان الجرائد والشاشات .

تعلو أصوات الصحافيين هنا عن دور اليونيفيل وبالتالي عن مصير ألف عسكري إيطالي عاملين فيها  ؟

يتساءل ساخرا  ماركو ترافاليو  ناشر الـ “فاتو كوتديانو” :

” ماذا يفعلون هناك ؟ كلما اشتعلت الحرب بين إسرائيل ولبنان يهرعون للاختباء في الأقبية !”

ويرد  سياسي آخر متأثرا بما يحصل ، رافضا ادعاء سياسيا آخر داعما لاسرائيل : ” لن تحصل إسرائيل على السلام ما دامت تحتل ارض الغير” .

لغة جديدة لم نكن نسمعها من قبل !

 

المقطع الثامن :

كل ما أفعله المحاولة .

في السيارة نحو لا أدري ولأ ين .

ربما نحو طبيب الأسنان:

لم أحب طبيب الأسنان كما أحبه الآن .

اعتمر كوفية تحمل عبارة بالإنكليزية:

انقذوا أطفال فلسطين .

في السيارة وعلى المقعد المجاور هاتفي ومحطة الجزيرة ، أقود وتعلو أصوات المحللين ، الإنفجارات والقصف  في كل لبنان ، أحيائه ،

أقود ولا تحدث ردات فعلي وغضبي أي حادث ما بين سيارة وأخرى .

أقود مستمعة لكل التحليلات من أجانب وعرب .

يعجبني تحليل العقيد حسن جوني :

أثني  .

 

المقطع التاسع :

البارحة بعد الظهر :

في السيارة  لا أدري لأين .

 يعج البث بصفارات الإنذار ، هرولة للملاجئ ، صوت رشقات رصاص ، ركض وهرولة وانبطاح الأرض خوفا من القصف وصراخ بالعبرية :

كان علي تعلم اللغة وان كان مفهوما هذا الصراخ !

عدنا لسماع أسماء الأرض :

حيفا وبيسان و…

أنا المسالمة الداعية كما اعتدنا ” للسلام ، الإطمئنان ، الصحة والعافية وراحة البال “، 

أنا التي لا أهوى الحرب ولا قاداتها إلا ما عرفناه من أسماء  مناضلة تاريخيا،

ولا تستهويني رؤية نازح من بيته ، ولا أشلاء تتناثر كأنها لم تكن جسدا متكاملا يوما ما ،

أنا  التي أكره الحرب والدماء،

وضد تصعيد آلات القتل والدمار ،  

انتشلني من ألمي دوي صفارات الإنذار

 في كيان  عاش على أشلاء أصحاب الحق .

يكفي سماع دوي صفارات الإنذار !

أقود متابعة البث

هناك أنا ،

يوقظني من ال هناك شرطي إيطالي في الجهة المقابلة،

 ينفذ محضر ضبط لمخالف فأعرف أين أنا .

 

المقطع العاشر :

يغير لون ربطة عنقه نتنياهو :

أسود طوال حرب غزة ، أحمر فأزرق لون نجمته وعلمه بعد جنون تفخيخاته  .

ماذا يفعل علماء النفس ؟

متى يعود إلى ربطة عنقه السوداء ؟

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى