رأي

إذاً… هل تتغيّر أميركا؟(نبيه البرجي)

 

الحوارنيوز – صحافة

 

تحت هذا العنوان كتب نبيه البرجي في صحيفة الديار يقول:

 

بعد الآن، ماذا يمكن أن يتغيّر في الشرق الأوسط، وقد وصفنا برنارد لويس بالأحافير البشرية؟ أيضاً في لبنان. السؤال الأكثر حساسية، وربما الأكثر سريالية: هل تتغيّر أميركا؟

اسرائيل، باعتبارها حجر الزاوية في السياسات، وفي الاستراتيجيات، الأميركية في المنطقة، لم تعد اسرائيل أيام زمان. أوديسه الحرب في غزة زعزعت البنى السياسية، والفلسفية، التي قامت عليها. دونالد ترامب كان يقول للحكام العرب (يا ملوكنا ويا رؤسائنا الأعزاء) “لولانا لما بقيتم، لدقائق، على عروشكم” التي غالباً ما تكون عروش ألف ليلة وليلة. الآن، باستطاعة الحكام اياهم أن يقولوا له، ولابنته اليهودية ايفانكا، وكان يعملان لتحويلنا الى قهرمانات عارية في حضرة الهيكل “لولا أميركا لما كان من أثر لاسرائيل على هذه الأرض”.

لطالما تساءل الكثيرون عن جدوى تفجير الجبهة عبر الخط الأزرق، وقد رسمنا أكثر من خط أحمر هناك، لا سيما حين نكون في دولة مدينة ببقائها للفتات، بالرغم من كل تلك المظاهر الفولكلورية التي تحاول، عبثاً، حجب الأزمات الضاربة في هياكلنا العظمية. ولكن ألم نلاحظ أن تلك الخطوة، بالرغم من مئات الضحايا، ومن عشرات البلدات المدمرة، ناهيك عن ملايين الأشجار، وبينها من كانت شاهدة على أن الدهر، وليس فقط التاريخ، مرّ من هنا، أثبتت أننا أقمنا، بقوتنا الضاربة، السور الذي يمنع أولئك البرابرة من المس بحبة من ترابنا.

الاسرائيليون وصفوا الغارات الخمسين، بـ100 طائرة ـ أجل 100 طائرة ـ ليلة السبت / الأحد، بـ”العملية الاستباقية”. العبارة التي كثيراً ما استخدموها لتبرير حروبهم ضد العرب، لتحطيم أي دولة، أو أي قوة، ترفض أن تجثم الأقدام الهمجية على صدور أهلها، لنسأل أنفسنا ما اذا كانت تلك العملية الاستباقية غيّرت، ولو قيد أنملة، المعادلة التي تكرست، بدمائنا، على الأرض؟

بعد تلك الموجات المتلاحقة من قرع الطبول، ومن التهديد بإعادتنا الى العصر الحجري (الجنرال افرايم سنيه توعد بألاّ يترك كلباً يعوي في بيروت)، لماذا لم ينفذ ذلك الائتلاف الجهنمي وعيده، ليرى أنه لن يبقى كلب يعوي في تل أبيب. في غزة انكسرت أنوفهم. ايهود باراك حذرهم من أن “تتدحرج رؤوسنا في تلك المتاهة”!

ونحن في حال اللادولة، ونكاد نقول في حال اللاشعب، ليس من مصلحتنا خوض الحرب الكبرى. اسرائيل ليست هي التي تحارب، بل أميركا بتلك الأرمادا الأسطورية. هل كان لنتنياهو أن يكتفي بالغارات الجوية لو كان يستطيع التقدم خطوة واحدة الى لبنان. آرييل شارون دخل بدباباته الى بيروت، عام 1982. وكان قد قال، إثر اندلاع فضيحة الدفرسوار، في حرب 1973، “لو شئت لكان جنودنا يحتسون الشاي في خان الخليلي”.

مثلما لا تعنينا الهوية الايديولوجية للمقاومين في غزة، ما داموا يدافعون عن أرضهم، لا تعنينا الهوية الايديولوجية للمقاومين في لبنان. هؤلاء لم يهبطوا من كوكب آخر. هم يدافعون عن كل لبنان، وقد شاهدنا كيف أن المغول الجدد لا يكترثون لا بالمواثيق، ولا بالقرارات، الدولية لأن قوانين يهوه تعلو على كل تلك القوانين التي استنها البشر، ليجدوا فيها، وكما يقول منظّرو الأحزاب المشاركة في الائتلاف، الهرطقة الحمقاء.

لسنا ايرانيين، ولن نكون. كفى تلك البروباغندا الببغائية عبر بعض الشاشات. بطبيعة الحال لدى الايرانيين هواجسهم الجيوسياسية، والجيوستراتيجية، مع اقتناعنا بتقاطع الخطوط الحمراء على خارطة المنطقة بأكملها، ما دام هناك، وقلنا ذلك مراراً، اسرائيل والنفط، ودون أن يكون أي مشروع ان لتغيير الخريطة، أو لتغيير الأنظمة، الا لدى الأميركيين إذا ما تذكرنا إطلاق ادارة جورج دبليو بوش مشروع “الشرق الأوسط الكبير”. قبل ذلك، أقرّ الكونغرس، عام 1993، مشروع برنارد لويس حول تفكيك المنطقة.

ليلة السبت / الأحد ليلة سقوط اسرائيل في لبنان، مثلما كانت ليلة 7 تشرين الأول ليلة سقوطها في غزة. ذلك الطوفان الديبلوماسي الأميركي، لإنقاذ اسرائيل، لا لإنقاذ من تبقى من أهل غزة ولا من أجل انقاذ لبنان. في الصحف الاسرائيلية بنيامين نتنياهو نبش قبر تيودور هرتزل، وألقى بعظامه في العراء.

أما وقد تغيرت النظرة الأميركية الى اسرائيل، باعتبارها ذراعها الأسطورية في الشرق الأوسط، هل تتغير النظرة الأميركية الى العرب…؟

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى