سياسةمحليات لبنانية

العلامة الخطيب في خطبة الجمعة :المعادون للمقاومة لغتهم الإنفصال والإنزواء وهم بيدق للمشروع الغربي

 

الحوارنيوز – محليات

 حمل نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب في خطبة الجمعة على الذين يعادون المقاومة التي تدافع عن لبنان ،وهم ليسوا إلا بيدقا للمشروع الغربي،وقارن بين لغتهم التي تدعو إلى الإنفصال والإنزواء ولغة المقاومة الداعية إلى الدفاع عن سيادة لبنان، لغة العيش الواحد والمواطنة الصادقة.وقال إنّ الحرب العدوانية التي يتعرّض لها لبنان تستوجب من اللبنانيين التكاتف والتعاضد .

 

وكان العلامة الخطيب أدى الصلاة في مقر المجلس بعد أن ألقى خطبة الجمعة التي تناول في مستهلها الشائعات والحروب الإعلامية فقال:

 من المعلوم أن حرب الإشاعات هي حرب إعلامية تُوجَّه إلى الرأي العام الذي ليس لديه القدرة على التحليل ومعرفة ما وراء الإشاعة ويتأثر الناس بها ويتعاملون على أساس انها معلومة صحيحة ويُرتّبون الآثار على أساسها، ولذلك كان التوجه إلى هذه الفئة من الناس أن يتنبّهوا إلى وجود قوى منافقة بينها وتعيش معها تتماهى مع أهداف العدو في الوقت الذي تشكل أداة هدم داخلية مثل السوس الذي يعيش مختبئاً بعيداً عن الأعين داخل جذع الاشجار وهو يفرغ داخلها لتيبس وتموت، الذين اسماهم القرآن الكريم (بالمنافقين) وهي الفئة الأخطر في المجتمع ونقطة الضعف التي يمكن أن توجد داخله وتُعطّل عليه الوصول الى أهدافه وتَخلقُ شرخاً وانقساماً أخطر من اي عامل آخر، لانها تتحدث بلسانه وبالحرص في المحافظة على تحقيق اهدافه ومصالحه أو أشخاص باعوا ضمائرهم تحت الترغيب أو الترهيب زرعهم العدو في بيئتهم ليقوموا بالمهمة الاصعب لخلق البلبة داخل صفوفهم وإضعاف معنوياتهم التي تُشكّل العامل الاهم في المواجهة مع الأخطار الخارجية يعملون على خدمة العدو.

وهذا النوع من الحروب ليست طارئة ولا جديدة وأن تطورت وسائلها وأهدافها، وبمقدار ما يستطيع المجتمع من تحصين نفسه اتجاهها بمقدار ما يُفشِل المخطط المعادي، ولهذا وضع الوحي عبر هذه الآية وبمناسبة هذا الحدث الذي تلى واقعة أُحُد أن يُنبّه المسلمين إلى وجود هذا النوع من الحروب الخفية وتثقيف الأمة وتوجيهها وارشادها  إلى الطريق الذي يحبطها ويحمي الأمة من الوقوع في فخها، وهذا النوع من التوجيه ليس محدد بزمن أو بواقعة لأن هذا النوع من الحروب من نوع الابتلاءات الدائمة والمستمرة ما دامت الصراعات والحروب، بل هي أحد أخطر انواع الاساليب التي تُستخدم في الحروب وأهم عوامل انتصارها فيما اذا أُحسِن استخدامها.

ولذلك كان العمل دائماً نحو تطوير وسائلها كيفية استخدامها، فهي الاساس في قتل الروح المعنوية التي هي عماد الجيوش والشعوب في مواجهة الأعداء، واذا ما انهارت فليس هناك من نفع للسلاح مهما كان متقدماً، لأن السلاح لا يقاتل وحده وانه مهما كان متقدماً فالعامل البشري هو العامل الاهم الذي يقاتل به مهما كان السلاح وضيعاً وإن وُجب أخذه في الاعتبار، وهو ما أشار الله تعالى اليه بقوله (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) أي من السلاح والإعداد والتدريب والوسائل التي تحتاجها المعركة، فهو أيضاً عامل معنوي لدى العدو لأنه إنما يعتد بقوة السلاح ويعتمد عليه دون الاعتبار للعامل الايماني. ولذلك فإن إعداد القوة المادية من العديد والعدة عامل مهم في ترهيبهم وإضعاف القوة المعنوية لديهم يدفع بهم إلى الانهيار والاستسلام دون الحاجة إلى المواجهة المسلحة أحياناً أو إلى الحدّ منها ومن الخسائر في أعداد القتلى، وقد أثبتت هذه المعادلة صحّتها، لذلك كان استخدام الحرب الاعلامية من الأولويات لدى أي جهة من الجهات، قوى عدوانية غاشمة مبطلة أو قوى غير عدوانية محقة يحدد مشروعيتها مشروعية أهدافها، حالها حال السلاح الذي يُستخدم في الحرب، فقد تكون مشروعة وقد لا تكون.

ولأن العامل المعنوي الايماني بهذه الأهمية الذي توجه اليه الحرب الاعلامية بهدف كسره أشار الله تعالى اليه بقوله: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) فالإعداد المادي مطلوب بقدر الاستطاعة وليس المطلوب منه إيجاد التوازن مع ما يمتلكه العدو، فإن العامل المعنوي الايماني هو الذي سيسدّ الخلل، والعامل المعنوي هو قوة وعمق الايمان بالقضية المحقة والإخلاص للحق والاستعداد للتضحية في سبيله.

قال تعالى: (فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ).

والصبر تعبير عن القوة الايمانية التي هي قوة الاعتقاد والاخلاص للقضية المحقة والاستعداد للتضحية كما قلنا التي تُرجّح كفة الايمان على كفة الكفر مع افتقاد التوازن في القوة المادية التي عبَّرت الآية عنها بالعدد (فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ).

وفي قوله تعالى عن الاعتماد على الكثرة والاغترار بها يعطي المثل عن معركة حنين حيث لم تغنهم شيئاً: ﴿ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ﴾

ولقد استُخدمت الحرب الإعلامية وبشكلٍ غير مسبوق وبأدواتٍ متطورةٍ وشاملة على العالم العربي والإسلامي وبالأخص على قوى المقاومة التي استطاعت التخلّص من المحاولات المتتابعة لمحاصرتها والتخلص منها على مدى وجود هذه المقاومة بالحصار والتشويه وحرف الصراع باتجاهات مفتعلة بخلق فتن داخلية مذهبية وعرقية وخلق مناخ شعبي عربي وإسلامي قابل للتطبيع مع العدو، ومثَّلت الساحة اللبنانية الجغرافيا المهمة لتنفيذ هذه الاستراتيجية الخبيثة عبر قوى عميلة ترتبط بالقوى الغربية وربما بالصهيونية التي وضعت الخطط التي رأت انها كفيلة بتحقيق هذا الغرض مهَّدت لها بالحصار  الذي فرضته على لبنان والانهيار الاقتصادي وتفجير المرفأ لتستغله في توجيه الاتهام للمقاومة بعد أن ساهمت بشكلٍ فاجرٍ في الاسهام بتفجير المنطقة عبر الفتنة الطائفية والدفاع عن القوى الارهابية وعلى رأسها داعش وما تقوم به اليوم من حرب إعلامية فاجرة على  المقاومة في الوقت الذي تخوض فيه دفاعاً بطولياً عن سيادة لبنان وشعبه وبناه التحتية التي تتعرض لعدوان اسرائيلي إرهابي للتأثير على شريحة لبنانية بعامل التخويف من نتائج انتصار المقاومة وبدواع وخلفيات طائفية غير حقيقية لم تكن إلا غطاءً وتبريراً لموقفها وسلوكها التاريخي المعادي للمقاومة بخلفياتها المختلفة قومية وفلسطينية ولبنانية وطنية وإسلامية، فالمبررات التي تدّعيها اليوم ما هي إلا ذرائع يقف خلفها موقف مبدئي يتماهى مع العدو الصهيوني.

وللأسف فإنّ هذا الفريق استطاع أن يخدع شريحة من اللبنانيين ويقنعهم بادعاءات واهية لا أساس لها رغم تجاربه الخاسرة السابقة والمتكررة التي أضرّت بها وسلختها عن محيطها وشعبها الضنين بها والذي لا يضمر لها إلا الخير ولا يزال وسيبقى يعتبرها جزءاً عزيزاً منه ويعمل على انعتاقها وتحريرها من هذا الطوق والحصار والسجن الذي وضعها فيه بمحبة المواطنة المخلصة،  فهو لا يرى في التنوع الديني إلا إحدى وجوه الغنى الذي يثري وطننا ويعده رسالة التعايش بين الاديان للعالم الذي يظهر قبح الغرب العنصري الذي يُمثّله  الكيان  الصهيوني المحتل لفلسطين ويخوض تحت حمايته وغطائه ودعمه السياسي والعسكري على شعبها حرب الابادة المتوحشة متمرداً على كل القوانين والمعاهدات والاعراف الدولية والإنسانية، ويضيره أن تتعايش بجانبه أطياف متنوعة الاديان والمذاهب.

ونحن على يقين أن اللبنانيين في غالبيتهم لا يمكن أن يروا في هذا الوحش نموذجاً للتعايش وهو يقوم بهذه الأعمال الوحشية والبربرية إلا لمن يحمل نفس المواصفات البربرية التي مورست مع السيد المسيح وأمه العذراء الطاهرة ويرى في الموقف الحالي من المقاومة استمراراً للحرب منذ ألف وأربعمائة عام، أليست هذه العقلية المتخلفة نموذجاً كافياً ليكتشف اللبنانيون أي مصير يقود هؤلاء لبنان إليه؟؟ ويبقى للبنانيين أن يحكموا على ذلك.

انظروا إلى اللغة التي تتحدث بها المقاومة، لغة الدفاع عن سيادة لبنان وعن اللبنانيين، لم يصدر منهم إلا لغة الحب للبنانيين جميعاً، لغة العيش الواحد والمواطنة الصادقة، ولم يدفعهم الخلاف في السياسة مع الآخرين إلى رفض العيش معهم او الإساءة إلى معتقداتهم،  بينما نرى العكس من اعداء المقاومة من الدعوة إلى الانزواء والانفصال ولغة العداء والعنصرية والحسابات الطائفية والحزبية والفئوية الضيقة ولغة الاستعلاء والفوقية والانكار ومراجعة لفترة الحرب الاهلية الملعونة، ترى منهم استخدام اللغة نفسها وأن هؤلاء ليسوا الا بيدقاً للمشروع الغربي الذي بدأ في طريق التراجع تحت ضغط المقاومة وصمودها وخصوصاً في غزة وجنوب لبنان والمنطقة التي تحاصره اليوم، ولم يستطع على الرغم من الحماية والدعم الغربي أن يقضي على المقاومة أو يسترجع أسراه وهو اليوم تحت الخوف من رد المقاومة على إرهابه الجبان باغتيال قادة للمقاومة، تسعى الولايات المتحدة الى التحايل لمنع قوى المقاومة والجمهورية الإسلامية الايرانية الثأر منه.

إنّ الحرب العدوانية التي يتعرّض لها لبنان تستوجب من اللبنانيين التكاتف والتعاضد، ونتوجّه لكل من تعاطف وفتح بيته للنازحين بالتحية، ونحن ندعو الى مراعاة الظروف وعدم الاستغلال لرفع قيمة الإيجار ووضع الشروط التي تُرهق الناس كما تقتضيه الأخوّة والمواطنة.

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى