ثقافة

وزير الثقافة في مؤتمر الأونيسكو:على قادة العالم رفع الاحتلال ووقف الاعتداءات واجتثاث الارهاب(صوت وصورة)

 

القى وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتض اليوم كلمة لبنان في المؤتمر العام لمنظمة اليونسكو المنعقد في باريس في دورته ال41 حيث تراس الوفد الرسمي المشارك وذلك بحضور المديرة العامة لمنظمة اليونسكو أودري اوزلاي ، رئيس المؤتمر العام سانتياغو موراو ، سفيرة لبنان الدائمة لدى المنظمة سحر بعاصيري ووزراء الثقافة في الدول الاعضاء في المنظمة .
المرتضى اكد في كلمته على أن لبنان لم يتوقف عن إيلاء التنوع الثقافي اولوية قصوى لكنَّ:” أزماتِه التي تزدادُ وطأتُها بالاعتداءات الإسرائيلية المتمادية، وبوجودِ مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين المنتشرين على كامل الجغرافيا اللبنانية. ممن ينوءُ بهم الاقتصادُ يؤثر وبقوة على جهوده المبذولة على هذا الصعيد”
ودعا قادة العالم :”إلى إيجاد حلولٍ جذريةٍ للمسألتين الفلسطينية والسورية برفعِ الاحتلال ووقفِ الاعتداء واجتثاث الإرهاب، وفقًا لقرارات الأمم المتحدة ومبادئِ حقوق الإنسان ومقتضَيات ثقافة السلام.”
وشدّد على ان:”وزارة الثقافة اللبنانية مصرّةٌ على أن تلعب دوراً على مستوى بناء جسور التلاقي التي وحدها تجعلنا نخرج من كهوفنا النفسية ونتحرّر من خوفنا ونستعيد ثقتنا بذواتنا وببلدنا وننطلق في عملية بناء الإنسان والوطن على اسس افضل ليستعيد دوره مركزاً للإشعاع الحضاري والتعاون الإنساني وأنموذجاً يُقتدى به على مستوى قبول الآخر.”
ومما جاء في كلمة الوزير المرتضى
أيها السيّدات والسادة،
جئتُكم من لبنان،
من بلدِ حميد فرنجية، رئيسِ المؤتمر العام الذي استضافتْه بيروت،
وبلدِ عارف الريس وإشاراتِ قدموس التي ترتفعُ على أحدِ حيطانِ منظمتِنا، ضمن “مجموعة الأونسكو للأعمال الفنية”،
وبلدِ أنطوان غطاس كرم صاحب “كتاب عبدلله” من سلسلة “الروائع الأدبية” للمنظمة،
وبلدِ الإمام موسى الصدر وكمال جنبلاط والشيخ صبحي الصالح والمطران جورج خضر والأب يواكيم مبارك والمطران غريغوار حداد وكثيرين غيرهم ممن بادروا إلى إجراء حوار مسيحي إسلامي في قاعات هذه المنظمة عام 1977 لتكون مبادرتهم فاتحةَ ما عُرف لاحقًا بحوار الأديان،
وبلدِ العديد ممن ساهموا في قضايا هذه المنظمة، منذ اشتراكه في تأسيسِها وصولاً إلى نجاة صليبا وعبلا السباعي اللتين نالتا جائزةَ لوريال-الأونسكو للنساء في العلوم.

جئتُكم من لبنان ناقلًا تهنئةَ الدولة اللبنانية وتهنئتي الشخصية:
للسيد سانتياغو موراو (سفير البرازيل) لانتخابه رئيسًا للمؤتمر العام متمنيًا له وللمؤتمر النجاح في ما ينتظره من أعمال وموضوعاتٍ مهمة.
وللمديرة العامة السيدة أزولي لانتخابها لولاية ثانية، متمنيًا لها دوام التوفيق والنجاح في مساعيها لإبراز دور الأونسكو في عالم يتلظّى في أَتُّون العنصرية والعنف والجهل والاحتباس الحراري وتوسُّعِ الهوة المعرفية والرقمية بين شعوبه الذين يستصرخون ضميرَ الإنسانية الذي تجسده منظمتنا، من أجلِ إنقاذِهم مما هم فيه عالقون.
ونغتنمُ المناسبة، لنهنئَ أنفسَنا وجميعَ الدول الأعضاء بالعيد الخامس والسبعين للأونسكو، آملين أن نحتفل بالمئوية وقد تحقق الكثيرُ من الأهداف النبيلة التي تطمح إليها منظمتنا، كتحديث التربية وحماية الحريات والمحافظة على التراث الماديِّ وغير المادي للحضارة البشرية، وتمكين المرأة والشباب وحماية الصحافيين وإنهاء ظاهرة الإفلات من العقاب، وصولًا إلى عالم أفضل تستعيد فيه الإنسانيةُ جوهرَ كينونتها.
وينبغي لي أن أذكِّرَ بأن بيروت التي استضافت المؤتمر العام الثالث سنة 1948 شيَّدَتْ لتلك المناسبة قصرًا لا يزال اسمه حتى اليوم “قصر الأونسكو”، ومنه اتخذَ الحيُّ الذي أقيمُ فيه اسمَه، فصار “حي الأونسكو”. وبيروت أيضًا منذ العام 1961 تستضيفُ مكتبًا إقليميًّا فاعلًا جدًّا. وهي العاصمة التي صنفتموها مدينة مبدعةً للأدب عام 2019 بعدما كانت عاصمةً عالمية للكتاب في 2009. وغيرَ بعيدٍ منها، تقعُ مدينةُ جبيل أمُّ الأبجدية وناقلتُها إلى العالم، التي تستضيف المركز الدولي لعلوم الإنسان.

بيروتُ كانت ولا تزال الشاهدةَ على جوهر رسالةِ هذه المنظمة من خلال المبادرة التي أطلقتْها المديرةُ العامة مشكورة في ذكرى انفجار 4 آب 2020 وسمَّتها “لبيروت”. مبادرة سباقة كرَّسَت الأونسكو من خلالها وَضْعَ التعليمِ والثقافة في صلب جهود الإغاثة في حالات الطوارئ منذ لحظتِها الاولى. وتستمر هذه المبادرة بنجاح عبر جهود المنظمة ودعم الدول الأعضاء في إظهار الروح الحقيقية للأونسكو.
والحقيقة أنه على الرغم من الأزمات الصحية والاقتصادية والاجتماعية الحادة التي تعصف به وبمؤسساته التربوية والثقافية، والتي كان من نتائجِها القاسية هجرةُ الأدمغة، وتعريضُ مستقبلِ الشباب للضياع، والحؤول دون تمكن السلطات المختصة من تحقيق كامل أهداف الألفية لناحية شمولية التعليم، فإن لبنان لم يتوقف عن السعي إلى المحافظة على دوره الريادي في التربية والثقافة والحفاظ على مواقعه الأثرية ومحاربة الاتجار غير المشروع بالقطع الأثرية، عبر التعاون مع المنظمة والهيئات الدولية المعنية، ولم يتوقَّفْ كذلك عن إيلاءِ التنوع الثقافي الذي هو هواء لبنان أولوية قصوى.
لكنَّ أزماتِه التي تزدادُ وطأتُها بالاعتداءات الإسرائيلية المتمادية، وبوجودِ مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين المنتشرين على كامل الجغرافيا اللبنانية، ممن ينوءُ بهم الاقتصادُ، توجبُ على منظمتِنا دعوةَ قادةِ العالم إلى إيجاد حلولٍ جذريةٍ للمسألتين الفلسطينية والسورية برفعِ الاحتلال ووقفِ الاعتداء واجتثاث الإرهاب، وفقًا لقرارات الأمم المتحدة ومبادئِ حقوق الإنسان ومقتضَيات ثقافة السلام.
في عامها الخامس والسبعين تتألق الأونسكو على رأس القضايا الكبرى التي يواجهها العالم، بدءًا من قضية مستقبل التربية والتعليم في زمن الإنترنت والذكاء الاصطناعي، مرورًا بالحاجة إلى وضع الثقافة في قمَّةِ أولويات الدول لارتباطها الوثيق بالتنمية، وصولًا إلى مسألة حماية البيئة والمحيط الحيوي. وأمامنا في هذا المؤتمر العديد من هذه المواضيع، ولا سيما ما يتعلق بتوصية العلم المفتوح بما يسهل التعاون الدولي والانتفاع العالمي بالمعارف العلمية، وكذلك التوصية المتعلقة بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي الذي دخلَ تفاصيل الحياةِ كلَّها ونقل البشرية الى آفاق جديدة. والذي، إن لم توضع له الضوابطُ الأخلاقية، فسيعمِّقُ الهوةَ بين الناس حتى يصيرَ لعنةَ بعضٍ ونعمةَ بعض.

إن لبنان حريص على البقاءِ في طليعة الدول المتمسكة برسالة الحرية والتعددية والتنوع، فهو بتكوينه مساحةُ عيشٍ واحدٍ ولقاءٍ وحوار، أمّا ما عجزت عنه الحروب العسكرية المتكررة التي جرى خوضها ضدّه وفيه من أجل إخضاعه وهدم دوره -وآخرها الهجمة التكفيرية التي تهدّدت سوريا وإمتدت بآثارها ولهيبها الى لبنان- فتخاض اليوم بشكل آخر ووسائل أخرى منها تأليب اللبنانيين بعضهم على بعض ورفع الحواجز النفسية فيما بينهم وتأجيج الغرائزية والطائفية فضلاً عن تزخيم الأزمات ومنها الإقتصادية بما لها من تداعيات إجتماعية على نحوٍ أدى ويؤدّي الى جعل العديد من اللبنانيين يركنون الى الهجرة سعياً للعيش في ظروف أفضل وهذا ما يتهدّد التنوّع اللبناني الفريد بنوعيته المتميزة ويتهدّد بالتالي فرادة لبنان بل السبب الموجب لبقائه ككيان؛ ووزارة الثقافة اللبنانية مصرّةٌ على أن تلعب دوراً على مستوى بناء جسور التلاقي التي وحدها تجعلنا نخرج من كهوفنا النفسية ونتحرّر من خوفنا ونستعيد ثقتنا بذواتنا وببلدنا وننطلق في عملية بناء الإنسان والوطن على اسس افضل ليستعيد دوره مركزاً للإشعاع الحضاري والتعاون الإنساني وأنموذجاً يُقتدى به على مستوى قبول الآخر، ونحن نتطلع إلى دعم المنظمة ودعمكم، ليبقى لبنان وفيًّا لدوره قائمًا به على أكمل وجه، تحقيقًا لرسالته الإنسانية ولمعنى وجوده.
دمتم بخير وعاشت الأونيسكو منارةً تشعُ على الإنسانية تعاوناً وتعاضداً وسلاماً، وعاش وطني حبيبي وحبيبكم لبنان.

الحوار نيوز تنشر كلمة مرتضى بالصوت والصورة:

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى