سياسةمحليات لبنانية

موقف متقدم للشيخ الخطيب حول النظام السياسي يحاكي فكر الإمام الصدر(حكمت عبيد)

 

حكمت عبيد – خاص

طالب نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب  فرنسا “بمساعدة اللبنانيين على الخروج من النظام الطائفي”.

موقف الشيخ الخطيب ينسجم بطبيعة الحال مع الموقف التاريخي للقيادات الروحية الشيعية وفي مقدمهم سماحة الامام موسى الصدر، مؤسس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، ويحاكي في الوقت عينه رؤية الدولة الفرنسية بوجوب تطوير نظام الحكم في لبنان وقد عبر عن هذا الموقف بوضوح الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون خلال لقائة قادة الأحزاب اللبنانية في قصر الصنوبر …..


موقف جريء في توقيت دقيق من تاريخ لبنان حيث تحاول بعض القوى السياسية الطائفية تأبيد الطبيعة الطائفية للنظام السياسي اللبناني في وقت يتأكد يوماً بعد يوم موت هذه الصيغة وانهيار الأسس الفكرية والمادية للنظام الطائفي وأحزابه في لبنان.

 

 الامام السيد موسى الصدر 

وفي إستعادة لمواقف السيد الصدر في هذا المجال فقد اعتبر “أنّ هناك خللاً عميقا في بناء الدولة اللبنانية  يتجلى في العلاقة بين المركز (الثري) والاطراف (المحرومة). من هنا كانت دعوة السيد موسى الصدر الى “دولة المواطنة” التي تلغي السقوف المتعددة للمواطنية وللمناطق بسبب بناء الدولة على الطوائفية السياسية التي اعتبرها العلّة التي ستحول مستقبلاً دون قيام الدولة الحقيقية، اي دولة المواطنة، حيث يتساوى المواطنون في الحقوق والواجبات ويتم استبعاد العامل الطائفي والسياسي عنها، اي فصل الطائفية عن الدولة وتعميق الطابع الايماني داخل الدولة باعتبار ان الاديان هي واحدة عندما نلتقي في الله ، وخدمة الانسان هي الطريق الى الله وان القاسم المشترك بين المسيحية والاسلام هو الانسان الذي هو هدف الوجود وبداية المجتمع، والغاية منه والمحرك للتاريخ. فالدولة اللبنانية في رؤيته دولة متدينة تستمد تشريعاتها من الاديان السماوية كما صرح بذلك الدستور الوطني، ولكن يجب ان يتم تعميق المواطنة عبر تحقيق المساواة الفعلية بين المواطنين والعدالة الاجتماعية .


ترك السيد موسى الصدر الكثير من المواقف والمبادرات. والكثير من المبادئ العامة التي توصل إلى الدولة الحاضنة لأبنائها جميعا، وإلى الوحدة الوطنية التي تلم شمل اللبنانيين جميعا، حيث  نظّر وعمل ودعا إلى ترميم الوحدة الوطنية الهشّة، وإلى تدعيم الدولة المترنحة من خلال جعلهما امتداداً عميقاً ومتساوياً في العقل والضمير والوجدان في ثلاثة اتجاهات متكاملة: 

  •  تحديد الهوية الوطنية وتشخيص من هو العدو والصديق من دول الجوار.
  • تعزيز الوحدة الإسلامية ـ الإسلامية داخل لبنان وخارجه.
  • عنايته بالعلاقات الإسلامية ـ المسيحية. و إقامة وحدة وطنية حقيقية. 
     

 لقد وضع الإمام الصدر في عام 1969 توصيفا لمعنى الوحدة الوطنية حيث قال: “إن الوحدة الوطنية لها معنى أعمق من توحيد المصالح أو واجب احترام الميثاق الوطني والأيمان بالعيش المشترك، الوحدة الوطنية في الحقيقة هي وحدة الأفكار والقلوب، إنها وحدة الأهداف ووحدة كل المواطنين في الأهداف والمعايير العامة لوجود الإنسان. هذه الوحدة هي وجود شعب والتأكد من استمرار الوطن”. واعتبر أنه لا يمكن خلاص لبنان الا من خلال تعزيز المواطنة على حساب الغاء الطائفية السياسية ومحاربة الاتجاهات العلمانية التي تزيد المجتمع شرخا وقد كان السيد موسى الصدر يطمح للوصول “دولة المواطنة” وهذه الدولة لها عدة مواصفات :

  • الدولة القوية والقادرة التي تحمي ابناءها عبر بناء جيش وطني قوي تابع للدولة وليس تابعا للطوائف وقادر على تحقيق وضمانة الوحدة الوطنية ،
  • الدولة العادلة تحقق العدالة الاجتماعية لجميع ابنائها. وترفع الظلم الحاصل علی المواطنین خاصه فی الاطراف مما یجعلهم غیر متمسکین بوطنهم.
  • الدولة التي تستعيد حيوية الطبقة المتوسطة والتي هي عنصر التوازن الاجتماعي. وتهتم بالشباب الاكثر تأثرا بمشاكل السكن والبطالة والطوائفية. 
  • الدولة التي تهتم فعلا بالمرأة وتشركها في القرار السياسي والاداري ومجلس النواب والحكومة وخارج استتباعها للثقافة الرجولية.
  • الدولة التي تواجه الفساد الاداري والسياسي. 
  • الاخذ بالقيم المدنية واعطاء الاولوية للحوار واسقاط لغة التحدي وتغليب فكرة المواطنة في وطن على فكرة المواطنة في طائفة.
  • محاربة الجهل والفقر والتخلف والظلم الاجتماعي والفساد الخلقي.
  • عدم التمییز بین المواطنین لا علی اساس دینی او مناطقي .

الشيخ الخطيب

وكان الشيخ الخطيب قد استقبل في مقر المجلس سفيرة فرنسا في لبنان آن غريو، في حضور الأمين العام للمجلس نزيه جمول، وقدمت التعازي برحيل الامام الشيخ عبد الامير قبلان باسم الحكومة الفرنسية، وجرى التباحث في تطورات الاوضاع في لبنان والمنطقة.

الخطيب
ورحب الشيخ الخطيب بالسفيرة الفرنسية شاكرا” مواساتها ومواساة الحكومة الفرنسية”، املا “ان يستمر التعاون اللبناني الفرنسي المشترك، لما فيه مصلحة البلدين والشعبين الصديقين، ولا سيما ان لبنان يتمتع باطيب العلاقات مع فرنسا”، موجها الشكر الى فرنسا (شعبا ورئيسا و حكومة) على جهودها ب”دعم لبنان والتي اسهمت في ولادة حكومة جديدة”، متمنيا “ان تستمر هذه الجهود في المرحلة المقبلة بما يسهم في خروج لبنان من ازماته”.

واكد الخطيب “حرص المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى منذ تأسيسه على دعم مشروع الدولة والنهوض بمؤسساتها خدمة للمواطن المحروم، وانماء كل المناطق اللبنانية، ونحن على عهد الامام السيد موسى الصدر والامام الشيخ عبد الامير قبلان، في دعم مشروع بناء الدولة العادلة التي تنصف مواطنيها، ولا تفرق بين منطقة واخرى”، مؤكدا اننا “نعمل ونريد ان يندمج لبنان في محيطه العربي والاسلامي، بما ينعكس تعاونا مع الدول العربية والاسلامية المطالبة بالوقوف مع لبنان في ازماته، ولا سيما ان وطننا يحتاج الى تعاون مشترك مع الشقيقة سوريا ومع كل الدول الصديقة والشقيقة التي تريد مساعدة لبنان ومصلحة لبنان دولة وشعبا وايجاد علاقات وثيقة طبيعية مع سوريا وكل اصدقاء لبنان”.

واشار الى ان منشأ كل مشاكلنا في لبنان ،الكيان الغاصب الذي توالت اعتداءاته على شعوب المنطقة، مما ادى الى خرابها وتشريد شعوبها ونشر الفوضى فيها، ولا يزال يهدد السلم والاستقرار فيها”، مؤكدا ان “المدخل لحلول السلام في المنطقة يكمن في دحر الاحتلال عن فلسطين، ولجم الغطرسة الصهيونية، واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف”.

واردف :” نطالب فرنسا بمساعدة اللبنانيين على الخروج من النظام الطائفي”، مشيرا الى “ضرورة استكمال تطبيق اتفاق الطائف من اجل تطمين اللبنانيين الخائفين والمتوجسين فيتم تشكيل مجلس للشيوخ واقرار قانون انتخاب خارج القيد الطائفي”، لافتا الى “عدم وجود اي مشكلة بين المواطنين والطوائف في لبنان، فالمشكلة في النظام الطائفي والتدخلات الاجنبية في الشؤون الداخلية”.

ورأى “ان المقاومة حررت الارض من الاحتلال الاسرائيلي، وحققت الارضية للنمو الاقتصادي والاستقرار الامني، الذي يشكل ضرورة للانتعاش الاقتصادي، فالمقاومة ليست مسؤولة عن التدهور الاقتصادي والفشل في ادارة الدولة، ولم يقم المجتمع الدولي بردع العدوان الاسرائيلي، ولم يطبق مجلس الامن الدولي القرار 425 القاضي باندحار الاحتلال الاسرائيلي عن لبنان، لذلك فاننا نرى ان المقاومة مهدت الطريق لتحقيق الازدهار والنمو الاقتصادي الى لبنان، فيما ساهم كثيرون في الانهيار الاقتصادي والتدهور المعيشي، وحاولوا تأليب اللبنانيين على المقاومة، لكنهم فشلوا واثبتت المقاومة انها حريصة على استقرار لبنان والنهوض باقتصاده”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى