رأي

مهمة لودريان الوصائية تقاطعية :التموضع المستحيل بين التطبيع والتحرير (علي يوسف)

 

كتب علي يوسف – الحوار نيوز

 

هل تكبد المبعوث الفرنسي لودريان المجيء الى لبنان ليقول إن الحل في انتخاب رئيس الجمهورية ومن ثم تشكيل الحكومة ومن ثم  “الانقاذ بيد اللبنانيين”؟ وهل فعلا تحمّل  المسؤولون اللبنانيون كل توتر الانتظار ليسمعوا منه هذه النصيحة ؟  

اذا كان لابد من قول الحقيقة فإن لودريان يسعى كما العادة الى تجاوز الازمة الحالية  بطريقة الوصاية، و بتجاوزها المؤقت من دون حلول فعلية وهي مهمة شبه مستحيلة حاليا، لأن الأزمة بنيوية ،وهي نتيجة وجود دولة تقاطع وليس دولة وطن وهي دولة تهتز توازناتها وتتحول الى ازمات واحيانا حروب باهتزازات توازنات الاقليم ….

والعمق الحقيقي للازمة الراهنة يتجاوزالطرق التقليدية ،فليس هناك  تسويات دولية اقليمية  قريبة تفرض حلولا …ومرحلة التغيرات الكبرى التي تتعلق بتعدد الاقطاب تجعل “التسويات الداخلية” التقاطعية المفروضة بوصاية التسويات الخارجية التي تعوّد عليها اللبنانيون  بعيدة المنال حاليا..

فلا مهمة لودريان القاضية برئيس جمهورية من هذا الفريق ورئيس حكومة من الفريق الآخر كحل تقاطعي مؤقت لتجاوز الازمة ممكنة او بالأحرى ناجعة اذا تمت .. كما ان الحديث عن التحاور للاتفاق على الرئيس والحكومة  يصب في نفس الاتجاه ولا يرتقي  الى مواجهة حقيقية للازمة وايجاد حلول بنيوية لها  … وبالتالي فإن المهمة – النصيحة للموفد لودريان واجماع الحديث اللبناني على الحوارنتيجة العجزعن الانتخابات بصورتيها شكلا ومضمونا وعلاقتهما بمستقبل القدرة على الحكم في لبنان ،هما في الحقيقة اختباء  وراء الوهم ، ليبقى التدخل الفرنسي بمثابة محافظة شكلية على دور الوصاية التاريخي ،ولو من دون نتيجة، ولتبقى المواقف اللبنانية ايجابية كذبا وتحت سقف سيادة غير موجودة ،ولو بالحد الادنى ، ودولة منحلة لا ترتقي للحصول على رتبة وطن ….

 اننا اليوم امام استحقاق يحكمه شعاران :

-الاول رفض وجود رئيس موال لمحور الممانعة ..اي بصريح المعنى رفض رئيس معاد لإسرائيل ولمشروع الهيمنة الأميركية، مع ما يعني ذلك من قبول التطبيع  والانضمام الى محوره ،وما يعنيه ذلك سياسيا واقتصاديا وارتباطا بوصاية صندوق النقد الدولي ..

– والثاني رفض رئيس  يمكن بأي حال من الاحوال ان يطعن  المقاومة في ظهرها  .. اي بصريح المعنى رفض رئيس غير معاد لإسرائيل وللهيمنة الأميركية، مع ثغرة هنا  تتمثل في عدم وجود موقف واضح في رفض الاتجاه غربا ونحو صندوق النقد الدولي من  جانب المقاومة  في ما يشكل تعارضا بين  توجهين ،وان كان ذلك يبدو بمثابة محاولة لعدم الغاء  فرص حوار هي  من باب النوايا الحسنة  التي اعتقد انها غير مجدية في الواقع والمعطيات الحالية …

ان مسافة الازمة الحقيقية الحالية في لبنان هي بين التطبيع مع العدو الاسرائيلي وبين التحرير للاراضي المحتلة ،بما فيها اللبنانية وفلسطين، وهي  بالتالي في التموضع المستقبلي للبنان انطلاقا من خلاف جذري حول الامن القومي الذي لا ينفع معه الشعار القديم “صلة الوصل بين الشرق والغرب”، فلا امكان هنا لصلة وصل بين الكيان الاسرائيلي الغاصب وبين  آخرين .. وصلة الوصل مع الكيان هي تطبيع وتموضع في مقام العدو  لمشروع تحرير الارض اللبنانية التي مازالت محتلة وتحرير فلسطين وتحرير العالم العربي والاقليم من اداة الغزو والسيطرة والفتن  المتمثلة بالكيان الغاصب والذي لن تعرف المنطقة استقرارا وتنمية قبل الخلاص منه …

 اننا امام ازمة تاريخية ترتبط معالجتها بحوار ليس حول انتخاب رئيس جمهورية واختيار رئيس حكومة وتقاسم الموقعين  بين الفريقين المتواجهين كما جرت العادة، لأن حلاً مؤقتاً كهذا في حال حصوله  يعني انه حل مؤقت وعاجز عن توفير سلطة قادرة على الحكم وعلى ايجاد  تموضع يبني وطنا و يحقق الانقاذ السياسي والاقتصادي ،ويبني دولة مؤسسات وقانون ويحقق التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية..

اننا امام استحقاق حوار حول  الامن القومي وتموضع لبنان وما ينتج عن ذلك من نظام سياسي واقتصادي واجتماعي بالمعاني الواسعة لهذه التعرفات وملحقاتها ….

والسؤال الأهم الحقيقي هل ستنتظر الاطراف اللبنانية حتى حسم اتجاهات توازن القوى دوليا واقليميا  للخضوع لمعطياتها ، لايجاد الحلول وتستمر في التعاطي مع الاوضاع بمفهوم الوقت الضائع  ،والتعاطي بإيجابية  مع  “مبادرات الوصاية “، ام سنكون مضطرين الى مايشبه ٧ ايار جديد وإن بوسائل وتوزع قوى مختلفة للاسراع في الوصول الى حلول بالكسر،لأن  الاوضاع لم تعد تحتمل الرومانسيات والمناورات  ..

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى