رأيسياسةمحليات لبنانية

“منادمة عن بُعد” بين حسن الخليل وأحمد عياش

 

 الحوار نيوز – خاص

الصديقان الدكتور حسن الخليل والدكتور أحمد عياش على قلب واحد في السياسة ،لكن وجهات النظر تختلف أحيانا ،إنما لا تفسد في الود قضية .اليوم تنادما كلاميا “عن بُعد” في الشأن العام في رسالتين يحار القراء فيهما، أيهما على حق في وجهة نظره .

“الحوار نيوز” تثبت الرسالتين كما وردتا إليها:

 

رسالة الخليل

 

صديقي د. احمد عياش:

 

متى نتوقف عن المكابرة. نعرف الحقائق ونتنكر لها.

متى نعترف اننا كنا موهومين، واليوم مهزومين.

نحن وامثالنا  يا احمد، يعادينا من يعتبرنا وازلامه، تهديدا لهم. لماذا؟ لانهم يعرفون اننا لم ولن نبايعهم. يرعبهم، مع كل سلاحهم وزعرانهم،  فكرنا وقلمنا وشخصيتنا وجرأتنا. لكن لا يناصرنا من ننتصر لهم، بل يتنكرون لنا. حتى بعض ارحامنا يتجنبوننا خجلا. لكن لا نأسف. بل نزعل عليهم من جبنهم.

 

مع الاشرار الداخل اللبناني..

والغرب الخارجي معهم.

والا كيف يحولون اموالهم من الداخل، وكيف لا يجمد حساب واحد لهم في الخارج ؟

نعرف ونتوهم، ونرفع الصوت.. وننهزم..

 

نحن لدينا زعماء مافيات اشرس من الذين نشاهدهم في الأفلام.

العالم معهم. فلماذا سيخلصوننا منهم.

على العكس هم ادواتهم.

عندنا مأزق عميق،

ومعادلة داخلية معقدة.

اي دعوة او فعل لتدخل خارجي، سيفسره البعض مؤامرة عليهم لتطويقهم. وقد يكون هذا صحيحا. لكن هذه “الفوبيا” تزيد من ابتزاز العصابة الصدامية.

 

هؤلاء، زعماء الميليشيات، كما زعماء القبائل في زمن الجاهلية والفتوحات، يعتبرون انفسهم غزاة، ربحوا الغزوة، ويحق لهم توزيع الغنائم والاسرى والسبايا.

الغنائم هي الدولة، والاسرى والسبايا هم الشعب.

كذلك فعلوا كأمراء حرب. كل منهم يحكم امارته.

هم ايضا اعتمدوا المفهوم الذي يعتبر الأرض لمن ربحها، لا لمن عاش عليها. زعماء احزاب وحركات وتيارات مزيفة، صنعوها لانفسهم، ومحازبين، يعتبرون انهم أحق بالدولة، ولو انهم  زرعوها فسادا وجورا وظلما.

 

طبعا نود لو نقاضي غدا رؤساء وزعماء ووزراء ونواب وقضاة ومديرين ومحطات تلفزيونية وصحافيين. لكن كيف ذلك، ولا من وسيلة. القضاء فاسد، والعدالة مفقودة. هم المحكمة، ولا محاكم، وهم مجلس نواب المحاسبة. هم الحكومة والسلطة. وهم الأمن والميليشيات. هم ايضا إن احدا تجرأ، زعران الشوارع.

 

نود لو نحمل سلاحا كي نطردهم من الهيكل.

 لكن من يضمن ان حملنا سلاحا، ونادينا مناصرين، الا يفعلوا بنا كما فعل انصار الحسين معه. انت تعرف يا احمد انه لم يعد من يقرأ، ولا من يعي او يستوعب. ساد الجهل مصطحبا  الحقد، ومتأبطا العنصرية وطغت الكراهية…

وفي مقابلنا كل من ازلام الاشرار، كالشمر، ويزيد..

نعم يا عزيزي. لا نصرة من الخارج ولا من الداخل.

هناك طرف داخلي وحيد قادر ان يقلب الطاولة. تاملنا به… وإذ…

 في بعض خطابه، يذكر الزعماء الذين، حسب وصفه، يعيشون في بروج عاجية. لكنه دوما يقترح حكومة وحدة وطنية منهم.

في الانتخابات يقرر انجاح الفاسدين الطغاة، ويأمر، او حتى يكلف شرعا المحازبين والانصار بإنجاح “الحلفاء الفاسدين” ، على حساب امثالنا. ومع ذلك يستكثرون الاعتذار سرا، او خجلا.. كيف ذلك، وهم مقتنعون بصوابية قراراتهم..ولا يأبهون. ساعة يستشهدون بعلي مع عثمان، وساعة يبكون الحسين مع يزيد، وهيهات منا الذلة….

ونحن نحتار…

من يكون المهزومين إذن؟ نحن ام الأشرار؟

 

لم يعد يا احمد، من فرج الا بتسوية كونية، او فرج من الكون …

 

عذرا.. لكن هذا هو واقع الامر.

قلها أنني موهوم، قلها أنني مهزوم، مش مهم..

يا عزيزي احمد، من هو مثلي ومثلك مقهور، ولا نخجل. اقله لسنا جبناء، ولا مستسلمين. الأبطال ايضا يقهرون او يهزمون…الى حين..

واغلب الانبياء والفلاسفة والعقلاء والعلماء، يموتون مقهورين. فكيف ببسطاء مثلي ومثلك…

لكن قدرنا ان نسعى.. ونسعى. هكذا هو القدر او ما امرنا به، ولا نستطيع عجزا الا ان نستمر… ليس لأننا سنغير القدر، بل كي نجعل معنى لحياتنا، وكي لا نشعر اننا بهائم كما يعامل بعض الزعماء انصارهم…

 

“وتلك الايام نداولها بين الناس” ..

“لكم دينكم ولي دين”

هكذا  هو قدرنا يا احمد،

لهم ادغالهم ووحوشهم في لبنانهم… ولنا ما تبقى من الانسان في لبناننا… ولو بالفكر والتامل…

اغمض عينيك يا احمد، وغط اذنيك… انها الطريقة الوحيدة المتبقية لنا كي نرى جمالا، ونسمع بالفؤاد.. وجدانيا..

واحفظ رسالتي هذه…  حتى يأتيك حين من الدهر.

 

صديقك

حسن أحمد خليل

 

 

 عياش يرد

 

صديقي المرهف و الباحث عن النجاة

السيد حسن خليل…

 

قرأت رسالتكم وعرفت مدى عمق الخيبة التي تشعرون بها . عزيزي لا داع للحيرة امام هول الفاجعة فلم يبق في العمر الا يومين و رغيفين .

بيننا وبين الاشرار مسافات اخلاقية وكثير من الرأسمال الحرام.

قطعت الناس الطرقات فازدادوا ظلما.

تظاهرت الناس بالساحات فتوحدوا كدولة مالية عميقة فيما بينهم وازدادوا مكرا.

صرخت الناس .

كان صمتهم كخبثهم اقوى من كل ضجيج.

ايقنت الناس باللاجدوى فاستسلمت لاقدارها .

احيانا تأخذ الهزيمة اشكالا هزلية ومضحكة وتأخذ اشكال نكات وانتقام من الذات وتأخذ اشكالا غريبة في السلوك كالتصفيق للانذال.

اعلم يا صديقي ان الحق ليس طريقا للانتصار وان التمسك بالدليل ليس طريقا للعدالة.

وحدها القوة تؤدي للانتصار، ووحده الخبث المنظّم يؤدي الى السلطة ووحدها الدولة المالية العميقة توزع الثروات والسبايا والغنائم.

اضاعوا الطريق عندما اعمتهم الدنيا.

خذلوا انفسهم قبل ان يخذلوا جماهيرهم يوم رضوا لانفسهم مهمة مقاتلة الوكلاء قبل العدو الاصيل.

العدو الاصيل يختبىء في صالة المرايا،ترى صورته في الوكلاء في كل المرايا الا في المكان الصح.

الذين افلسوا الدولة عبر الفساد وعن سابق تصور وتصميم ، والذين لم يستمعوا الى مناشدات والى تحذيرات الشرفاء واصرّوا على اعادة انتاج الشخصيات نفسها التي واكبت الافلاس لتقود مرحلة النجاة الوهمية ،لا يختلفون عن بعضهم البعض كثيرا فالاول متآمر والثاني ساذج.

لو كنت اعلم يا عزيزي ان الهزيمة ستعيدني الى طفولتي والى اشيائي العتيقة والى اوهامي اللطيفة لأعلنت هزيمتي قبل ذلك بكثير.

العزلة والانهزام افضل من الانتصار مع اصحاب الرأسمال الحرام.

انظر اليهم،كوادر امنية وعسكرية منذ زمن الحرب الاهلية، وانظر اكثر ،كوادر رأسمال الحرام منذ الحرب وفي السلم.

الماء والنفط والغاز ليسوا لأحد من الشهداء ومن الجرحى ومن البؤساء. انهم وديعة الخبثاء يستفيدون منها كمالٍ حرام كيفما اتفق، اما نحن فدورنا ان نشقى وان نحتج  وان نتألم وان نكتب وان نشاهد وان نموت.

قبل ان اسدل الستارة على المسرح ما زلت مؤمنا ان هناك دربا لا بدّ منها:

مئة فارس ملثم وشجاع.

مئة فارس ملثم وشجاع يعلنون حالة الطوارىء بمنع الانذال من التجول وكل من يطلّ برأسه ،تسحقه الاقدام.

الخوارج والقرامطة والحشاشون لم يكونوا الا ردة فعل على انسداد الافاق.

ربما اخطأوا التعبير.

ربما لم يقصدوا ما كتبه الرواة عنهم.

ربما لانهم هزموا قالوا فيهم ما ارادوا.

انما، انما ما كانوا الا ردة فعل على انسداد افاق.

د.احمد عياش.

 

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى