سياسةصحفمحليات لبنانية

قمّة سمرقند لمنظمة شنغهاي: لماذا غياب العراق؟(جواد الهنداوي)

 

د.جواد الهنداوي – الحوارنيوز خاص

                                      

انعقدت القمة ، بتاريخ ٢٠٢٢/٩/١٦ ، في مدينة سمرقند في جمهورية اوزباكستان ،بحضور رؤساء الدول الاعضاء ،روسيا والصين والهند وكازاخستان وباكستان و اوزباكستان وقيريرغستان و طاجيكستان وايران التي اكتسبت صفة العضويّة بحضورها هذا المؤتمر .

إضافة الى الدول الاعضاء ،حضرها ايضاً قادة الدول ،التي لها صفة مراقب ، وهي جمهورية بيلاروسيا  ومنغوليا ،كذلك قادة الدول المدعّوة ،وهي تركيا ، واذربيجان ، وتركمانستان ، والتي تشارك بصفة شريك حوار .

وتقدّمت مصر والسعودية و قطر بطلبات للانضمام الى المنظمة بصفة ” شريك حوار ” ، على امل اكتساب صفة العضوية.

في ما تقدّم ،تعّمدتُ في تبيان الدول الاعضاء و الدول المشاركة بصفة شريك حوار ، والدول التي تقدمّت بطلب للانضمام بصفة شريك حوار ،وهي ثلاث دول عربية : مصر و السعودية و قطر . وقد أخصّ الرئيس بوتين بالتعبير عن سروره و ترحيبه برغبات وبطلبات الدول العربيّة ، وعبّر عن امله بانضمام دول عربيّة اخرى ، فلماذا  تعّمدتُ في ذكر ذلك ؟

كي أُبيّن لاصحاب القرار في العراق بعض الملاحظات ، التي تساهم في تبرير انضمام العراق لهذه المنظمة:

 اولاً : تضّمُ المنظمة الآن نصف سكان الكرة الارضيّة ، ودولتيّن من الاعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الامن ، ودول اقليمية ذات وزن سياسي  واقتصادي وعسكري مهم ( ايران والهند وقريباً تركيا ) ، وستكتسب العضوية ،في السنوات القادمة ثلاث دول عربية مهمة سياسياً واقتصادياً ( السعودية و مصر  وقطر ) .

ثانياً: المنظمة ذات خارطة جغرافية  وسياسيّة و اقتصادية آسيوّية ، ومن اهدافها الاستراتيجية أمن و تنميّة الدول الاسيوية والدول النامية بشكل عام .

ثالثاً : تسعى المنظمة الى خلق تكامل اقتصادي بين الدول الاعضاء ، وخاصة في مجال الطاقة ونقلها ، وفي مجال توظيف وحماية الممرات المائية الدولية ، وفي مجال استخدام العملات الوطنية في التبادل التجاري والاقتصادي بين الدول المنتميّة الى المنطمة . تسعى ايضاً الى حماية الدول الاعضاء من تبعات و اثار العقوبات الامريكية غير القانونية المفروضة على بعض اعضاء المنظمة ،وتسعى الى نظام سياسي  واقتصادي عالمي قائم على تعددّية القطبية ، وليس على أحاديّة القطبيّة .

رابعاً : اجتماعات و لقاءات اعضاء المنظمة ،وعلى مختلف المستويات ، وخاصة قمم المنظمة السنوية ، والتي بلغت ٢٢ قّمة ، هي مناسبات للقاءات ثنائية بين الدول الاعضاء والدول المشاركة والمدّعوة ، تُبذل خلالها جهود وتُطرح افكار لحل المشاكل والخلافات وتعزيز الروابط والعلاقات وحماية المصالح .

 على سبيل المثال ،تردّدت انباء عن حضور متوقّع للرئيس بشار الاسد في القمة ، وعن لقاء بينه وبين رئيس الوزراء التركي اوردغان ،  ونَشرت صحيفة تركيّة مُقربة من حزب العدالة التركي ،تصريحا لاحد اعضاء الحزب ، بانه سمعَ ، خلال اجتماع لقيادة الحزب و بحضور السيد اوردغان ، قبيل انعقاد قمّة سمرقند، قولاً للسيد اوردغان ، باستعداده للقاء الرئيس الاسد في قمّة سمرقند، ولكن ، حسب قول اوردغان ، الاسد لن يحضر القمّة .

 على ضوء ما وردَ اعلاه ،من الحق التساؤل عن تردّد العراق و تاخرّه بالانضمام الى منظمة شنغهاي ؟

وتجدر الاشارة إلى أنني ، وخلال رئاستي لدائرة آسيا في وزارة الخارجية خلال الاعوام ٢٠٠٦- ٢٠٠٩ ، قدمّتُ مقترحاً خطياً ،ادعو فيه الى انضمام العراق لهذه المنظمة . وكررتُ دعوتي ايضاً ،خلال اعوام ٢٠١٣ – ٢٠١٥ حين ترؤسي ذات الدائرة . واغتنم الفرصة ،  الآن ، لأدعو مجدداً الى ضرورة انضمام العراق لمنظمة شنغهاي. العراق يحتل موقعاً جغرافياً  وسياسياً و اقتصادياً مهماً في آسيا . والعراق معني اكثر من غيره بالاهداف الاستراتيجية للمنظمة وهي الأمن والتنمية ، و العراق يفتقر لكلاهما ، او بحاجة لكلاهما .

ليس من المصلحة السياسيّة والاعتباريّة والاقتصادية للعراق ان يتخلف عن الانضمام الى هذه المنظمة ، والتي تضّم الكبار والموعودين في المستقبل كالصين وكالهند و غيرهما .

يمكن للعراق ان ينال مكانا ومكانة في هذه المنظمة . فالعراق بلد الطاقة  والاحتياط النفطي وبلد الموارد البشريّة ايضاً ، وساحة خصبة للاستثمار وللتعاون ، وبحاجة ماسّة الى الامن  والاستقرار والحصانة من التدخلات الخارجية. والمنظمة ، في قمتها ال ٢٢ ، اعلنت صراحة، وعلى لسان الرئيس الصيني ،بانّ المنظمة ستسعى الى حماية الدول الاعضاء و الدول النامية من التدخلات الخارجية ومن ” الثورات الملّونة “. واضاف الرئيس بوتين على ماذكره الرئيس الصيني، بأنّ المنظمة ستسعى  الى تنمية الدول الاعضاء والدول الاخرى ، دون منّة و دون أنانيّة اقتصادية.

 اعتقدُ أن الطلب الذي تقدّمت به كلٌ من المملكة العربية السعودية و قطر ومصر للانضمام الى المنظمة سيشجعّ دولاً عربيّة اخرى لتقديم طلب مشاركتها في القمّة المقبلة ، ونتمنى ألا يتأخّر العراق  في البدء بإجراءات الانضمام. فالتحديات الدولية السياسيّة والاقتصادية تتسابق، للاسف مع الزمن ، وعلينا الحرص على الوقت والتنظيم والرؤية في مواجهتها،  والمشاركة الفعالّة في المنظمات الاقليمية  والدولية ( كمنطمة شنغهاي ) وهي (واقصد المشاركة) احدى وسائل المواجه .

سيكبر العراق  باشتراكه في المنظمة وستكبر المنظمة بإنضمام العراق إليها.

*سفير عراقي سابق ورئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات- بروكسل

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى