منوعات

قلق الوجود وسر الخلود

 

طالما" الأنا "موجودة ، طالما "الأنا" تؤمن بخلودها، من أجل ذلك بحث الانسان عن كل الوسائل والطرق ليثبت بقاءها.  حاول اكتشاف اكسير الحياة فلم ينجح، رفع "أناه" أهراما تناطح السحاب وحكى عبر اساطير تحاكي أوهامه وخياله على الصخور وعلى بردى النيل ، حنّط جثته و وعد نفسه بسفر اسطوري في اليوم الاربعين بعد ان اقنع حاله انه سيقوم في القبر في اليوم الثالث.

أدرك يأسه من تخليد" أناه" على الارض،نظر الأعلى، أعجبه الغيب، رفع "أناه" الى السماء، وزع "أناه"  بين كلّ قوى الطبيعة إذ به  يتعب من مشاهدتها تتناحر فيما بينها لكل واحدة منها جيش في الوهم و و وحوش في الخيال ، ادرك فصام شخصيته، انهكه السؤال، عاد وفي مهمة مستحيلة، جمع اشلاء"أناه" الممزقة في  إله واحد يُعبد وتُرجع اليه الامور، هدأ واستكان، ظنّ انه سيرتاح، الا ان في بعض الظنّ إثمٌا، ومن العار أن يرتاح، لم يرتاح، أضطرت "أناه" ان تُزين له الغيب بأن تُجمل له الموت، جعلت لموته ملائكة ثم رَشت لذّاته  بحور العين، رَشت عطشه بانهار من لبن ومن عسل، رَشت جوعه بثمر الهي و مائدة العشاء السرّي، ثمّ رفعت فُقر حاله درجات فوق درجات ولم تكتف بكل هذه المغريات بل انتقمت من اعداء "الأنا " بنار تتغذى بلهيب نارها وتتزين بصراخ المعذبين من الظالمين.

كل ما في الأمر ان "الانا" غيرمقتنعة بعدمها، بعبثية توترها وبقلق موتها .

ليس هناك من" أنا" تعترف بنهايتها فكل "أنا" صانعة لألوهيتها لتزين ديمومتها.

يُحكى ان ملكا عادلا يحتضر ،ناهز التسعين من عمره، قال الأطباء فيه، أنه ميت لا محالة،جاءته رعيته صفوفا صفوفا لتودعه وهو على فراش الموت لا يدري بما قاله الأطباء فيه، كلما دخل فوج من الناس اليه ، قبّلوا يده وبكوا، التفت الى وزيره وناداه ان يقترب ، انحنى الوزير ليسمع كلماته المتقطعة، سأله الملك:
-الى أين هم مسافرون ؟
يودعوني ويبكون، أسفرهم طويل الى هذا الحدّ أم انهم لا يدرون متى يرجعون؟

كل" أنا " آلهة وكل آلهة باقية طالما متعة الدهشة واللذة والجدوى شعلة شباب فيك لا تنطفىء في داخلك.
 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى