ثقافةفي مثل هذا اليوم

في مثل هذا اليوم: إغتيال الملك فيصل بن عبد العزبز ..آخر زعيم عربي يستخدم سلاح النفط في مواجهة إسرائيل والغرب

 

الحوار نيوز – خاص

في مثل هذا اليوم من العام 1975 إغتيل العاهل السعودي الملك فيصل بن عبد العزيز على يد إبن أخيه الأمير فيصل بن مساعد بن عبد العزيز.ويُسجل لهذا الملك أنه كان آخر زعيم عربي يستخدم سلاح النفط في مواجهة إسرائيل والغرب،وتردد أنه ذهب ضحية هذا القرار بتحريض أميركي.

هو فيصل بن عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود المولود في 14 نيسان /إبريل عام 1906 في مدينة الرياض.توفيت والدته بعد خمسة شهور من ولادته، وسمّاه والده الملك عبد العزيز بفيصل لأنه كان معجباً بجده الإمام فيصل بن تركي الذي كان شجاعاً وداهية، وصاحب عزيمة قوية، واستعاد المُلْك السعودي مرتين بعد ضياعه. تربى فيصل في بيت جديه لأمه الشيخ «عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ» و«هيا بنت عبد الرحمن آل مقبل»، حيث لقِي منهما اهتماماً كثيراً وغمروه بعطفهم وحنانهم، كما تلقّى على يديهما العلم الشرعي، فكان لذلك أثر ديني على شخصيته، وقد تعلم القراءة والكتابة وختم القرآن على يد الشيخ محمد بن مصيبيح قبل أن يبلغ العاشرة من عمره. كما أثر فيه والده عسكرياً وسياسيًا، واختاره والده ليمثله في المحافل الدولية في سن مبكرة.

 

هو ملكُ المملكة العربية السعودية الثالث، والحاكمُ السادس عشر من أسرةِ آل سعود، والابن الثالث من أبناء الملك عبد العزيز الذكور ، من زوجته الأميرة طُرفة بنت عبد الله بن عبد اللطيف ابن الشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ حسن آل الشيخ حفيد إمام الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب.

 

برز فيصل كسياسيٍ مؤثرٍ في عهد والده الملك عبد العزيز وشقيقه الملك سعود، حيث أدخله والده في مُعترك السياسة في سن مبكرة، وبَعَثه في مهامٍ دبلوماسية لأوروبا، وكلَّفه بقيادة القوات السعودية لتهدئة الوضع في عسير عام 1922، ثم عُيِّن نائباً لوالده على الحجاز عام 1926، وكان يومئذٍ في العشرين من عمره. كما عُيِّن في عام 1927  رئيسًا لمجلس الشورى السعودي، وبعدها في 19 ديسمبر 1930 صدر أمر ملكي بإنشاء وزارة الخارجية، وعُيِّنَ وزيراً للخارجية، وظل في هذا المنصب طوال مدة حكم والده، واستمر كذلك في المنصب تحت حكم أخيه الملك سعود، حيث بقيَ وزيراً للخارجية لسنوات طويلة. وفي 9  أكتوبر من عام 1953  أصدر والده الملك عبد العزيز أمرًا بتعيينه نائبًا لرئيس مجلس الوزراء، إضافةً لاستمراره في عمله وزيرًا للخارجية. وبعد وفاة والده تسلم أخوه الملك سعود الحكم، وعيَّنه وليًا للعهد ونائبًا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرًا للخارجية.

تولى فيصل بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 2 تشرين الثاني /نوفمبر 1964، بعد عزْل أخيه غير الشقيق الملك سعود عن الحكم بسبب أمراضه المتعددة. وبعد توليه الحكم، حقق الملك فيصل طفرة تنموية على أكثر من صعيد، ودافع عن القضية الفلسطينية، ورفض الاعتراف بإسرائيل، كما قرر مع عدة دول عربية حظر تصدير النفط للدول الداعمة لإسرائيل أثناء حرب أكتوبر. استمر حكمه حتى اغتياله في 12 ربيع الأول 1395 هـ، الموافق 25 آذار/ مارس 1975

السعودية ومصر في عهد فيصل

على الرغم من الخلافات بين فيصل بن عبد العزيز والرئيس المصري جمال عبد الناصربسبب حرب اليمن، إلا أن العلاقات الودية عادت بين الاثنين عندما زار الرئيس عبد الناصر جدة في 22 أغسطس 1965، وكان هدف الزيارة حل الخلاف بين السعودية ومصر حول القضية اليمنية، حيث وُقِّعَ في اليوم التالي اتفاق جدة لحل الأزمة اليمنية. بعد ذلك وفي حرب 1967 وعقد مؤتمر القمة العربية في الخرطوم تعهد فيصل بن عبد العزيز بتقديم معونات مالية سنوية لمصر حتى تزول آثار الحرب عنها.

توطدت العلاقات السعودية المصرية أكثر عندما زار فيصل مصر سبع مرات، ثلاث منها في عهد الرئيس عبد الناصر، كانت بدايتها في 8 سبتمبر 1965، وكانت هذه أول زيارة لفيصل بن عبد العزيز لمصر بعد توليه مقاليد الحكم، والتقى عبد الناصر في الإسكندرية. وكانت الزيارة الثانية في 18 ديسمبر 1969، حيث استقبله عبد  الناصر وبرفقته أنور السادات، وعقب الاستقبال الرسمي، رافقه لزيارة الأزهر الشريف، وكانت الزيارة في إطار الإعداد للقمة العربية الخامسة، وكانت الزيارة الثالثة في سبتمبر 1970، حيث زار الملك فيصل القاهرة لحضور مؤتمر القمة العربية الطارئ لبحث أحداث أيلول الأسود بين الأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية.

 

فيصل والنفط

منذ تولي فيصل بن عبد العزيز الحكم كان يعلن عن استعداد بلاده لاستعمال النفط كسلاح في معركة العرب مع إسرائيل. فقد أذاع راديو المملكة العربية السعودية في 28 مارس 1965 تصريحًا لفيصل بن عبد العزيز جاء فيه”إننا نعتبر قضية فلسطين قضيتنا وقضية العرب الأولى، وإن فلسطين بالنسبة لنا أغلى من البترول كسلاح في المعركة إذا دعت الضرورة لذلك، وإن الشعب الفلسطيني لا بد وأن يعود إلى وطنه حتى ولو كلفنا ذلك أرواحنا جميعا “.

عندما نشبت حرب 1967 واحتلت إسرائيل الأرض الفلسطينية كلها، وسيناء والجولان، وجزءا من لبنان، كانت هناك دعوات لقطع النفط وأخرى لاستمرار تدفقه مع استخدام جزء من عائداته لدعم الصمود العربي وتقوية الجيوش العربية لتحرير الأراضي العربية المحتلة. وقد حسم فيصل بن عبد العزيز هذا الأمر في مؤتمر قمة الخرطوم الذي عقد في أغسطس 1967 وتقرر فيه دفع مبلغ 135 مليون جنيه إسترليني سنويًا، التزمت المملكة العربية السعودية بدفع مبلغ 50 مليون جنيه إسترليني منها. وظلت سياسة فيصل بن عبد العزيز ثابتة منذ حرب 1967 حتى حرب أكتوبر 1973 تجاه مسألة الاستخدام الإيجابي للنفط في تنفيذ التزاماته بدعم دول الصمود من عائدات النفط.

عندما نشبت حرب أكتوبر 1973 تطور موقف السعودية باتجاه استخدام النفط في المعركة بصورة أكثر تأثيرا في الدول المستهلكة للنفط، حيث بدأت المملكة بتقليص إنتاج النفط إلى 10%، بالإضافة إلى هذه الخطوة صرح وزير النفط السعودي للولايات المتحدة أن السعودية لن تزيد إنتاجها الحالي من النفط، ما لَمْ تبدَّلَ واشنطن موقفها المؤيد لإسرائيل. وأشارت صحيفة “واشنطن بوست” التي نشرت الخبر إلى أن هذه هي أول مرة تربط فيها السعودية علنًا بين تصدير نفطها إلى الولايات المتحدة وبين سياسة واشنطن في الشرق الأوسط. وكانت لافتات “لا غاز” مشهدًا مألوفًا في الولايات المتحدة خلال خريف عام 1973.

بدأت أزمة حظر النفط بشكل فعلي في 15 أكتوبر 1973، عندما قرر أعضاء منظمة الدول العربية المصدرة للبترول “أوبك” بالإضافة إلى مصر وسوريا، بإعلان حظر نفطي “لدفع الدول الغربية لإجبار إسرائيل على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة في حرب 1967 “. أعلنت أوبك أنها ستوقف إمدادات النفط إلى الولايات المتحدة والبلدان التي تؤيد إسرائيل في صراعها مع سوريا ومصر، وأنها ستستخدم نفوذها على آلية ضبط أسعار النفط في أنحاء العالم من أجل رفع أسعار النفط، بعد فشل المفاوضات مع شركات النفط العظمى التي أطلق عليها “الأخوات السبع” .

 قررت أوبك خفض الإنتاج من النفط، وفرضت حظرًا على شحنات من النفط إلى الغرب، الولايات المتحدة وهولندا تحديدًا، حيث قامتهذه الأخيرة بتزويد إسرائيل بالأسلحة وسمحت للأميركيين باستخدام المطارات الهولندية لإمداد ودعم إسرائيل. ونتيجة لذلك فإن سعر النفط ارتفع بشكل كبير على الفور، ومع وقوع النظام المالي العالمي بالفعل تحت ضغط من انهيار اتفاق بريتون وودز، أدى ذلك إلى سلسلة طويلة من الركود وارتفاع معدلات التضخم. وفي إطار التحضير لحرب أكتوبر، اجتمع فيصل بن عبد العزيز وأنور السادات في الرياض سراً، في مباحثات للتوصل إلى اتفاق بموجبه يستخدم العرب «سلاح النفط» كجزء من الصراع العسكري القادم.

إغتيال فيصل

في صباح يوم الثلاثاء 25 مارس 1975، كان فيصل بن عبد العزيز يستقبل زواره بمقر رئاسة الوزراء بالرياض، وكان في غرفة الانتظار وزير النفط الكويتي عبد المطلب الكاظمي، ومعه وزير البترول السعودي أحمد زكي يماني. ووصل في هذه الأثناء الأمير فيصل بن مساعد بن عبد العزيز، ابن أخ الملك فيصل، طالباً الدخول للسلام على عمه. وعندما هم الوزيران بالدخول على فيصل، دخل معهما ابن أخيه فيصل بن مساعد . وعندما هم فيصل بن عبد العزيز بالوقوف له لاستقباله، كعادته مع الداخلين عليه للسلام، أخرج فيصل بن مساعد مسدساً كان يخفيه في ثيابه، وأطلق منه ثلاث طَلَقَات، أصابت فيصل بن عبد العزيز في مقتل في رأسه. ونقل على وجه السرعة إلى المستشفى المركزي بالرياض، ولكنه توفي من ساعته، عن عمر ناهز 69 عاما.

لم يتأكد الدافع الحقيقي والمعلن وراء حادثة الاغتيال، لكن تردد أن ذلك تم بتحريض من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بسبب سياسة حظر تصدير البترول التي انتهجها  في حرب أكتوبر 1973، وهناك من زعم أيضًا أن القتل كان بدافع الانتقام لأخيه الأمير خالد بن مساعد بن عبد العزيز آل سعود الذي قتل في منزله على يد قوات الأمن السعودية في فترة تولي فيصل بن عبد العزيز للحكم.

إلا أن الأمير تركي الفيصل رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق، ذكر في تصريح له في برنامج تلفزيوني “إنه كُلف من قبل الملك خالد بن عبد العزيز، بالمشاركة في تحقيق مقتل والده فيصل بن عبد العزيز، وأجرى اتصالات بكافة المصادر المتاحة داخلياً وخارجياً في ذلك الوقت”.

 وأضاف “أن الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية، وعمر شمس مدير المخابرات في ذلك الوقت، شاركا في التحقيق، وجرى الاتصال بالأجهزة الأجنبية، التي كان لها علاقة بالسعودية، وبعد البحث والتحقيق لمدة شهرين من التحريات داخلياً وخارجياً، تم التوصل إلى أن اغتيال فيصل بن عبد العزيز كان عملاً فردياً، وليس لأي جهة أجنبية صلة بهذا الاغتيال. أما القاتل فقد قبض عليه، وأودع السجن. وبعد التحقيق معه نفذ فيه حكم القصاص قتلاً بالسيف في مدينة الرياض، بعد اثنين وثمانين يوماً، يوم الأربعاء 18 حزيران/يونيو 5197.

وهذا آخر خطاب للملك فيصل قبل اغتياله:

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى