سياسةمحليات لبنانية

عندما يطفئ الرؤساء محركاتهم!

 

حكمت عبيد – الحوارنيوز خاص
قبل أيام أطفأ الرئيس نبيه بري محركاته وأوقف بالتالي إتصالاته للتقريب بين وجهات النظر المتباعدة الى حد التناقض في ما يتعلق بتولي الرئيس سعد الحريري رئاسة الحكومة المقبلة.
وأمس أعلن الرئيس الحريري أنه غير مرشح لرئاسة الحكومة.
ويسود إنطباع بأن الرئيس العماد ميشال عون مصمم على تفعيل محركاته بإتجاه واحد، في بلد تعددي!
ماذا يعني أن يطفيء الرؤساء محركاتهم بطريقة أو بأخرى؟
بكل بساطة:
1- أن هذا النظام ميت ودخل مرحلة التحلل.
2- أن هذه الطبقة لم تعد قادرة على إعادة إنتاج نظامها البائد.
3- أن الصراع السياسي سيتجدد على هوية وصيغة النظام الوليد.
ويبقى السؤال:هل سيولد النظام بولادة طبيعية، أم ولادة قيصرية؟
ما خبرناه في لبنان البلد القائم "على مفترق طرق إقليمية" وهو محط أطماع تاريخية لدولة الإحتلال الإسرائيلي، بأن انتقال السلطة فيه لا يكون إلا من خلال الطرق السلمية – الديمقراطية.
وحسنا فعلت كتلة التنمية والتحرير برئاسة الرئيس نبيه بري بأن أقدمت على خطوة دستورية هامة ،وتقدمت بثلاثة اقتراحات قوانين من شأنها ولوج باب انتقال السلطة بالطرق الديموقراطية ،وبالتالي فتح باب تغيير النظام السياسي في لبنان من نظام ديموقراطي – طائفي مركب إلى نظام وطني ديموقراطي.
لقد تقدمت الكتلة بالإقتراحات التالية:
– اقتراح قانون لإنتخاب مجلس النواب خارج القيد الطائفي على ان يكون لبنان دائرة انتخابية واحدة ويعتمد النظام النسبي، وتضمن الإقتراح سلة إصلاحية هامة استجابت فيها الكتلة مع مطالب المنظمات الحقوقية والديموقراطية الإصلاحية كتخفيض سن الإقتراع وانشاء هيئة مستقلة للإشراف على الإنتخابات وضمان "كوتا" نسائية.
– إقتراح القانون الثاني وهو إقتراح مكمل للأول نص على إنشاء مجلس للشيوخ مناصفة بين المسلمين والمسيحين ،يمنح صلاحيات بالتشريع في كل ما يمس مقدمة الدستور وهواجس الطوائف أكانت أقلية أم أكثرية.
– أما الإقتراح الثالث فهو اقتراح تعديلات دستورية تتماشى مع الإقتراحين الأول والثاني.
أظهرت إحدى الدراسات بأنه في العام 2020 يقدر عدد الناخبين في لبنان بنحو 3860939 مقسمين على النحو التالي:  عدد الناخبين المسلمين يقدر بنحو 2499961 (65%) ويقدر عدد الناخبين المسيحيين بنحو 1360968(35%). وعليه من الغباء ألا تنخرط النخب اللبنانية بعامة والأحزاب المسيحية بخاصة في مشروع بناء الدولة الديموقراطية ومواكبة مشروع كتلة التنمية والتحرير، ولو جاء متأخرا، بدلا من أن تبقى أسيرة إمتيازات لم تعد تنتج غير المزيد من الهجرة وإختلال التوازن الشعبي وإنعدام قدرة الإتيان بنواب مسيحيين بأصوات مسيحية!
انقسم المسيحيون تاريخيا الى مجموعتين: مجموعة مؤمنة بإنتمائها العربي وانخرطت بوعي كامل في الأحزاب القومية واليسارية والعلمانية، ومجموعة كانت حاكمة بظلال الإمتيازات التي منحها إياها الإنتداب الفرنسي، وكان في ذلك يحافظ على مصالحه بالدرجة الأولى، وهذه المجموعة كونت لنفسها أحزابا يمينية متطرفة منغلقة مؤمنة بالشراكة ،لكن بما لا يمس الإمتيازات، ودافعت هذه الأحزاب وما زالت عن امتيازاتها، بقوة السلاح وبإستدراج الأجنبي متى اضطرت لذلك.
ولعل المشروع الإصلاحي لكتلة التنمية والتحرير فرصة اللبنانيين للخروج من مأزق الفراغ الذي سيعيشونه طويلا بالتزامن مع فترة التحلل.
وهذه القوانين فرصة للحراك الوطني الذي سيلعب دورا حاسما في إجبار القوى السياسية البرلمانية على إقرار القوانيين بفعل التحركات الشعبية السلمية.
حتى تتقدم كتلة التنمية والتحرير بمشاريعها "التغييرية" المشار اليها أعلاه ،يعني أن القناعة صارت مطلقة والتسليم لإرادة التغيير الديموقراطي لا مفر ولا مهرب منه، فهل ستتجاوب القوى المسيحية في معسكري 8 و 14 أم سنوقّع بأيدينا ورقة نعي الكيان؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى