رأي

تألم وقُبر وقُام وصعد ..وأقسم ألاّ يعود (نسيم الخوري)

 

بقلم البروفسور نسيم الخوري- الحوار نيوز

أبشّرك  يا أمّي:

1- صار لدينا دعايات على الإذاعات والتلفزيونات للسندويشات في لبنان “الميديا ستيت”، وبقلب كل سندويش نصف كيلو لحمة تقريباً كما قالوا، وبطاطا وخردل وخضرة “بس” ب 675000 ليرة ، يا بلاش! يعني صرنا شعب عم ناكل بعضنا البعض….ونشبع وقاعدين ناطرين الثورة والشحاذة. ما في أحلى من هيك. لبنان الأخضر…

2- جان إيف لودريان قاعد عندنا أكثر من  باريس. كلهم رايح جاي لعندو. مكتنز الوجع البعض بقولو عنو إنو عودة مكشوفة للإستعمار،والبعض بيعتبروا إنو حتى الفرانكوفونية استعمار واستحمار.

يا للأسف. تذكرتِ باريس مربط خيلنا؟ دعوتك إليها مرّتين.  

اجتمعوا في قصر الصنوبر بممثلي الدولة وممثلي الأحزاب وممثلي الثورة في لبنان وكلّهم من رحمٍ فاسدٍ واحد، وخرج معظمهم بعد اللقاءات بمواكب سيارات ضخمة سوداء معتّمة ولامعة ومرافقين وأسلحتهم مصوّبة من النوافذ علي أيّ ذبابةٍ تطير. ما قدرنا حتى بالمناظير نعرف الذاب الفرنسي من اللبناني.

وقعت الثورة ونفّست لأنّو الثورة المضادة أقوى بكثير، معهم ثروات وذهب وسرقات كثير كثير وأقاربنا والبشر من حولهم تعبوا وهم يعدوّن الثوار بالسين وبالثاء. كل يوم في سورة في لبنان مثل الفجل الأسود بالعتمة.

وعلى سيرة العتمة:

3- يذهب وزير ويفقّس وزيراً للكهرباء آخر بوجوه صفراء، وكأنهم من سلالات عتمة الغجر في شوادرهم نسيت أن أكتب إسماءهم، وطمأننا مذ ولدنا أننا ذاهبون إلى العتمة الشاملة كما عتمات الأرحام التي لن تصير مصابيح بيضاء معلّقة فوق الأبواب. كان سعيداً هذا الذي يضحك يبشّرنا  بوطن البشارة.  

بتتذكّري العتمة في القبر قبل ما تصعد روحك نهائيّاً إلى فوق؟

أكيد. هذا هو لبنان… عتمة قبور…

لبنان مع أحد الوزراء، عفواً الأوزار، نسيت إسمو عم بزلّطنا من فوق لتحت بعزّ البرد ، وصار قاعداَ تقريباً عالباب عم يجرّ الناس كما أكياس البطاطا وهم مشلولون لا أجساد لنا ولا أنفاس.

نعم يا أمي. الألسنة في لبنان تدور كما دواليب “اللوتو” تنطق بالأرض والشرف والتغيير والثورة. ألسنة ترغي في حقول من اللغات والسفارات والمبعوثين في العالم  لكنّها ألسنة بحاجةٍ لمن يبريها لتُصقل بشكل اليراع الحادّ أو السبابة الطويلة الظفر أو السيف البكر أو البندقية الحاذقة كي يفهم الناس معنى الوطن ويهبّون قنابل في وجوه عصابات الهولاكيين.

الحبر بحر رحب تقصده مياه الحريّة في الحضارات، لكن الكتابة بالحبر ماتت وصارت الأصابع كما السواقي الآسنة غريبة في توليد النصوص اللبنانية تعشق  القشور والمستنقعات الفاسدة وتزحف أمام  حفاة المتسلّطين على رموش أظافرها الطويلة.

أراني معتذراً وقد صرت أتمتم وأهدل مثل ذكور الحمام الجائع الضائع في الطرقات وفوق الشرفات وأقنية الكتابة وسطورها لا كما الآدميين في العالم. لنتحوّل نحو الصوت غير المفهوم إذن. لنتقيّأ ونهذي فور صعودنا إلى منبر أو شاشة بانتظار جائزة أقربها الموت فوراً وخنق كلمة الحبر.

في البدء كانت الكلمة أعني منذ 2023 سنة: كم تألمت وقبرت وقمت وصعدت من القبر إلى فوق لكنك وكأنك حلفت وغبت ألاّ تعود للشرق ولا لأي بقعةٍ من لبنان أو فلسطين.

*أستاذ مشرف في المعهد العالي للدكتوراه،عضو الهيئة العليا للإشراف على الإنتخابات النيابية

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى