حرب غزةسياسة

تشدد إسرائيلي يبدد أجواء التفاؤل بصفقة التبادل (حلمي موسى)

 

كتب حلمي موسى من غزة:

على الرغم من التفاؤل الذي أشاعته كل الأطراف المشاركة في قمة باريس الثانية لبحث صفقة التبادل ومراحل وقف إطلاق النار في غزة، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كما توقع كثيرون، أصر على إفساد هذا التفاؤل.

فقد نشرت الصحافة الإسرائيلية أن نتنياهو وبخ رئيس الوفد الى باريس رئيس السافاك ديدي بارنيع، معتبرا أنه لم يبد التشدد المطلوب أمام الأمريكيين والوسطاء. وإذا لم تكن هذه إشارة كافية فقد زاد نتنياهو الأمر تعقيدا بطلبه إن يتم إرسال محرري الصفقة من الفلسطينيين، إذا أبرمت الصفقة، إلى قطر. ونافس وزير المالية سموتريتش نتنياهو في التطرف بإعلانه أنه سيصوت ضد الصفقة ان كانت كما نشرتها وسائل الاعلام او شعر انها ستقود إلى انهاء الحرب.

وبحسب القناة 12 فإنه بعد عودة الوفد من باريس، طالب نتنياهو بترحيل المحررين “الثقيلين” الذين سيتم إطلاق سراحهم ضمن الصفقة إلى قطر. وعدا ذلك أعاد نتنياهو تقييد تفويض الوفد الذي سيذهب إلى قطر وحصره بـمناقشة القضايا الإنسانية فقط. ويتناقض هذا التقييد مع توقعات الإدارة الأمريكية التي ضغطت من أجل أن يحصل الوفد الإسرائيلي على تفويض واسع. وهذا ما حدا حتى ببعض المسئولين الإسرائيليين لاتهام نتنياهو بأنه “يحاول نسف الصفقة لاعتبارات حزبية”.

ولم يكتف نتنياهو بكل ما سبق بل أنه في مقابلة مع شبكة سي بي إس ، أعلن أن إسرائيل ستعمل في رفح، حتى لو كان هناك اتفاق. وقالت مصادر إسرائيلية تعلق على تفاصيل المفاوضات: “في هذا الوقت، وقبل رد حماس مباشرة، لا بد من الحفاظ على الغموض، فهذه التصريحات تخرج المفاوضات عن مسارها”. واتهمت هذه المصادر، وفق القناة 12، نتنياهو بأنه نظرا للظروف السياسية فإنه ” ليس مهتما حقا بالصفقة”. واتهموه ب”أنه يقوم بمناورات لنسف المفاوضات وسحب المطالب في اللحظة الأخيرة”. في الواقع، نتنياهو في وضع فريد في كابينت الحرب، حيث توجد “جبهة موحدة” وجميع أعضاء الكابينت، باستثناء نتنياهو تعتقد أن هناك حاجة إلى اتفاق في هذا الوقت.

من جانب آخر انتقد سموتريتش بشدة المفاوضات الجارية لإبرام صفقة تبادل، وانتقد نتنياهو بسبب الخطوط العريضة التي أعلنتها قمة باريس. وقال سموتريتش إن “المفاوضات تجري بطريقة وهمية”، وأن “الصفقة القادمة يجب أن تكون أفضل بالنسبة لنا سواء لعدد الإرهابيين أو لأيام الهدنة مقابل لكل مختطف. سأصوت ضد أي صفقة من هذا القبيل في الخطوط العريضة كما نشرت.” وأضاف: “تبين أن الوضع عبثي، نحن نتوسل ونضغط، بأي ثمن وهنا والآن، وحماس تجلس على الحياد، والواقع عكس ذلك تماما. المنطق يقتضي أن تكون الصفقة المقبلة على نحو أفضل، لأننا سحقنا حماس أكثر، وعلى السنوار الآن أن يجلس في جحره وهو يشعر بالاستسلام والانكسار”.

ولم يكتف سموتريتش بذلك بل قال: “انظر إلى مقدار الغضب الذي أشعلته الأسبوع الماضي لقول الشيء الأكثر صحة من الناحية المنطقية، أقول إنني لا أعرف في أي عالم تعيشون  . شعب إسرائيل يكشف عن نفسه بكل قوته. لكنهم يقولون إن اللحظة الأكثر أهمية هي المختطفون، قلت أنهم مهمون، المختطفون ليسوا الأهم. أنا واحد من القلائل الذين لديهم الشجاعة لقول ما تعتقده غالبية الجمهور، والهجوم ليس ضدي بل ضد الجمهور الذي أمثله بأكمله “.

وبحسب القناة 13، فإن نتنياهو لم يستطب نتائج قمة باريس الثانية ووبخ رئيس الموساد وقال له: “ليست هذه هي الطريقة التي تدار بها المفاوضات”.  وقالت قناة نيوز 13، إن نتنياهو عقد مؤتمرا هاتفيا في اليوم الأخير مع الوزراء ومع رئيس الموساد ديدي بارنيع الذي عاد من باريس، وبخ نتنياهو خلاله الأخير. وبحسب التقرير، فإن نتنياهو وبخ أيضا خلال تلك المحادثة فريق التفاوض ورئيس الموساد الذي عاد من باريس، وقال لهم: “ليست هذه هي الطريقة التي تدار بها المفاوضات، يجب أن تكونوا صارمين”.

وأفادت تقارير أن هناك خلافا بين المسؤولين الإسرائيليين حول السبب الذي أدى إلى هذا التوبيخ، حيث قال المسؤولون الإسرائيليون إن الأمر يدور حول نقاش حول حجم المساعدات الإنسانية التي ستسمح بها إسرائيل بدخول القطاع. في المقابل، كما أفادت التقارير، أن نتنياهو طلب كشرط للتقدم في المفاوضات معرفة أي من المختطفين على قيد الحياة. ومع ذلك عقب ديوان نتنياهو على الخبر: “التقرير غير صحيح بالأساس. بين رئيس الوزراء ورئيس الموساد هناك حوار مهني وموثوق وجيد، يقوم على الشراكة المتبادلة ووحدة الهدف”.

وكان مستشار الأمن القومي جيك سوليفان قد أعلن أن الولايات المتحدة ومصر وقطر وإسرائيل توصلت إلى تفاهم بشأن الخطوط العريضة لاتفاق تبادل الأسرى. وهذا هو أول تأكيد رسمي من إدارة بايدن بأن هناك خطة جديدة .

وأضاف: ” تم تقديم الخطوط العريضة للصفقة. يجب أن تكون هناك محادثات بين مصر وقطر وحماس، وهذا يحدث الآن ونأمل أن نتمكن في الأيام المقبلة من التوصل إلى اتفاق. الولايات المتحدة تريد أن ترى هذه الصفقة كاملة، وعودة الرهائن إلى ديارهم والوقف المؤقت لإطلاق النار”.

وعلق سوليفان على الخطوط العريضة الناشئة وأضاف: “نقول للجميع، بما في ذلك إسرائيل، إن موقفنا هو أنه يجب بذل كل جهد لإتمام هذا الاتفاق”.

وفي مقابلة مع شبكة سي بي إس، عبر نتنياهو عن حذره في ما يتعلق بالاتصالات مع حماس: “ليس من الواضح بعد ما إذا كانت قد تخلت عن مطالبها الوهمية. إذا نزلت إلى مكان معقول – فسيتم التوصل إلى اتفاق”. وأضاف أن مجلس الوزراء سينعقد هذا الأسبوع لإقرار الخطط العملياتية لطرد كتائب حماس من رفح ، ووعد في المقابلة بأن العملية في رفح ستنفذ، سواء كان هناك اتفاق مع حماس أم لا.  وزعم أنه إذا شنت إسرائيل مثل هذه العملية، فإنها ستكون قادرة على استكمال مرحلة المناورة البرية خلال أسابيع، وليس أشهر. وذكر أن هناك أربع كتائب لحماس في رفح، وقال: “لا يمكننا أن نترك آخر معقل لحماس، يجب أن نفعل ذلك”.

كما تطرق نتنياهو إلى القلق المصري بشأن العملية في رفح، وذكر أنه ليس في نية إسرائيل دفع اللاجئين إلى عبور الحدود إلى سيناء: “أعتقد أن المصريين يعرفون جيدًا أن هذا ليس هدفنا. وهذه لن تكون النتيجة. نحن ننسق معهم. نتحدث مع المصريين طوال الوقت. ولهذا السبب لا أعتقد أن هناك مشكلة حول اتفاق السلام”. وأضاف: “العلاقة بين إسرائيل ومصر تخدم مصالح البلدين، وستستمر في خدمة مصالح البلدين. لا أعتقد أنها في أي خطر”.

من جهة أخرى كتب المراسل العسكري ل”هآرتس”، عاموس هارئيل أن كابينت الحرب في اسرائيل اجرى مساء السبت نقاشا هاتفيا، تم فيه تقديم خلاصة للمحادثات في باريس، ولكن الاختبار الحقيقي بالنسبة لنوايا رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو سيكون في سلوكه العلني. هذا الفيلم شاهدناه في السابق، في قمة باريس السابقة قبل شهر تقريبا. ففي تلك الجولة لم يرغب نتنياهو في الاتفاق، وبحث عن طريقة للتنصل من الالتزامات المبدئية التي اعطاها للوسطاء. الحل كان بسيطا وهو سلسلة تسريبات حول الطلبات المتشددة لحماس، وبعد ذلك اقواله المطلوب اقتباسها حول رفضه اطلاق سراح آلاف المخربين مقابل المخطوفين. سلوك نتنياهو جر، كما توقع ذلك مسبقا، تشددا آخر في مواقف حماس، الاتصالات بقيت عالقة لثلاثة اسابيع تقريبا”.

وفي “إسرائيل اليوم” كتبت شيريت افيتان كوهن أن “الولايات المتحدة تضغط على كل الأطراف للوصول الى الصفقة قبل شهر رمضان، وذلك كما يعترف كل من يعنى بالموضوع في إسرائيل في الأسابيع الأخيرة. ويأتي الضغط الأمريكي لأغراض داخلية. فوقف النار وإعادة المخطوفين سيخلق بعض الهدوء في قاعدة جماهيرية ما هناك في القارة الشمالية. ومن هو مطالب بان يوفر البضاعة هي قطر. أساس الضغط توجهه الولايات المتحدة الى الدولة ثنائية الوجه التي تشكل المحور الأساس لحماس. لكن اسرائيل هي الأخرى توجد تحت كماشة ضغوط. فمنذ أسابيع ومسؤولين كبار في إسرائيل يدعون بان بايدن يحاول ان يدفع نحو صفقة تؤدي حتى ان لم يكن الى اعلان منذ البداية، الى نهاية الحرب”.

 

 

  

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى