رأيصحف

الغرب الجماعي يمارس التضليل في تسليح أوكرانيا.. والهيمنة الأميركية تتصدّع*(محمد صادق الحسيني)

 

محمد صادق الحسيني

 

‎تواصل الآلة الإعلامية العملاقة، للغرب الجماعي ضخ الخداع والأكاذيب، المتعلقة سواءٌ بسير العمليات العسكرية في ميادين القتال الأوكرانية، او تلك المتعلقة بمواصلة ضخ المزيد من الأسلحة الأميركية والأوروبية، لنظام كييف وتشكيلاته النازية، في محاولة من قيادة أوروبا (EUROCOM) الأميركية، التي تدير العمليات العسكرية للغرب الجماعي، ضدّ روسيا على الأراضي الأوكرانية وتنسق إيصال الأسلحة الغربية الى العصابات النازية الأوكرانية.

وهي تواصل عملية الخداع ونشر الأكاذيب هذه بهدفين أساسيين هما:

1 ـ الإيحاء بأنّ عصابات كييف النازية المسلحة قادرة على استعادة زمام المبادرة، في الميدان، إذا ما تمّت زيادة توريد الأسلحة الأميركية الأكثر تطوراً لهذه العصابات. وهذا بالطبع ليس إلا ضرب من الخيال، اذ لا يمكن لعصابات تبيع نصف ما يصلها من الأسلحة الغربية في السوق السوداء، أن تمسك بالمبادرة العسكرية في الميدان. خاصة أنها تقاتل جيشاً روسياً يتفوّق عليها في كلّ شيء ويعرف تماماً كيف وأين يناور بقواته، منعاً للغرب الجماعي من تحقيق أهدافه في تعريض الأمن القومي الروسي للخطر.

2 ـ التغطية على الأهداف الحقيقية لمواصلة ضخ المزيد من الأسلحة الأميركية الأطلسية، لعصابات كييف النازية. تلك الأهداف التي تتمثل أساساً في التخلص من الأسلحة الأميركية الأوروبية القديمة لإفساح المجال أمام تزويد جيوش حلف شمال الأطلسي بأسلحة وإعادة جديدة، تكون أكثر ملاءمة لمتطلبات الحروب المستقبلية، كما يقول مسؤولون ومحللون عسكريون أميركيون.

3 ـ فها هو، توم كاراكو Tom Karako، خبير الشؤون الأمنية العسكرية، في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، يقول في حديث لـ “رويترز” قبل أيام، انّ إفراغ المخازن العسكرية الأميركية ضروري لإفساح المجال أمام إنتاج أسلحة أميركية جديدة، ستكون ضرورية لردع الصين.

وبالتالي فإنّ ما تنشره وسائل الإعلام الأميركية الأطلسية حول:

أ ـ اقتراح تقدّمت به شركة بوينغ الأميركية للبنتاغون بتصنيع سلاح أميركي رخيص وفعّال، لتسليمه لعصابات كييف النازية، ليس إلا أكذوبة جديدة، حيث إنّ حقيقة الأمر غير ذلك تماماً.

فليس هناك سلاح جديد ستقوم شركة بوينغ بإنتاجه وإنّ ما ستقوم به هذه الشركة هو عملية دمج لقنبلة موجهة، تستخدم لضرب التحصينات والعربات المدرّعة، وتسمّى: Small Diameter Bomb / GBU – 39 ، وهي قنبلة مصمّمة لإطلاق المقاتلات قاذفات القنابل في الأصل، دمجها مع المحرك الصاروخي: M 26، وإجراء تعديلات على هذا المدمج تسمح بإطلاقه من قواعد إطلاق أرضية، ليصبح اسمه Ground – Lonched Small Diameter Bomb GLSDB.

وهو الأمر الذي أكده كبير مدراء المشتريات (العسكرية) في البنتاغون، دووغ بوش Doug Bush للصحافيين، الأسبوع الماضي عندما كان يعلق على هذا المخطط، وأضاف أيضاً بأنّ أنواعاً أخرى من الأسلحة الأميركية سيجري استعجال إنتاجها، بعد نفادها من مخازن الجيش الأميركي.

علماً انّ القذائف المُشار إليها أعلاه، ومحركات الصواريخ التي سيتمّ دمجها معها، هي من مخلفات الحرب الأميركية في أفغانستان، ولا تشكل أنماطاً مناشدة الأسلحة الأميركية، وقد تمّ إنتاجها أصلاً بالتعاون بين شركة بوينغ الأميركية وشركة SAAB السويدية، الأمر الذي يؤكد مشاركة السويد في كافة النشاطات الأميركية الأطلسية الرامية لتقويض الاستقرار والسلم الدوليين، وانّ هذا الدور لن يبدأ بانضمام هذه الدولة المخادعة الى عضوية حلف شمال الأطلسي.

ب ـ التصريحات البريطانية الأطلسية الأوكرانية المتواترة، حول “احتمال” قيام بريطانيا بتزويد عصابات كييف النازية بصواريخ ” برايمستون ” / Brimstone /، المعروف بكونه صاروخ جو أرض، ايّ يطلق من المقاتلات الحربية على أهداف أرضية.

وهذه أيضاً أكذوبةً جديدة أطلقتها الحكومة البريطانية، بتاريخ ٢٢/١١/٢٠٢٢، عبر تصريحها بأنها ستبدأ بتزويد أوكرانيا بهذا النوع من الصواريخ. وذلك لأنّ وزارة الدفاع البريطانية كانت قد قرّرت تسليم عصابات كييف النازية هذه الصواريخ (برايمستون)، في أوائل شهر نيسان سنة ٢٠٢٢، بعد ان يتمّ تعديلها لتصبح صالحة للاستخدام كصواريخ أرض ـ أرض. وقد بدأ العسكريون البريطانيون في تدريب العناصر الأوكرانية المسلحة على استخدام هذا النوع من الصواريخ، بتاريخ ١٢/٥/٢٠٢٢. وهو ما يُعتبر مشاركة بريطانية مباشرة في العمليات العسكرية ضدّ الجيش الروسي، خاصة أنّ العسكريين البريطانيين قاموا بتدريب المسلحين الأوكرانيين على الأراضي الأوكرانية، ايّ في ميادين القتال. حيث استخدم المسلحون الأوكرانيون هذا النوع من الصواريخ، ضدّ دبابات روسية، حسب ما نشرت صحيفة: ذي تايمز البريطانية، بتاريخ ١٨/٥/٢٠٢٢.

إذاً فالأمر لا يتعلق بأسلحة جديدة، سيتمّ تسليمها للعصابات النازية الأوكرانية المسلحة، وإنما هو سلاح تستخدمه هذه العصابات منذ أشهر، بعد ان كانت وزارة الدفاع البريطانية قد أجرت عليه تعديلات تقنية ليصبح بالإمكان إطلاقه من قواعد على الأرض، ضدّ أهداف ثابتة او متحركة.

وعليه فإنّ محاولات التضليل والخداع، التي تقوم بها الآلة الإعلامية الأميركية الأطلسية، قد فشلت مجدداً في التمويه على الأهداف الحقيقية لعمليات شحنّ الأسلحة الغربية الى أوكرانيا.

تلك الأهداف، التي كما أشرنا أعلاه، تتمثل في سياسة الغرب الجماعيّ، بقيادة الولايات المتحدة، الرامية الى تحديث ترساناتها العسكرية، في إطار عمليات الحشد الاستراتيجي الغربي، ضدّ كلّ من جمهورية الصين الشعبية وجمهورية روسيا الاتحادية وجمهورية إيران الإسلامية، وذلك استعداداً لردع الصين، كما أشرنا في النقطة رقم ثلاثة من هذا الموضوع: ايّ أهداف ردعية.

ومن الجدير بالذكر ان هذا الصاروخ، الذي يحمل رأساً متفجراً وزنه 3,6 كيلو غرام ويصل مداه الى أربعين كيلومتراً فقط، قد استخدم على نطاق واسع جداً، من قبل قوات حلف الأطلسي في أفغانستان، وأثبت أنه عديم الفعالية.

وعليه فانّ كلّ هذا الضجيج الإعلامي للغرب الجماعي لن يؤدّي لا الى استعادة الميليشيات النازية الأوكرانية زمام المبادرة العسكرية، في ميادين القتال الأوكرانية، ولا الى التغطية على الأهداف الحقيقية لهذه الحملات الإعلامية المسعورة، التي تريد التغطية على المخططات العدوانية الأميركية الاطلسية ضدّ القوى الدولية الجديدة، الصاعدة في العالم، والتي سيفضي تصاعد قوتها الى تقويض الهيمنة الأميركية على مقدرات دول العالم وشعوبها.

 

*عن صحيفة البناء

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى