سياسةمحليات لبنانية

قالت الصحف:عطلة الأعياد ترحّل الأزمة..وكلام ميقاتي يحسم الجدل

 

الحوار نيوز – الصحف

 

استأثر كلام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمام مجلس نقابة المحررين أمس باهتمام الصحف الصادرة اليوم ،والتي بدت هي والسياسة قد دخلت في عطلة الأعياد.

  • النهار عنونت: “دولار الفراغ” تصاعديّ… وجلسة حكوميّة قريباً؟

وكتبت صحيفة “النهار” تقول: عند مطلع اسبوعي الميلاد ورأس السنة الجديدة، بدا لبنان تحت وطأة صراعه المستمر مع رزمة أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية ولو ان توافد اعداد وفيرة من اللبنانيين العاملين والمقيمين في انحاء الاغتراب لتمضية عطلة الأعياد على ارض الوطن وبين عائلاتهم يخفف غلواء وقتامة أزمات اللبنانيين. ووسط جمود سياسي يبدو مرشحا لان يطول الى ابعد من بداية السنة المقبلة بعد اقل من أسبوعين، سار دولار السوق السوداء، الحار في عز كانون الأول، في مسار تصاعدي خارقا في مطالع الأسبوع الميلادي سقف ال44 الف ليرة ومنذرا ببلوغ سقوف تصاعدية بسرعة لاحقا في وقت “احتدمت” على وقع ارتفاعه أسعار المحروقات كما أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية. واذا كان هذا التطور المالي – المعيشي، بات من اليوميات التي لم تعد تحرك ساكنا فان المناخ السياسي يبدو مقبلا على انسداد غير محدود يتجاوز أيضا عطلة الأعياد. ذلك ان الأوساط السياسية على اختلاف توجهاتها باتت تؤكد المخاوف المتسعة من ان تكون العطلة السياسية منذ ما قبل الأعياد الى ما بعد بداية السنة الجديدة ابعد بكثير من مجرد عطلة بل هي فعل تسليم سياسي واسع بالعجز والتخبط في ازمة انتخاب رئيس الجمهورية التي صار مسلما بها تقريبا انها “بلا سقف” زمني. ولذا لا يبدو ان ثمة أي ثغرة محتملة في جدار الانسداد السياسي الذي تكرس مع عشر جلسات عقيمة بلا نتيجة عقدها مجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية الا عبر الرهان الذي تعقده اكثر من جهة داخلية على تحركات ومداخلات خارجية . ولعل اخر هذه الرهانات وأكثرها جدية التعويل على قيام الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لدى رعايته لمؤتمر “بغداد – 2 ” في عمان على تخصيص هامش من المباحثات الجانبية او الجماعية لبعض ممثلي الدول المؤثرة في الوضع اللبناني وابرزها المملكة العربية السعودية وايران لاثارة الازمة اللبنانية . اما الجانب الاخر من الانسداد السياسي فلم يعد يقتصر على ازمة الفراغ الرئاسي بل يشمل الواقع الحكومي بحيث تقفل السنة الحالية بعد أسبوعين على ازمة انقسام في صفوف الحكومة حول انعقاد جلسات مجلس الوزراء بما يهدد بشلها بعدما فشلت محاولة متقدمة للتوافق على برمجة الملفات الأشد الحاحا التي تقتضي عقد “جلسات الضروة” .

في هذا السياق بدا رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي حاسما امس عندما ابلغ نقابة محرري الصحافة انه “عند الضرورة والحاجة سأدعو مجلس الوزراء ‏الى الانعقاد، وفق الصلاحيات الدستورية المناطة بي، لكن في الوقت الراهن لا شيء ‏طارئا يستدعي عقد جلسة”. وأعلن رفضه صيغة المراسيم الجوّالة التي يقترحها البعض ‏”لأن لا سند دستوريا لها”، مشددا على أنه” لن يطبق الا ما ورد في الدستور وروحيته”. ‏ولعل اللافت في موقف ميقاتي لهذه الجهة انه اذ نفى دخول اي أسلحة الى مطار بيروت، اعلن انه “لدى الحديث في ملف المطار، وبعد ‏حادثة اليونيفيل، كنت بصدد دعوة المجلس الأعلى للدفاع الى الانعقاد بصفتي نائب رئيس ‏المجلس، ولكنني عدلت عن الموضوع حتى لا يقال إننا نستفز احدا‎”‎‏.‏ 

وتفيد المعلومات في موضوع اخفاق محاولة التوافق الحكومي على جلسات مجلس الوزراء ان ميقاتي وجهات سياسية عدة رفضت رفضا تاما طرح الوزراء الذين يعكسون مواقف “التيار الوطني الحر” باعتماد المراسيم الجوالة فيما حمل وزير العدل هنري خوري الى اجتماع اللجنة الوزارية الرباعية قبل أيام موقفا سياسياً مسبقاً عنوانه عدم تمكن الحكومة من التئام جلساتها في ظل عدم وجود رئيس الجمهورية. وكشف مصدر وزاري ان اجتماع اللجنة “كان الاجتماع الاول والاخير” ولم يحقق المطلوب نتيجة جملة من الطروحات التي قدمها خوري الذي يعمل بتوجيهات من رئيس” التيار الوطني الحر” جبران باسيل المتمسك بان لا شرعية لكل جلسات مجلس الوزراء. وتناولت اللجنة جملة من الافكار مع الاخذ والرد الطويلين بغية تسيير عمل الحكومة مع توجه الاكثرية الى انه في امكان الحكومة ان تعقد جلسات وزارية مع الحاجة الى الاجابة عن سؤالين:

– أي ملفات لا تحتمل الانتظار ويقتضي على الحكومة عقد جلسة وتحديد جدول أعمالها.

– ما هو مصير المراسيم التي ستصدر تنفيذاً لمقرارات مجلس الوزراء من سيوقعها في الخانة المخصصة. 

وفي المعلومات ان ميقاتي لا يريد تكرار وقائع الضجة التي رافقت الجلسة الاخيرة ويريد الانفتاح على الجميع بمن فيهم الوزراء المحسوبين على العونيين علماً ان المعطيات التي أبلغت الى ميقاتي تؤكد ان ” التيار الوطني الحر لن يبدل رأيه وهذا ما حصل بالفعل عندما كرر وزير العدل على مسامع زملائه ان جلسات الحكومة غير دستورية. ورد عليه وزير بأن البداية غير مشجعة وان “ما تم الاتفاق عليه غيرتم رأيكم فيه”. وادى مسار هذا الحديث الى تطيير نقطتي البحث اللتين اجتمع من اجلهما الوزراء الاربعة. ولكن وزير التربية عباس الحلبي اكد امس ان ميقاتي قد يدعو الى جلسة قبل رأس السنة ربطا بملفات عدة ولا سيما منها ترقيات الضباط المنوطة بمهلة قانونية واكد أيضا ان الثنائي الشيعي سيحضر في الاجتماعات المقبلة.

 

غريو والمؤسسات

وتطرّقت السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو لدى زيارتها امس الرابطة المارونية إلى الوضع في لبنان “حيث تتداخل الأزمات الماليّة والإقتصاديّة والإجتماعيّة والسياسيّة التي تجتازها البلاد، وإلى إنعكاساتها على اللبنانيين وعلى إضعاف المؤسّسات العامة بشكل مقلق، كما على الاستقرار في لبنان”. وشددت على “أنه من الضروريّ جدّاً اليوم أن تتمكّن كل المؤسسات السياسيّة، أي رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء ومجلس النواب، من العمل بشكل كامل، وأن يتّفق النوّاب على رئيس للجمهورية، من أجل العمل بشكل مستدام على النهوض بلبنان وتمكينه من إعادة لعب دوره في إستقرار المنطقة وإزدهارها كما في السابق.”

 

ملف الاعتداء

في ملف الاعتداء على الوحدة الايرلندية العاملة ضمن قوة اليونيفيل اعلن الرئيس ميقاتي ‏ ان “الجيش يجري التحقيقات اللازمة في حادثة اليونيفيل ونأمل الوصول الى النتيجة ‏قريبا”. واعتبر “إن المزايدات ‏في هذا الملف مرفوضة وكذلك مرفوض الاستخفاف بخطورة ما حصل او اعتباره حادثا ‏عاديا او عرضيا .الحادثة يجب اخذها بجدية، واجراء كامل التحقيقات والمحاسبة. هذا ‏الملف اتابعه مع قيادة الجيش التي تجري التحقيقات اللازمة ونأمل الوصول الى النتيجة ‏قريبا”. واضاف: “لكون الحادثة حصلت خارج نطاق عمليات اليونيفيل، فمن المرجّح أنه لم ‏يكن مخططا لها”. ‏ ‏

وزار امس وزير الدفاع موريس سليم مقر الوحدة الإيرلندية لتقديم العزاء واجتمع مع القائد العام لليونيفيل وقائد وضباط الكتيبة الإيرلندية‎.‎‏ وأكد سليم، ‏ان “التحقيقات جارية في حادثة العاقبية والاجهزة الامنية تقوم بدورها”، املاً “انتهاء ‏التحقيقات بالوصول لتحديد المسؤول وعندئذ لكل حادث حديث”، مؤكداً انه ” سيحاسب كل ‏من اقدم على هكذا فعل‎”‎‏. وقال خلال زيارته التفقدية لجرحى عناصر الكتيبة الايرلندية في ‏مقر قوات اليونيفل في الناقورة ومستشفى حمود، ترافقه السفيرة الايرلندية نوالا اوبراين ” اطمأ وأعلن أن “العساكر تعافوا نسبياً بعد ‏تلقيهم العلاج، ولكنهم لا يزالون بحاجة لاستكمال علاجهم في مرحلته الثانية في مقرهم ‏حيث هم أو في بلدهم” واعتبر ان “العلاقة القائمة بين اليونيفيل وبين ‏الجيش اللبناني بعلاقة تعاون، واليونيفيل تقوم بدور هام جدا لحفظ الاستقرار والهدوء في ‏جنوب لبنان العزيز، والتعاون بينها وبين الجيش مستمر في كل المجالات لحفظ هذا ‏الاستقرار”. وأكد ان “العلاقة بين اليونيفيل والمواطنين وأهالي البلدات والقرى هي علاقة ‏عمرها عقود وتتسم بالثقة والصداقة والمحبة والتعاون، ولا يوجد أي مشاعر سلبية بينهما، ‏وهذه الثقة بين الطرفين ستستمر وستكون اقوى”.‏

 

 

  • الأخبار: ترحيل العراك الرئاسي إلى العام الجديد

  

وكتبت صحيفة “الأخبار” تقول: مع انسداد الأفق الداخلي أمام الملف الرئاسي، ستكون الأيام الفاصلة عن حلول السنة الجديدة بمثابة عطلة للعراك السياسي بانتظار ما سيتبلور من مواقف خارجية، قد تطلّ من قمّة «بغداد – 2» التي ستنعقِد في العاصمة الأردنية اليوم، إذ لم يتوقف الرهان على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي من المرجح أن يستغل هذه المناسبة لطرح الملف اللبناني. وبينما حُسم الأمر باستمرار الشغور إلى السنة الجديدة، فإن السؤال الأكثر تداولاً هو «عن إمكانية أن تشهد البلاد انتخاب رئيس في غضون الأشهر الثلاثة المقبلة»، بينما يخضع الجواب لاجتهادات متناقضة بين الاعتقاد بأن هذا الملف سيبقى معلّقاً إلى حين توافر ظروف قد تمتد لفترة طويلة تخضع للمعطى الإقليمي والوهج الدولي وسلّة الحلول ودفاتر الشروط، وما يرافق ذلك من مبادرات ومناورات. وفي رأي أوساط سياسية أن نجاح هذه المبادرات مشروط أولاً بـ«قلب الأولويات في التعامل مع الفراغ والأزمة التي يعيشها لبنان، ووضع انتخاب رئيس للجمهورية في قائمة جدول أعمال الدول الخارجية، لأن عدم توافر هذا الشرط يعني ترحيل الشغور الى سقف زمني مفتوح».

وفيما تتحكم سياسة ربط النزاع بكل مفاصل الحياة السياسية، لم تُسجّل بداية الأسبوع أي حركة بارزة باستثناء كلام رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، خلال لقائه مجلس نقابة المحررين في السرايا الحكومية، الذي تناول فيه الأزمة الحكومية، محاولاً حصر الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء بنفسه وكذلك جدول أعمالها. فقد لفت إلى أن «وضع جدول أعمال مجلس الوزراء منوط حصراً برئيس الحكومة، ولا شراكة لأحد في هذا الموضوع. وفي حال انعقاد جلسة مجلس الوزراء، تتم مناقشة الجدول ويصار إلى التفاهم على ما يقرّ وما لا يقرّ». وبينما كانَ وزراء التيار الوطني الحر قد طرحوا خلال اللقاء التشاوري الأخير الذي دعا إليه ميقاتي قبلَ أيام صيغة المراسيم الجوالة، أعلن ميقاتي أمام مجلس النقابة رفضه هذه الصيغة لأن «لا سند دستورياً لها»، مشدداً على أنه «لن يطبق إلا ما ورد في الدستور وروحيّته»، مشيراً إلى أن «قرارات مجلس الوزراء تؤخذ بأكثرية الحاضرين في الأمور العادية، وبأكثرية عدد أعضاء الحكومة في القرارات الاستثنائية». ورداً على مطالبة البعض، وتحديداً التيار الوطني الحر بالتراجع عن القرارات التي اتخذت في جلسة مجلس الوزراء، قال ميقاتي إن «القرارات صدرت مراسيمها، ولا مساومة في هذا الموضوع. كل المراسيم يحتاج إقرارها إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء»، مضيفاً إن «البعض يقول إن الحكومة الحالية صلاحياتها محدودة وضيقة، في وقت يقتضي وجود حكومة فاعلة تقوم بواجباتها كاملة. ما نقوم به حالياً في الحكومة هو صيانة الوضع وتسيير شؤون الناس، والحفاظ على هيكل بناء الدولة إلى حين انتخاب رئيس جديد. الصعوبات كثيرة، ولكن الحل سهل، وهو في اتفاق اللبنانيين على رؤيتهم لمستقبل البلد، بعيداً عن الشعبوية التي لا تفيد. نحن في حالة طوارئ، وعلينا أن نتفق حكومة ومجلساً نيابياً على أسس الحل». وتعليقاً على كلام ميقاتي، الذي وصفته مصادر بأنه «يأتي في إطار سياسي»، قالت إنه «لا يستطيع أن يدعو إلى جلسة لمجلس الوزراء في الوقت القريب، لأن القوى السياسية التي شاركت في الجلسة الأخيرة ليست في وارد التصعيد، ولا ترى أن ثمة ما هو ضروري لعقد جلسة طارئة، وأن المطلوب هو التهدئة بدلاً من الذهاب إلى التوتير بانتظار ما ستحمله الأشهر المقبلة من تطورات».

 

 

  • الجمهورية: سوق سوداء تلعب بالدولار .. وغرف سوداء تهدّد الاستقرار .. ومكونات الانقسام لا تعبأ

 

 

  

وكتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: بات عيد الميلاد على مسافة أيّام قليلة؛ البهجة تعمّ العالم بأسره، وزينة العيد تغطي أرجاء المعمورة، إلّا هذا البلد بهجته مسروقة وممنوع عليه أن يفرح. وكيف له أن يفرح وذهنيات العقم السياسي والغلّ الطائفي والمذهبي والشخصي، تقتل البسمة وتزرع التعاسة والمرارة في كل أرجائه، وتتسابق في حقدها على تحويله إلهاً من تمر ليؤكل على موائد الشياطين والمارقين؟!

سيكتب الميلاد هذا العام أسوأ حكاية؛ عن وطن انعدمت مناعته وبات يعيش بالصدفة، وعن دولة مشتتة، مفكّكة، مفلسة، مخلّعة في كلّ مفاصلها وأوصالها، تعتقلها إرادة الانقسام بين مكوّنات سياسية تقدّم نفسها من جنس الملائكة والقديسين، وتقرع على مدار الساعة اجراس الحرص على وطن يُحتضر وتتباكى على مصيره ووجوده، فيما هي من خلال أدائها، وصراعاتها، وحساباتها، وأجنداتها، وحزبيّاتها، ورهاناتها الخرقاء، ومناطحاتها الفارغة لبعضها البعض، قدّمت أسوأ نموذج في اللؤم والحقد على هذا البلد. وباتت عنواناً ومثالاً صارخاً لانعدام الحياء وإعدام الحياة، ورسخت في البلد معادلة مفادها أن لا شرايين حياء للمتصارعين والمتباكين فوق الركام، وفي المقابل، لا شرايين حياة لشعب بات مدفوناً تحت الركام.

 

سيمرّ عيد الميلاد، ويلحق به عيد رأس السنة، كمحطتين هاربتين من واقع لبناني عقيم، عالق في دوامة فوضى شاملة ليس في أفقها وميض ضوء داخلي او خارجي يبشّر في إمكان انتشال البلد وشعبه من تحت الركام، بل تنذر بفلتان اكبر وباحتمالات صعبة تجرّ احتمالات أصعب تجهز على ما تبقى.

 

شرارات ومخاوف

 

وسط هذه الصورة، حسمت مكونات الانقسام الداخلي خياراتها في ما خص الملف الرئاسي، وثبّتته في مربع التعقيد والصدام. فالحوار مرفوض والتوافق مستحيل والتقارب ثبت بما لا يقبل أدنى شك، انّه كذبة ولا مطرح له في قاموس هذه المكونات. واكثر ما يُخشى منه في هذا الوضع، ان يكون في خلفية الهروب من الحوار والتوافق، رهان لدى بعض مكوّنات الانقسام على «صدمات موجعة» تضرب الواقع اللبناني وتعجل بانتخاب رئيس للجمهورية، او رهان على انّ المنحى الصدامي قد يستدعي «قوة خارجية قاهرة» تفرض متغيرات توجّه الملف الرئاسي في اتجاه معيّن.

 

الداخل بات محضّراً لأيّ شيء، فعلى الصعيد المالي يبدو انّ ثمة من اعطى الإشارة لعصابات السوق السوداء للتحرك من جديد، وإشعال شرارة الانفجار المالي الكارثي، عبر القفزات المرعبة التي يسجّلها الدولار، حيث بات يطرق باب الـ 50 الف ليرة، بالتوازي مع حملة شائعات عنيفة يروّج بعضها لانهيارات مالية وشيكة اكثر خطورة، ويروّج بعضها الآخر لسقوف عالية جداً ترفع الدولار إلى عتبة الـ 100 الف ليرة. واما اسعار السلع والمواد الاستهلاكية والحياتية، فصارت أحرّ من جمر النّار. وما هو أسوأ من هذا الحريق هو انّ كل هذا يجري امام أعين مكونات الانقسام الداخلي المتلهية بحساباتها، من دون أن يرفّ لها جفن امام هذه العاصفة التي تهدّد بالإعدام الجماعي للبنانيين.

 

واما على الصعيد الأمني، فإنّ الصورة تبدو اكثر خطورة، والمخاوف باتت كبيرة من ان تكون خلف أكمة لعبة الدولار، والتطورات التي بدأت تتدحرج في اكثر من مكان، غايات تفجيرية للإطاحة بالامن الداخلي. والسؤال الخطير الذي يفرض نفسه بقوة في موازاة هذه التطورات: هل ثمة رابط بينها وبين الملف الرئاسي المعقّد سياسياً؟

 

مصدر سياسي مسؤول أبلغ الى «الجمهورية» قوله: «انّ ما يجري من تطورات خطيرة، مضافاً اليها الفلتان الرهيب في الجريمة والسلاح، يبعث على الخوف الفعلي اكثر من اي وقت مضى على استقرار لبنان. وما أخشاه ان يكون البلد قد وقع من جديد تحت رحمة «الغرف السوداء»، التي اما انّها استفادت من الانقسام الحاد الحاصل حيال الملف الرئاسي، واما ان يداً خفية حرّكتها للتخريب وتهديد الاستقرار الداخلي».

 

ويقارب المصدر المسؤول بريبة كبرى ما سمّاها «الغزوة الاخيرة للاشرفية بالدراجات النارية والهتافات الطائفية والشعارات الاستفزازية»، وقال: «هذه الغزوة وما خلّفتها من توترات لا يمكن المرور عليها مرور الكرام، واعتبارها فردية او عابرة او بريئة مرتبطة بحدث رياضي، حيث لم تُفهم حتىّ الآن اسبابها، كما لم يُعرف الدافع اليها بل والمحرّض عليها، في وقت يسير فيه البلد على حدّ السكين السياسي والطائفي والمذهبي».

 

ولا يعزل المصدر المسؤول عن هذا المنحى التوتيري ما حصل في بلدة رميش الجنوبية وإثارة خلاف مريب حول اراضي البلدة، وهو الامر الذي حرّك الحساسيات والنعرات. وكذلك لا يعزل عنه ما جرى ترويجه منذ ايام قليلة حول تهريب اسلحة عبر مطار بيروت.

 

على انّ الأخطر من كلّ ذلك، يقول المصدر المسؤول، هو الاعتداء على قوات «اليونيفيل» في بلدة العاقبية وقتل جندي ايرلندي، وهو اعتداء لا يمكن النظر اليه على انّه حادث عابر ايضاً أو هو وليد اللحظة التي حصل فيها. وبالتالي ايّ كلام ودعوات عن إجراء تحقيق عادل لجلاء ملابسات هذا الحادث، لا تغيّر في حقيقة انّه حادث مشبوه، يطرح علامات استفهام حول الغاية من حدوثه في هذا التوقيت بالذات، وفي بلدة العاقبية بالذات الواقعة خارج نطاق عمل «اليونيفيل» شمال خط الليطاني، وهل هو حادث مدبّر؟ ومن هو المدبّر؟ وهل هذا المدبّر لبناني؟ وهل هو غير لبناني؟ وهل هذا الاعتداء مؤشّر إلى وضع القوات الدولية في دائرة الاستهداف؟ وهل هو مقدمة لحوادث مماثلة في اماكن اخرى؟ وهل الغاية منه خلق وقائع جديدة تضع المشهد الجنوبي أمام احتمالات صعبة، تفرض واقعاً اكثر صعوبة على المشهد اللبناني العام؟ وقبل كل ذلك، من هو المستفيد من هذا كلّه؟ علماً، والكلام للمصدر المسؤول، انّه إن كان من متضرر أساسي ووحيد من كل ما يجري، فهو لبنان في أمنه واستقراره.

 

وفي خلاصة كلامه، لفت المصدر المسؤول إلى مسألة قال انّها جديرة بالتوقف عندها والتعمق فيها ملياً، حيث انّه «بقدر ما كان لافتاً تنصّل ايّ طرف من مسؤوليته عن هذا الحادث، وكذلك مساحة الاستنكار الداخلي لهذا الإعتداء، بقدر ما كان كانت لافتة مساحة الاستنكار الخارجية والدعوات الى تحقيق عادل لتحديد المسؤول عن هذا الاعتداء، والتي شملت للمرة الاولى دولاً لم يسبق ان سجّلت حضوراً لها بمواقف وتصريحات حيال حوادث مماثلة حصلت في منطقة عمل الطوارئ جنوب خط الليطاني».

 

إعادة الجندي الايرلندي

 

في سياق متصل بحادث العاقبية، افادت وكالة «فرانس برس»، انّ جثمان الجندي الإيرلندي في «اليونيفيل» شون روني ، الذي قُتل الأربعاء الماضي، وصل الى العاصمة الايرلندية دبلن، وحطّت الطائرة التي أقلت النعش في مطار كيسمنت العسكري في بالودنيل الواقعة بضواحي العاصمة الإيرلندية، في جو ماطر. وكانت في استقباله ثلة من حرس الشرف، وقد حمله عسكريون. ومن المقرر تشريح الجثة قبل تسليمها لعائلة العسكري.

 

وربطاً بهذا الحادث، أكّد الناطق الرسمي باسم قوات الـ«يونيفيل» أندريا تيننتي أنّ «التحقيق جار في حادثة العاقبية، وحالة الجنود الجرحى مستقرة والوضع هادئ وجنودنا ينفّذون أنشطتهم المعتادة بما يتماشى مع الوضع الحالي في منطقة العمليات».

 

إلى ذلك، أُفيد بأنّ الوفد الأمني الايرلندي قد بدأ تحقيقاته في حادثة العاقبية، واستمع إلى الجريحين في مركزهما بعد خروجهما من المستشفى.

 

في سياق متصل، زار وزير الدفاع في حكومة تصريف الاعمال موريس سليم امس، مقر الوحدة الإيرلندية، واجتمع مع القائد العام للـ«يونيفيل» الجنرال ارولدو لازارو، وقائد وضباط الكتيبة الإيرلندية‎.‎‏ وأكّد سليم، ‏انّ «التحقيقات جارية في حادثة العاقبية والاجهزة الامنية تقوم بدورها»، آملاً «انتهاء ‏التحقيقات بالوصول لتحديد المسؤول، وعندئذ لكل حادث حديث»، مؤكّداً انّه «سيحاسب كل ‏من أقدم على هكذا فعل».

 

ووصف «العلاقة القائمة بين «اليونيفيل» وبين ‏الجيش اللبناني بعلاقة تعاون، و«اليونيفيل» تقوم بدور هام جداً لحفظ الاستقرار والهدوء في ‏جنوب لبنان العزيز، والتعاون بينها وبين الجيش مستمر في كافة المجالات لحفظ هذا ‏الاستقرار». وأكّد انّ «العلاقة بين «اليونيفيل» والمواطنين وأهالي البلدات والقرى هي علاقة ‏عمرها عقود وتتسم بالثقة والصداقة والمحبة والتعاون، ولا يوجد أي مشاعر سلبية بينهما، ‏وهذه الثقة بين الطرفين ستستمر وستكون اقوى، لأنّ المواطنين يعرفون انّ وجود القوة ‏الدولية في الجنوب هو لتقوم بعمل خير وإيجابي يصبّ في مصلحة المنطقة والبلد».‏

 

جمود وزيارات مرتقبة

 

سياسياً، الجمود سائد رئاسياً، اقلّه حتى مطلع السنة الجديدة. وفيما تردّد انّ الملف اللبناني سيكون حاضراً في لقاءات الرئيس ‏الفرنسي ايمانويل ماكرون في العاصمة الاردنية عمان على هامش انعقاد قمة «بغداد 2» ‏بمشاركة دول الجوار العراقي، يكثر الحديث في الاوساط السياسية عن حضور غربي واوروبي مكثف في لبنان خلال الاسابيع المقبلة ربطاً بالملف الرئاسي.

 

وفي هذا السياق، أبلغت مصادر ديبلوماسية من باريس إلى «الجمهورية» قولها، «ان لا علم لها بأنّ جدول اعمال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يتضمن زيارة الى لبنان»، مضيفة انّ الاتصالات حول الوضع في لبنان جارية على اكثر من مستوى دولي، من دون ان يرقى ذلك الى مبادرة مباشرة. واللبنانيون باتوا يعلمون انّ الجهد الخارجي منصبّ على تشجيعهم على إنضاج تسوية سياسية في ما بينهم، تفضي الى انتخاب رئيس للجمهورية بالتوافق في ما بينهم. وحتى الآن، مع الأسف، لم نلمس سوى إشارات سلبية».

 

ولفت في هذا السياق، ما اعلنته السفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو خلال زيارتها امس مقر الرابطة المارونية، حيث قالت، انّ «من الضروريّ جدّاً اليوم أن تتمكّن كافّة المؤسسات السياسيّة، أي رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء ومجلس النواب، من العمل بشكل كامل، وأن يتّفق النوّاب على رئيس للجمهورية، من أجل العمل بشكل مستدام على النهوض بلبنان وتمكينه من إعادة لعب دوره في استقرار المنطقة وازدهارها كما في السابق».

 

ولفتت الى انّ زيارتها للرابطة للإشارة إلى «العلاقات التاريخية بين فرنسا ولبنان، وإلى تمسّك فرنسا بوحدة لبنان في تنوّعه وبالعيش المشترك بين الطوائف وبدور المسيحيين بشكل خاص».

 

ميقاتي: هناك تحضير

 

في هذا الوقت، لفت ما قاله رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي امام وفد نقابة المحررين: «وفق المعطيات الخارجية هناك شيء ما يتمّ التحضير له لحل الأزمة ولكن الأمور تحتاج إلى وقت».

 

وعن عقد جلسات جديدة لمجلس الوزراء بعد ما رافق الجلسة الماضية من اعتراضات، قال: «عند الضرورة والحاجة سأدعو مجلس الوزراء الى الانعقاد، وفق الصلاحيات الدستورية المناطة بي. لكن في الوقت الراهن لا شيء طارئاً يستدعي عقد جلسة». واعلن رفضه صيغة «المراسيم الجوّالة» التي يقترحها البعض، لأنّ لا سند دستورياً لها»، مشدداً على أنّه «لن يطبّق الّا ما ورد في الدستور وروحيته».

 

وحول حادث العاقبية، قال ميقاتي: «الجيش يجري التحقيقات اللازمة في موضوع الحادثة التي حصلت مع «اليونيفيل» في الجنوب وأدّت الى مقتل عنصر من الكتيبة الايرلندية وجرح ثلاثة آخرين»، آملاً الوصول الى النتيجة قريباً. مضيفاً: «انّ المزايدات في هذا الملف مرفوضة وكذلك مرفوض الاستخفاف بخطورة ما حصل او اعتباره حادثاً عادياً او عرضياً»، معتبراً أنّ «الحادثة يجب أخذها بجدّية، وإجراء كامل التحقيقات والمحاسبة». وقال: «هذا الملف أتابعه مع قيادة الجيش التي تجري التحقيقات اللازمة، ونأمل الوصول الى النتيجة قريباً».

 

ورداً على سؤال، قال: «لكون الحادثة حصلت خارج نطاق عمليات «اليونيفيل»، فمن المرجّح أنّه لم يكن مخططاً لها».

 

وعن ملف بلدة رميش الحدودية، قال: «لقد طلبت من الجيش تقريراً كاملاً عن الموضوع، علماً أنّ التعاون قائم بين الجيش و«اليونيفيل» في هذا الملف، ويتمّ الكشف ومراقبة المواقع التي يتمّ الحديث عنها والتابعة لجمعية «أخضر بلا حدود».

 

أما في الملف الحكومي، فأكّد ميقاتي أنّ الحكومة تلتزم المهام المطلوبة. ورأى أنّ «انتخاب رئيس جديد للجمهورية لا يعني انتهاء الأزمة، بل يفتح الباب أمام فترة سماح في البلد للوصول إلى حل».

 

وعن موضوع مطار بيروت وما قيل عن أسلحة إيرانية يتمّ إدخالها، قال: «لقد اجتمعت الاسبوع الفائت مع قائد الجيش ومع القادة الأمنيين، وأكّدوا جميعاً أنّ التحقيقات التي أُجريت أكّدت أنّ ما قيل غير صحيح، ولا اسلحة تدخل من المطار».

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى