دولياتسياسةصحف

إيران رسمياً في «شنغهاي للتعاون»: نادي مناهضة الغرب يتوسّع

 

الحوارنيوز – الأخبار

تحت هذا العنوان كتب محمد خواجوئي في الأخبار يقول:

 

استضافت الهند، أول من أمس، قمّة لزعماء دول «منظّمة شنغهاي للتعاون»، عبر تقنيّة الفيديو كونفرانس، رافقها الإعلان عن حصول إيران على العضوية الكاملة وبصورة رسمية في المنظّمة، وقبول مذكّرة تعهّدات العضوية لبيلاروسيا، في ما يُعدّ مؤشراً إلى تصميم هذه المنظّمة التي تقودها كل من روسيا والصين، على التوسّع، وبالتحديد في خضمّ احتدام المنافسة والمواجهة مع الولايات المتحدة.

وكانت روسيا والصين وأربع دول في آسيا الوسطى، هي: كازاخستان وقرغيزيا وطاجيكستان وأوزبكستان، أسَّست «منظّمة شنغهاي للتعاون»، في عام 2001، لتشكّل ثقل الموازنة أمام النفوذ الغربي في المنطقة، فيما انضمّت كلّ من الهند وباكستان إلى المنظّمة، في عام 2017. أمّا إيران التي تخوض، من جانبها، مواجهةً عنيفة مع الغرب، وتخضع لعقوبات قاسية على خلفيّة برنامجَيها النووي والعسكري، فقد قُبلت عضويتها كتاسع عضو رسمي في المنظّمة، التي تمثّل نحو 40% من سكان العالم، وما يزيد على 20% من الناتج المحلّي الإجمالي للعالم. ويعزّز انضمام إيران رسميّاً إلى «شنغهاي للتعاون»، مصادر الطاقة فيها، بحيث إن هذه الأخيرة باتت تمتلك في ضوء انضمام الجمهورية الإسلامية إلى عضويّتها، نحو 20% من احتياطات النفط حول العالم، علماً أن التعاون على المستويَين السياسي والأمني في التجمع، فاق، إلى الآن، ذلك الاقتصادي.
وتَنظر موسكو وبكين، بوصفهما الدعامتَين الرئيستَين لـ«شنغهاي للتعاون»، إلى الأخيرة باعتبارها بديلاً للمعسكر الغربي، وأداة مفتاحية لدحر النظام العالمي بقيادة الولايات المتحدة. وفي الوقت الذي تحتدم فيه المنافسة بين الولايات المتحدة وأوروبا من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى، تبرز أهميّة منظّمات مِن مِثل «شنغهاي» و«بريكس» و«اتحاد أوراسيا الاقتصادي»، بوصفها تجمّعات تنخرط في المواجهة مع الأحادية القطبية الأميركية. وكانت جميع الدول المنضوية في إطار «شنغهاي للتعاون»، إمّا امتنعت عن التصويت على عقوبات الأمم المتحدة ضدّ روسيا، أو صوّتت ضدّها. ومن جهتها، تتميّز الهند من بين أعضاء المنظمة بوضع خاص، لكونها تخوض منافسة مع الصين، وفي الوقت ذاته تقيم علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة. ومع ذلك، فهي سعت للتمايز عن موقف الغرب في الصراع الدائر بينه وبين روسيا. وقد استضافت نيودلهي، في أيلول من العام الماضي، قمّة قادة دول «مجموعة العشرين»، والتي تختلف عن «شنغهاي للتعاون» لجهة الأولويات، وأيضاً الاتحادات الجيوسياسية، ما يعني أن هذه المسألة يمكن أن تتحوّل إلى تحدٍّ كبير بالنسبة إلى الهند. ويبدو أن موقف الأخيرة من روسيا، أوصل الغرب إلى نتيجة مؤدّاها أن علاقات نيودلهي مع موسكو ستبقى مستقرّة. وعلى رغم جهود رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، خلال السنوات الأخيرة، لتنويع واردات بلاده، لكنه لا يزال يستورد قرابة 50% من احتياجات بلاده الدفاعية والعسكرية من روسيا.
وربّما ساهم اشتداد المواجهة وضرورة تعزيز الاصطفافات والتكتّلات الجديدة، في تسهيل تغيير وضع إيران من عضو مراقب إلى عضو دائم في «شنغهاي للتعاون». فبعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي وإعادة فرض عقوبات على إيران، ويأس الأخيرة من التعاون مع الغرب، اتّجهت طهران نحو توطيد التعاون مع موسكو وبكين، ووضعت على جدول أعمالها تمتين التعاون الاستراتيجي معهما، ومع البلدان المجاورة لها. وشكّلت هذه الاستراتيجية بالنسبة إلى الجمهورية الإسلامية، وسيلةً للخروج من عزلتها، فضلاً عن كونها محاولة لخفض الضغوط الناتجة من العقوبات الأميركية.

ربّما ساهم اشتداد المواجهة وضرورة تعزيز الاصطفافات والتكتّلات الجديدة، في تسهيل تغيير وضع إيران في «منظّمة شنغهاي للتعاون»

وفي المقابل، رحّبت روسيا والصين، وكل حسب اهتماماته الخاصة، بالتعاون مع إيران؛ وبدا أنهما مرتاحتان لكونها في معسكرهما. وتعمل بكين، في إطار مبادرة «الحزام والطريق»، على تعزيز التعاون الاقتصادي مع بلدان المنطقة، بما فيها إيران، وتعتبرها جزءاً من نطاق نفوذها الاقتصادي. أمّا روسيا، التي دخلت بعد الحرب مع أوكرانيا في مواجهة من العيار الثقيل مع الغرب، فتعتبر التعاون مع إيران، مهمّاً بالنسبة إليها. فهي تستفيد من طاقاتها في المواجهة السياسية والأمنية والعسكرية، فضلاً عن أن تعاونها الاقتصادي معها تتضاعف أهميّته في ذروة الضغوط الاقتصادية التي تعانيها. ويحظى استكمال مشروع «ممرّ الشمال – جنوب» بطابع حيوي بالنسبة إلى روسيا، لكون إيران تقع في قلْب هذا الممرّ.
كذلك، عزّزت عضوية إيران في «شنغهاي»، مضافةً إلى اتفاقاتها للتعاون الاستراتيجي مع روسيا والصين، سياسة الجمهورية الإسلامية لـ«التحوّل شرقاً» أكثر فأكثر، وهو ما يُعبَّر عنه في استراتيجية ورؤية المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، الذي كرّر على الدوام القول إن النظام العالمي آخذ في التغيير، وإن تمركز السلطة والقوّة في المستقبل لن يكون في قبضة الولايات المتحدة والغرب.
ولهذا السبب، لقي قبول عضوية إيران في «شنغهاي للتعاون» ترحيباً واسع النطاق في الإعلام القريب من السلطة في إيران. واعتبرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، في تقرير، أن سبب قبول عضوية إيران رسميّاً في المنظّمة، يعود إلى تنحية سياسة «الانفراج ومجاراة الغرب» جانباً، مضيفةً أن «اهتمام أعضاء الحكومة الثالثة عشرة (حكومة إبراهيم رئيسي) بالقوى غير الغربية أسهم في ازدياد ثقة بلدان مثل الصين وروسيا بإيران، وإضاءة الضوء الأخضر لمنظّمة شنغهاي للتعاون وحتى الدول الأعضاء في بريكس، بوصفها القوى الناشئة في العالم، لبلادنا». ومن جهتها، كتبت صحيفة «جوان» التابعة لـ«الحرس الثوري»، أن «النشطاء السياسيين والإعلاميين المنضوين في إطار المجموعة المنبهرة بالغرب في الحكومة السابقة، كانوا يزعمون دائماً أنه من غير الممكن الانضمام إلى عضوية منظمة شنغهاي من دون الانخراط في مجموعة العمل المالي (FATF) ومن دون الاتفاق النووي؛ لكنه يتبدّى يوماً بعد آخر، مظهر جديد من زيف مزاعمهم».
في المقابل، بدت الصحف الإصلاحية والمعتدلة أقلّ تفاؤلاً بانضمام إيران إلى «شنغهاي للتعاون». ونقلت صحيفة «ستاره صبح» ما قاله الناشط الاقتصادي، إسماعيل مختاري، من أن «شرط نجاح هذه الخطوة وقطف ثمارها هو حلّ الخلافات بين إيران والدول الغربية، وقبول طهران بشروط مجموعة العمل المالي». وكذلك، استبعدت صحيفة «اعتماد»، هي الأخرى، أن «تتمكّن إيران من الاستفادة من انضمامها إلى منظمة التعاون الاقتصادي، وذلك بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة وعدم امتلاك بنية تحتية قوية يمكن لها أن تستثمرها في علاقاتها الاقتصادية مع دول أعضاء المنظّمة».

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى