رأي

إدعموا الجيش بالتبرعات ..ولو ب”القجج”(د.محمد رضا)

     د. محمد خليل رضا

عندما ندفع رسوم فواتير المياه والكهرباء والهاتف ومعاملات إدارية رسمية أخرى متعددة ومتشعبة، نلاحظ عبارة “ألفي ليرة لبنانية 2000 ل.ل.” أو ربما أكثر كرسم طابع مالي؟!..  فلماذا لا تفرض الدولة اللبنانية طابعا ماليا حقيقيا لدعم الجيش اللبناني يتم وضعه على هذه الأوراق والفواتير الرسمية المتنوعة، بدل أن “نستجدي” من دول العالم دعما للجيش عبر مؤتمرات دولية كالذي حصل في العاصمة الفرنسية باريس بحضور مندوبي أكثر من خمس وعشرين دولة ووفود أخرى.

من “المخجل” والمقلق جداً أن نطلب بصورة رسمية من فرنسا ،وهي مشكورة ،عبر مروحة علاقاتها مع دول العالم ،أن “تضغط” أو ربما تتمنى على هذه الدول دعم الجيش اللبناني،بمواد غذائية ومياه وعصير وطعام ومعلبات واحتياجات شخصية تموينية على أنواعها،في حين أن المطلوب تزويد الجيش بمعدات حديثة ومتطورة جداً وأسلحة على أنواعها وشاحنات ودبابات وذخائر وآليات وصواريخ ومدافع وطائرات وغيرها وتجهيزات مختلفة لوجستية.

لكن لماذا لا يكون هذا الدعم المطلوب تحت إطار “أهليّة بمحلية”؟ بمعنى أن توزع “قجج” وصناديق تبرعات ودعم للجيش اللبناني في الإدارات الرسمية على أنواعها، وفي المدارس والجامعات والمصانع وأماكن العمل والسوبرماركت، والمولات وأماكن التسوق، والصيدليات والعيادات ومراكز التلقيح وغيرها، على غرار ما نلاحظه في هذه المراكز (أو بعضها..) من وجود “قجج” وصناديق تبرعات خيرية لهذا الحزب، أو ذاك التنظيم، أو تلك المؤسسة الدينية والخيرية.

  أو مثلاً إصدار روزنامات سنوية ترمز إلى الجيش اللبناني، أو وضع رقم حساب للتبرع للجيش، وكلّ حسب إمكاناته وظروفه وسخائه وحبه للجيش، أو حتى سيارات جوالة تجوب “المناطق اللبنانية وكافة الأحياء على أنواعها وتدعو بمكبرات الصوت وأناشيد حماسية بالتبرع للجيش اللبناني بما تيسر، على غرار السيارات التي تجوب المناطق في شهر رمضان المبارك، وفي مناسبات أخرى وهي كثيرة ومتشعبة.

وقد سمعنا مؤخرا عن تقنين في الأطعمة للجيش.وعطفاً على ذلك سمعنا في الإعلام بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، بأن العديد من العناصر والضباط  يفكرون بترك هذا السلك الحساس، وهذه المؤسسة العسكرية الوطنية بامتياز.. يضاف إلى ذلك تردّي الأوضاع المعيشية وغلاء الأسعار، والتحليق المرتفع لصرف سعر الدولار الأمريكي وانعكاسه سلباً على رواتبهم الزهيدة مقارنة بالسعر اليومي والمتقلب لصرف الدولار وألف ضربة سخنة تهبّ عليهم من هنا وهناك. لكن الشروط “المُحكمة” التي وضعها الجيش عليهم مثلاً: حرمانهم من تعويضات نهاية الخدمة، ومن الطبابة وغيرها وغيرها ربما فرملت مكابحهم ولم يفكروا لتاريخه بالموضوع.

هذا الموضوع إن صدقت هذه المعلومات “الخطيرة” فإنه مقلق جداً جداً .فالجيش اللبناني والقوى الأمنية الأخرى هي صمام الأمان للوطن والمواطن وكانوا على مسافة واحدة من الجميع خلال التحركات والمظاهرات الاحتجاجية على أنواعها التي شهدها لبنان منذ حوالي سنتين وكان همهم الوحيد هو حفظ الأمن والنظام العام وتطبيق القانون على الجميع وترك المحتجين الغاضبين يعبرون عن صرخاتهم بالطريقة الديموقراطية السلمية وليس باللجوء إلى العنف والتكسير وقطع الطرقات والاعتداء على الأملاك العامة والخاصة،   فيجب على المسؤولين كل في موقعه بردّ التحية بمثلها أو بأحسن منها وتعزيز قدرات ومعنويات الجيش والقوى الأمنية الأخرى والاهتمام بهم على كافة الصعد مادياً، لوجستياً، وغيرها.

وأيضاً وأيضاً مطلوب من رجال الدين كل في موقعه أن يخصّصوا مساحة ولو صغيرة سواء كان ذلك في عظات الأحد في الكنائس أو خطباء الجمعة في المساجد، يشجعون المواطنين بطريقتهم الخاصة على دعم الجيش اللبناني مادياً ومعنوياً ووضع “قجج” وصناديق تبرعات صغيرة داخل دور العبادة (المساجد، والكنائس والحسينيات والخلوات وغيرها..) وليس بالصلوات والخطب ندعم الجيش

ونطلب أيضاً وأيضاً من المسؤولين كل في موقعه وبعض الجمعيات الخيرية ورجال الأعمال والمغتربين والميسورين مادياً ، بدل أن يقدم البعض منهم سيارات إسعاف وتبرعات وحصص تموينية على أنواعها ومعدات ولوازم أخرى ومساعدات مالية قد تفسّر عند البعض “رشى انتخابية”،ألا ينسوا دعم الجيش اللبناني الذي يضع “دمه على كفه” وهم من كافة الطوائف والمذاهب والمناطق اللبنانية.

أختم بحكمه للإمام زين العابدين علي بن الحسين عليهم السلام:”أعط الخير إلى كل من طلبه منك ،فإن لم يكن من أهل الخير كنت أنت من أهل الخير..”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى