طبعلوم

إحذروا القلق والتوتر في زمن الانهيارات(طلال حمود)

كتب د.طلال حمود

لا شك ان مشاكل اللبنانيين  تعاظمت خلال السنتين الأخيرتين ،وان معظم الشعب اللبناني يتخبّط بالأزمات ،ويعاني اليوم جراء هذا الإنهيار المهول على المستوى الإقتصادي والمالي وتهاوي القدرة الشرائية لليرة اللبنانية وارتفاع اسعار السلع وفقدان اقل مقوّمات الحياة من دواء وكهرباء ومحروقات وغيرها، وتفشّي البطالة وإغلاق المؤسسات وانهيارها وإغلاق العديد من المستشفيات وازدياد الهجرة وحالة التفلّت الأمني وغيرها من احداث.

كل ما تقدّم ترك اثره على حياة المواطنين بحيث اصبح معظم الشعب ،بل كله تقريباً ،يعاني من حالات شائعة جداً او متكرّرة من التوتر والقلق والغضب والإنفعالات الشديدة التي نلاحظها بسرعة لمجرد سيرنا في شوارع بيروت او اي مدينة او منطقه لبنانية اخرى او من خلال حياتنا اليومية العادية في الاسواق او المدارس والجامعات، او في اي دائرة رسمية من دوائر الدولة ، حيث يشعر المواطن بأن قيمته او كرامته قد انحدرت الى ادنى المستويات في هذا الزمن الرديء….

 ولأن ذلك يتسبّب بضرر كبير على مُعظم أعضاء الجسم أعلنت الجمعيه الامريكيه لأمراض القلب والشرايين منذ سنتين او اكثر ، أن حالة التوتر والقلق قد تكون مُسبّباً او مُساهماً كبيراً ومُستقلّا في ظهور حوالي 60 % من بعض الامراض.وعليه يصبح من الضروري توعية كل الاصدقاء والمواطنين اللبنانيين لأهمية التخفيف من ظاهرة القلق والسعي لتجنّب هذه الظاهره الخطيرة بكل الطرق المُتاحة.

فالقلق يتسبّب أولاً  بالصداع والدوخه وعدم التركيز وضعف وتشتّت القدرات الدهنية. كذلك يزيد من نوبات الغضب المُتكرّره والحساسيه المُفرطة تجاه الآخرين. وقد يُورّط بعض الاشخاص بالإعتماد على العنف او على إرتكاب الجرائم في حال عدم قدرتهم على كبح إنفعالاتهم المُفرطه بشكل سريع وفعّال. وقد سمعنا وشاهدنا الكثير  من اخبار هكذا جرائم على مواقع التواصل الإجتماعي او شاشات التلفزة او عبر الإذاعة او على صفحات الصحف .

 كذلك يتسبّب التوتر في زيادة حادّة في ضربات القلب ما قد يؤدّي احياناً إلى إضطربات خطيرة في كهرباء القلب، قد تكون مُميته للأسف في حال لم يتمّ علاجها بسرعه قصوى .وهذه الظاهرة خطيرة جداً، خاصة عند المرضى الذين يُعانون اصلاً من امراض في كهرباء القلب خاصة على مستوى البطين الأيسر او الأيمن او عند المرضى الذين كانوا قد تعرّضوا لذبحات قلبية( إحتشاء في عضلة القلب) او من قصور اوضعف مُزمن في عضلة القلب.  كما يُؤدّي القلق ايضاً  الى زيادة نسبة الإصابه بمرض تصلب الشرايين والجلطات الدماغيه وارتفاع الضغط الشرياني والسكري والى تفاقم اعراض كل هذه الأمراض ،إضافة الى ما تسبّبه من مشاكل كثيرة في الجهاز الهضمي ،منها عسر الهضم،  قرحة المعده والاثني عشر،  توتر الكولون وآلام مُتكرره ومتنوعة  في البطن، تفاقم اعراض هذا الأمراض اذا كانت موجودة في الأصل. كذلك فهو يتسبب ايضاً في زيادة الوزن بسبب قلّة الحركة وزيادة الشهيه والأكل العشوائي كردّة فعل على الإنفعالات والشعور بالغضب.

كذلك يؤدي القلق الى إنخفاض الرغبه الجنسيه ومشاكل في الإنتصاب وعدم قدرة الى الإستمرار في الإنتصاب بشكل مُطوّل ومشاكل في نوعية السائل المنوي وانخفاض نسبة في  الخصوبة.

كل ما ذكرناه آنفا، يؤدي الى هبوط مستوى الطاقه الجسديه والذهنيه والشعور الدائم  بالإرهاق وعدم القدرة على التركيز، اضافة الى قلة النوم ، خلل وهبوط في عمل ووظيفة جهاز المناعة، تدهور حالة مرضى الربو وتبدّلات كبيرة في المشاعر تجاه الاخرين، ما ينتج عنه في النهاية التوجّه نحو  عادات سلوكية غير سليمة وخطيرة مثل  زيادة استخدام الكحول والتدخين وإستعمال المخدّرات وزيادة حالات الانتحار، وهذا ما يزيد بشكل كبير مخاطر هذه الظاهرة .

في الخلاصة ثمةعلاجات مُمكنة لهذه الحالات المرضية، واول قائمتها محاولات  الإسترخاء والتأمّل وسماع الموسيقى والمطالعة والدعاء والصلوات ( للمؤمنين والمتديّنين)  وممارسة الرياضة بكل انواعها والإبتعاد عن تناول كل اشكال وانواع المنبّهات والتدخين والكحول والمخدّرات وستكون لنا محطة أخرى مع هذه العلاجات وتفاصيلها..

*طبيب قلب وشرايين- مُنسّق ملتقى حوار وعطاء بلا حدود

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى