سياسةمحليات لبنانية

هل هو زمن الاستعمار الجديد؟

   

كتب محمد هاني شقير:
في مثل هذه الايام قبل ٣٨ عامًا كانت قوات العدو تقتحم بيروت، وفيما كان هناك من ينتظر دوره ليحكم سيطرته على دولة هوت، فإن ثلة من الحالمين كانت تؤسس لأنبل ظاهرة عرفها التاريخ العربي.. المقاومة.

في هذه المناسبة بالذات ونحن نستذكر تلك الطلقات الأولى التي زغردت فوق مواقع الاحتلال المنتشرة في شوارع بيروت، فإننا نشهد سقوطا مدويا لعواصم عربية، التي يدخلها قطار العدو قادمًا من القدس آمنًا وشاهدًا على احتفالياتٍ مزيفة تقيمها له منظومات فاقدة لشرعيتها الشعبية، وتستمدها فقط من عالمٍ "حر" ما زال جاثمًا فوق القضية المحقة الوحيدة الباقية في هذا الزمن، قضية فلسطين.
هذا القطار الدنيء يتابع مساره، قاطعًا محطاته المتخاذلة المجهزة له، ويجد من ينتظره على أبواب مدنٍ قسمها المستعمر في اتفاقية سايكس -بيكو، وجعلها ضعيفة بلا حول ولا قوة.
تأتي هذه التطورات في وقتٍ يزداد الهجوم الاميركي ويتسع في جميع أرجاء المنطقة، مدعومًا بأساطيله وجيوشه القابعة بين ظهرانينا  وفي مدننا وقرانا وعواصمنا، بغية تحقيق أحلام هيرتزل، الأب الروحي وزارع فيهم قيَمًا غريبةً عنّا وعن حضارات العالم كله.
فهذا عراق الفرات مقطع الأوصال يرزح تحت سلطةٍ نهبت خيراته، وراكم زعماؤه أموالاً طائلة أودعوها بنوك ومصارف تضع اميركا يدها عليها. وهذه دول الخليج قد فقدت أصالتها العربية فصارت تحتفل بمهرجان من أجل ديك وتزين رقاب الخيل بالذهب وتصنع أكبر كمامة بالتاريخ. وهذه قاهرة عبد الناصر تنوء تحت مليارات الدولارات من الديون، وتنافسها تركيا اردوغان في عمقها الاستراتيجي حيث فرنسا هي الأخرى تستشعر بخطر ينسحب على مستعمراتها الافريقية انطلاقًا من ليبيا.
في هذا الوقت بدأت تظهر مؤشرات سياسية جديدة لروسيا بوتين حول دور وموقعية سورية في المنطقة، ترسم علامات استفهام كثيرة، إن لجهة التنسيق مع تركيا بشأن شمال سورية، وإن لجهة الحضور الايراني ودوره في مستقبل هذا البلد.
هل تعود الجماهير العربية الى الساحات من بوابة رفض التطبيع مع العدو، أم الإصابات الكثيرة التي أثخنت جسدها جعلته يستسلم لمشيئة الأنظمة والاستعمار على حدٍ سواء؟


 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى