سياسةصحفمحليات لبنانية

قالت الصحف: عقبات امام تأليف الحكومة يقابلها استعجال دولي

 

الحوار نيوز- خاص

ابرزت الصحف الصادرة اليوم العقبات التي تواجه تشكيل الحكومة ،يقابل ذلك استعجال دولي لانجاز هذه المهمة في اسرع وقت ممكن. 

  • كتبت صحيفة “الاخبار” تقول:لم يكُن سهلاً على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل تجرّع الكأس المُرّة بتكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل حكومة جديدة، وهو ما بدا جلياً في موقف باسيل الذي توجّه به إلى الحلفاء الذين تجاهلوا ترشيح اسم آخر، ما قد يؤدي إلى استخدام كل الوسائل لتقوية موقعه التفاوضي في مشاورات التأليف، وأبرز ورقة لديه هي توقيع الرئيس عون، الذي تقول مصادر مطّلعة إنه «لن يُعطي لميقاتي حكومة لا يحجز فيها باسيل حصة وازنة».

في موازاة هذه القراءة، رأت المصادر أن كلام باسيل، ثم تصريحات ميقاتي عن تفعيل حكومة تصريف الأعمال، تعبّر عن تسليم بوجود أزمة حقيقية بينَ الطرفين تجعلهما مقتنعين بعدم إمكانية تأليف حكومة خلال فترة قريبة، مُشيرة إلى أن مسار التأليف سيكون مشدوداً بحبال متفرقة، كل منها يُمسِك بها لجهته وتكريس نفوذه الحكومي، وستكون المواجهة الأساسية والظاهرة بينَ عون وفريقه من جهة، وميقاتي من جهة أخرى. لكن الجميع يدرك أن المشكلة الحقيقية تكمن في عودة الخلافات القوية بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس عون وباسيل وتشمل الحكومة وأموراً أخرى.

 

وتبيّن أن وساطة قامت بها مرجعية رسمية لم تحقّق نجاحاً لترتيب تواصل مباشر بين الرئيس ميقاتي وباسيل، وأن انقطاع العلاقات مستمر بين الجانبين قبل التكليف وبعده. وأن موقف عون وباسيل من فكرة التعديل الوزاري مرتبط بالموقف من ضرورة أن تكون الحكومة مكتملة الشرعية من خلال منحها ثقة مجلس النواب، وذلك لمنع بروز مشكلة في حالة عدم تمكن المجلس النيابي من انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وبينما تبدي غالبية القوى خشية من هذا الأمر، تقول مصادر متصلة بالرئيسين بري وميقاتي إنهما يناقشان اجتهاداً دستورياً يقول بأنه في حال عدم التمكن من تشكيل حكومة جديدة، وحصل أن تعثر انتخاب رئاسي في الموعد المقرر دستورياً، فإن هذه الحكومة تعدّ حكومة كاملة الصلاحيات لعدم وجود بديل منها، وبالتالي يمكنها أن تدير البلاد وتمسك بصلاحيات رئاسة الجمهورية. وهو أمر يرفضه خبراء كثر في الدستور ويرونه «فصلاً غير مسبوق في التفكير الهادف الى عدم تشكيل حكومة جديدة لأنه لا يمكن الوصول الى تسوية واضحة مع فريق الرئيس عون» على ما قال أحد المعنيين.

امتحان آخر يخرج منه نوّاب التغيير منهَكين ومشتّتين
وفيما تبدأ استشارات الرئيس المكلف مع الكتل النيابية الثلاثاء المُقبِل، كشفت مصادر بارزة أنه «ستسبقها مشاورات جانبية تبدأ غداً الأحد للبحث في عدد من الخيارات، وبما خصّ فكرة التعديل الوزاري، قالت المصادر إن الخلاف الفعلي قائم حالياً حول ما إذا كان الرئيس المكلف يريد تغييراً واسعاً يشمل الأسماء والحقائب، بينما قال الرئيس بري لمتّصلين به، إنه يفهم التعديل الوزاري على أنه استبدال لكل فريق ممثله بآخر إذا وجد حاجة الى ذلك، شرط عدم المس بالتوزيع القائم للحقائب طائفياً ومذهبياً. بينما يظهر من المناقشات عدم ممانعة التيار الوطني الحر حصول تعديل على الحقائب أيضاً بما يمنع حصر حقيبة بطائفة دون أخرى، في إشارة مباشرة الى وزارة المالية. فيما لم يعلن الرئيس ميقاتي تصوّره النهائي لأي تعديل يريده.
ومع رفض القوى الأخرى التي لم تسمّ ميقاتي المشاركة في حكومة وحدة وطنية، وتحديداً «القوات» اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي وبعض النواب المُستقلّين الذين أعلنوا عن ضرورة مواجهة أيّ حكومة سيشكلها ميقاتي، كما صرّح النائب عبد الرحمن البزري. فإن «بلبلة» تسود العلاقة بين ميقاتي وجنبلاط، ويبدو أن هناك تفسيرات إضافية؛ من بينها أن النائب تيمور جنبلاط يرفض المشاركة نهائياً في أي حكومة، وأن إصراره على تسمية نواف سلام لم يكن مرتبطاً فقط بالتناغم مع جهات خارجية بقدر ما كان بوابة للخروج من حكومة ميقاتي. وتقول المصادر إن جنبلاط الابن أثار مسألة توقف ممثلي الاشتراكي في حكومة تصريف الأعمال عن القيام بأعمالهم سريعاً جداً. وهو أمر يظهر استراتيجية جديدة لا أحد يحسم ما إذا كان بمقدور جنبلاط الابن فرضها بخلاف رغبة أبيه.

 

أما نواب «التغيير» الذين خرجوا من امتحان الاستشارات النيابية المُلزمة منهكين مشتّتين، ما جعل توحّدهم في تكتل أو إطار نيابي موحد على المحك، فقد ظهر عليهم التعب السياسي الذي فرض استراحة «مدتها 24 ساعة لأخذ النفَس» كما قالت أوساطهم. وهذا التشتّت يعود إلى «سوء إدارة الحوارات الداخلية في ما بينهم»، فضلاً عن «الفشل في الاتفاق على آلية لاتخاذ القرارات، بعدما تحوّل النواب إلى رهائن لمواقفهم الشعبوية». لذلك، وفي ضوء النتائج المترتّبة أخيراً، تقرّر عقد خلوة بين الزملاء الـ 13. وفيما بقي المكان والزمان متروكين إلى حينه، علمت «الأخبار» أن الخلوة ستكون عبارة عن «مشروع ورشة نيابية – إدارية»، ومن بين المواضيع المطروحة على جدول أعمالها، إجراء هيكلة تنظيمية يتم خلالها توزيع المهام بين النواب، وإعادة الاعتبار إلى أمانة السر والاتفاق على آلية تصويت داخل الكتلة، فيما ترك موضوع رئاسة الكتلة للنقاش الجانبي، وسط معلومات تُشير إلى تباين في وجهات النظر بين فريقين: الأول يطلب اعتماد آلية لانتخاب الرئيس كل 6 أشهر، فيما الفريق الثاني يطرح فكرة التناوب على رئاسة الكتلة شهرياً.
على صعيد آخر، وبعد انتهاء استراحة الـ 24 سيعاود النواب الاجتماع غروب الأحد (مبدئياً) من أجل بحث التوجهات يوم الاستشارات النيابية غير الملزمة التي يستضيفها مجلس النواب مطلع الأسبوع. وفي هذا المجال، علمت «الأخبار» من مصادر النواب أن التوجّه هو إبلاغ رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي عدم الرغبة في المشاركة بالحكومة أو تسمية أيّ ممثل عنهم «لأنها عبارة عن حكومة محاصصة سياسية تمثل أحزاب المنظومة». وقال أحد هؤلاء النواب إن «جلسة الاثنين مع ميقاتي ستحدد بوصلة التعامل معه، ولو أن الانطباع بات واضحاً منذ الآن، مؤكداً أن «قرار رفض المشاركة بالحكومة الميقاتية سينسحب لاحقاً على قرار «حجب الثقة عنها» في حال تشكّلها.

 

 

 

  • وكتبت “النهار” تقول: لم يكن غريبا ان تستعجل الاسرة الدولية بما عكسه موقفان فوريان صدرا امس عن مجموعة الدعم الدولية من اجل الدولية وفرنسا، الرئيس المكلف #نجيب ميقاتي تشكيل حكومة بسرعة في ظل تفاقم معاناة الشعب اللبناني. اذ ان المخاوف الدولية حيال تعثر تاليف الحكومة لا تختلف عن المخاوف الداخلية، ولا يبدو ان الانهماك الدولي بالتداعيات المدمرة للحرب الروسية على أوكرانيا تسمح للبنان بترف الالتفات الدولي اليه باكثر من بيانات كتلك التي صدرت البارحة رامية كرة استعجال الحكومة وما يترتب عليها من أولويات فورية في ملعب القوى اللبنانية المنتخبة حديثا. ولكن ذلك لا يقلل أهمية المواقف التي صدرت اذ أعلنت مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان غداة تكليف ميقاتي انها “اخذت علماً بتكليف رئيس لمجلس الوزراء وتدعو جميع الأفرقاء السياسيين لتشكيل حكومة بسرعة”. وأضافت في بيان “لا يستطيع لبنان ومواطنوه تحمل الشلل السياسي، نظراً للتحديات الإقتصادية والإجتماعية القاسية التي يواجهونها. كما تؤكد مجموعة الدعم الدولية أهمية الالتزام بالمهل الدستورية من أجل إجراء الإنتخابات الرئاسية في موعدها المحدد. وتحث مجموعة الدعم الدولية الأطراف اللبنانية المعنية، بما في ذلك السلطات التنفيذية والتشريعية، على العمل بسرعة على تشكيل سريع لحكومة تستطيع تنفيذ إصلاحات مهمة ومؤجلة من أجل تخفيف معاناة الشعب اللبناني. وعلى السلطات على وجه الخصوص الإيفاء بالالتزامات التي تم التعهد بها في الاتفاق الذي ابرم على مستوى الموظفين مع صندوق النقد الدولي في 7 نيسان 2022، بما في ذلك عبر إقرار قوانين الموازنة ووضع ضوابط على حركة رؤوس الأموال والسرية المصرفية وتنظيم القطاع المصرفي، بالإضافة إلى قرارات الحكومة والمصرف المركزي بشأن تنظيم القطاع المصرفي وتوحيد أسعار الصرف، بهدف إرساء أسس متينة للإغاثة الاجتماعية والاقتصادية وتحقيق التعافي المستدام للبنان. وأفضل طريقة لتحقيق ذلك هي من خلال الاتفاق مع صندوق النقد الدولي بدعم من المانحين الدوليين. وتستمر مجموعة الدعم الدولية بالوقوف إلى جانب لبنان وشعبه”.

 

وبدورها اعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أُن “فرنسا احيطت علمًا بتعيين السيد نجيب ميقاتي في منصب رئيس الوزراء بعد المشاورات التي أجريت في مجلس النواب الجديد. ويقع على عاتق رئيس الوزراء المعيّن تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن قادرة على تنفيذ التدابير الطارئة والإصلاحات الهيكلية الضرورية للنهوض بالبلد، التي تم التفاوض عليها في نيسان المنصرم مع صندوق النقد الدولي.

وتقع المسؤولية على عاتق جميع القوى السياسية اللبنانية الممثلة في البرلمان، وذلك بعد مضي أكثر من شهر على الانتخابات التشريعية. ويتعين على ممثلي الشعب اللبناني العمل أخيرًا وفي أسرع وقت ممكن لخدمة مصالح البلد العامة نظرًا إلى التدهور المتواصل في ظروف اللبنانيين المعيشية. وتذكّر فرنسا بحرصها على أن تُعقد الانتخابات الرئاسية وفقًا للجدول الزمني المنصوص عليه في الدستور اللبناني.وستواصل فرنسا التزامها التام إلى جانب الشعب اللبناني.”

 

استشارات ميقاتي

اما على صعيد المشهد الداخلي غداة التكليف فاعلنت الامانة العامة لمجلس النواب مواعيد استشارات التأليف غير الملزمة التي سيجريها ميقاتي في المجلس، اعتبارا من بعد ظهر الإثنين على ان تستمر الى بعد الظهر الثلثاء.

 

ونقل مراجعو ميقاتي وزواره بعد تكليفه عنه بأنه يرفض وضع اي شروط مسبقة عليه من أي جهة. ورغم العوائق التي تعترض المسار الا انه سيستغل اي كوة تساعد في الاقتراب من التأليف. وهذا ما سيعكسه في الاستشارات النيابية غير الملزمة مع الكتل. ولم يدخل ميقاتي بعد في شكل الحكومة والتوجه نحو الوزراء في انتظار الاستماع الى جميع الاراء النيابية. وينقل عنه انه يريد بالفعل “حكومة منسجمة”، ولا سيما ان الوقت لا يسمح بأي مشكلات او احداث اي ازمات وسط كل هذا الكم من التحديات. وشدد على مسألة عدم اطلاق اي تشكيلة حكومية مستعجلة اذا لم تكن وفق المواصفات المطلوبة التي تساعد في انقاذ البلد. وكانت قد وصلته اكثر من اشارة من رئيس مجلس النواب نبيه بري وغيره بضرورة الاسراع في التشكيل، لكن في الوقت نفسه طلبت منه تفعيل تصريف الاعمال ودعوة الحكومة الى الانعقاد عندما تدعو الحاجة، ولا سيما حيال المطالب المعيشية وفي مقدمها ازمة الرغيف التي تهدد بفوضى اجتماعية على ابواب الافران في مختلف المناطق في مشهد لم يعرفه اللبنانيون في ايام الحرب .

 

اما البارز في اتجاهات الرئيس المكلف فهي معلومات تؤكد انه اذا نجحت مشاورات ميقاتي الجارية حالياً والتي سيستكملها في الاستشارات النيابية غير الملزمة الأسبوع المقبل، فهو يعتزم اجراء تطعيم للحكومة الحالية فقط، ويضع الصيغة المعدلة على طاولة رئيس الجمهورية، رامياً كرة التعطيل لديه ولدى فريقه السياسي، اذا كان هذا الفريق قادراً على تحمل تبعات تعطيل على مسافة أشهر معدودة من انتهاء الولاية الرئاسية.

 

دار الفتوى

وحظي ميقاتي بدعم قوي من دار الفتوى فيما تردد مزيد من الاصداء الواجمة لـ”مقاطعة ” الكتلتين الاكبرين لدى المسيحيين “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” تسمية أي مرشح لرئاسة الحكومة . وسجلت مواقف لافتة لمفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف #دريان الذي اتصل بميقاتي مهنئا بتكليفه ومتمنيا له النجاح والتوفيق في مهامه “بتحقيق النهوض بالوطن في شتى المجالات وتفعيل عمل المؤسسات الرسمية والقيام بالإصلاحات المطلوبة”، قبل ان يزوره الرئيس المكلّف في دارته وينتقلا لاداء صلاة الجمعة في مسجد الامير منذر في وسط بيروت.

 

وحرص دريان على الطمأنة الى ان “أهل السنة والجماعة في لبنان بخير رغم كل ما يتعرضون له من أزمات متلاحقة وسيبقى دورهم ومكانتهم وموقعهم الشعبي والدستوري والأساسي في المجلس النيابي وفي الحكومة ورئاستها في الدولة اللبنانية”، معلنا ان “دار الفتوى المؤتمنة على الوجود والتاريخ والعقيدة لما فيه مصلحة المسلمين واللبنانيين جميعا مواقفها ثابتة وصلبة لا تزعزعها التحديات وستواجه بقوة وحزم كل الأفكار والطروحات المريبة والمشاريع المشبوهة التي تنال من الشريعة الإسلامية السمحاء”.

 

وسط هذه الاجواء، شدد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع على “أهمية انتخابات رئاسة الجمهورية التي يطالب بإجرائها في بداية المهلة الدستورية، بعد ان خسر رئيس الجمهورية ميشال عون الفرصة الجدية التي منحت اليه لإنقاذ البلد”. ولفت الى انه “امام الاستحقاق الرئاسي نعمل جاهداً لتوصل المعارضة الى دعم اسم واحد، ولا سيما ان لا قدرة او جرأة لأي احد على تعطيل هذا الاستحقاق او تأخير حصوله، باعتبار انه باب الخلاص الأول المتاح امام اللبنانيين”.

 

في المقابل دعا رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد الى تشكيل حكومة مصغرة وقال “الجميع قال ان هناك اشهرا متبقية من ولاية هذا العهد يجب ألا نضيعها في البحث عن رئيس حكومة، والحمد لله سارَعنا في العمل وتم تكليف رئيس للحكومة والآن سنسارع لنشكل الحكومة حتى لا نضيع الأشهر المتبقية في توزيع الحصص والتخاصم حولها”. وتابع: “انظروا إلى الأولويات التي يحتاجها البلد ولنشكل حكومة تستطيع أن تخدم هذه الأولويات، واختصروا الوزارات ولا داعي لكثرتها. لتكن الحكومة قادرة على خدمة الأولويات التي تتطلّبها المرحلة الحاضرة في البلاد ومنها إنقاذ الوضع النقدي، وتأمين الكهرباء، وإقرار خطة التعافي، تثبيت سعر الليرة اللبنانية، تنشيط الحركة الإقتصادية في مختلف المجالات، تأمين المواد اللازمة الغذائية والطبيّة والحدّ الأدنى من الرعاية التي تسهم في الإنتاجية في المرحلة المقبلة “.

 

وفي سياق متصل بأزمة الطاقة في لبنان اعلن المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس “اننا نرحب بتوصل مصر ولبنان إلى اتفاق لتوفير الغاز للبنان للتخفيف من أزمة الطاقة”. واضاف برايس “هذه خطوة مهمة نحو التعاون الإقليمي لدعم الشعب اللبناني. نحن نتطلع للعمل مع البنك الدولي لمراجعة التفاصيل “.

 

  • وكتبت “الجمهورية” تقول: على الرغم من إتمام الاستشارات النيابية الملزمة وإعادة تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل آخر حكومة في عهد الرئيس ميشال عون، فإنّ ما يستدعي الالتفات إليه، هو استمرار الضخّ السياسي والاعلامي، الذي سبق وواكب هذه الاستشارات، ناعياً إمكان تأليف حكومة خلال الفترة المتبقية من العهد.

 

ترويج موانع!

الواضح أنّ مضخّات النّعي قد فعلت فعلها في أوساط سياسية مختلفة، وعزّزت لديها الاعتقاد بأنّ كلّ الاحتمالات واردة في هذه الفترة، إلا احتمال التأليف. حيث انّها ترتكز إلى مجموعة موانع:

المانع الاول، العامل الزمني المرتبط بالاستحقاق الرئاسي والعمر الافتراضي للحكومة، التي إن تشكّلت اليوم، فلن يزيد عن أربعة أشهر، وهي الفترة المتبقّية من عهد الرئيس عون، الذي ينتهي في 31 تشرين الاول المقبل. والتي تُعتبر فترة انتقالية، الأولوية فيها ليس التنقيب عن أي شخصية مؤهلة لتبوؤ سدّة الرئاسة الاولى، بل عن الشخصيّة التي تحظى بمقبولية وتوافق عليها بين المكونات السياسية. وهنا تكمن صعوبة لا يستهان بها، تفتح الباب على شتى الاحتمالات، بما فيها عدم التمكن من إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري. هذه المرحلة الانتقالية الرئاسية، معطوف عليها العمر القصير للحكومة، يطفئان الحماسة السياسية لحكومة حتى ولو تشكّلت اليوم، ستنتهي ولايتها بعد بضعة اسابيع إن أُجريت الانتخابات الرئاسية، وترحل لتأتي حكومة جديدة. ومهما كان شكل الحكومة الجديدة ومضمونها و«نوعية» بيانها الوزاري، فلن يكون في مقدورها ان تفعل او تنجز شيئاً في هذه الفترة، وبالتالي تشكيلها أو عدمه لا يشكّل أي فارق.

 

المانع الثاني، العامل السياسي، حيث انّ الجو الناشئ بعد الانتخابات النيابية، يفتقد الى «التوازنات» التي تشكّل القاعدة الصلبة التي يفترض ان تقوم عليها الحكومة. وبالتالي، يستحيل تشكيل حكومة، في جوّ ملبّد بمكوّنات سياسيّة محكومة بتباينات وخصومات وانقسامات أكثر حدّة وعمقاً ممّا كانت عليه قبل الانتخابات.

 

المانع الثالث، العامل الابتزازي الذي يتهدّد أيّ تشكيلة حكومية، والذي دأبت عليه أطراف معيّنة، تجاهر علناً بعدم مشاركتها في الحكومة، وتقاتل ضمناً على الأحجام والظفر بحصة الأسد داخل الحكومة، وكذلك على التمسّك بحقائب معيّنة، متسلّحة بتوقيع رئيس الجمهورية مرسوم تأليف الحكومة.

المانع الرّابع، عامل الانكفاء، سواء الإرادي أو المطعّم بشيء من الكيديّة، الذي جرى التعبير عنه بإعلان بعض المجموعات السياسية التي تصنّف نفسها بين معارضة سيادية ومعارضة تغييرية، عدم مشاركتها في الحكومة. وهو الامر الذي يصعّب على الرئيس المكلّف مهمّة التأليف، حيث انّ هذا الانكفاء قد أسقط مسبقاً فكرة قيام حكومة وحدة وطنية، أو حكومة شراكة، او حكومة جامعة. ويضع بالتالي «المؤلّفين» أمام خيار الذهاب الى حكومة من طرف واحد، وحكومة كهذه ومهما جرى تجميلها، ستُعتبر حكومة صدامية، ومثل هذه الحكومة قد جُرِّبت في الماضي وأسست لتعقيدات وسلبيات، ولا يبدو أحد من المؤلفين في وارد تكرار تجربة حكومة تستفز الداخل بقدر ما تستفز الخارج.

 

المانع الخامس، عامل الثقة، حيث انّه مع اتساع رقعة المعارضين في مجلس النواب، وغيابهم عن التمثّل في الحكومة، فإنّ أي حكومة تتشكّل، سيعتبرها هؤلاء حكومة من لون واحد. وجلسة الثقة ستكون جلسة منازلة صعبة وحلبة تهشيم بها، وقد تنال هذه الحكومة الثقة، لكنها لن تحظى بالثقة المريحة المحفّزة لها للانطلاق بعملها، بل بثقة عرجاء كاسرة لمعنوياتها. وهذا ما يريده المعارضون ويعتبرونه انتصاراً لهم؟!

 

الثقة ثقة .. ولو على صوت!

وفي سياق الحديث عن الثقة، أبلغت مصادر مجلسيّة الى «الجمهوريّة» قولها: «انّها تخالف كل التوصيفات التي يتمّ إسقاطها على الثقة بالحكومة، تارة بتوصيفها «ثقة كبيرة»، وتارة اخرى بتوصيفها «ثقة هزيلة»، فهذا تلهٍّ بلعبة فارغة، ذلك أنّ كلا الامرين يوصلان الى نتيجة واحدة، فالثقة إن نالتها الحكومة، بفارق صوت واحد عن المعارضين او بفارق 50 صوتاً، هي ثقة كاملة تمنح الحكومة حق الانطلاق والعمل بكامل صلاحياتها ومواصفاتها ومعنوياتها، متجاوزة كلّ صخب سياسي مفتعل يستهدفها. وهذا هو الحال في كل الانظمة الديموقراطية والبرلمانية. ولذلك، أي لعبة سياسية لاستهداف اي حكومة بلعبة الثقة القليلة او الهزيلة، هي لعبة خاسرة وبلا أي جدوى».

 

المهمّة ليست مستحيلة

وعلى الرغم من انّ احتمال تعثّر التأليف هو الأكثر رواجاً في الأوساط السياسيّة، وتؤكّد ذلك لـ»الجمهورية» مصادر معنية بملف تأليف الحكومة، الّا انّها لا تتبنّاه، بل تضعه في سياق «التشويش المتعمّد، غير المبني على أسس او معطيات تبرّره، والهدف منه فقط إرباك مهمّة الرئيس المكلّف، وصولًا لإحراجه فإخراجه».

ولا تنفي المصادر عينها، «أنّ مهمّة ميقاتي صعبة، في ظلّ واقع سياسي منقسم ومعقّد»، الّا انّها في الوقت نفسه تعتبر «انّ هذه المهمّة ليست مستحيلة».

 

خيار من اثنين؟

على انّ اللافت في هذا السياق، ما اشارت اليه اوساط سياسية، بأنّ إعادة تكليف ميقاتي تضع كل المعنيين بتأليف الحكومة الجديدة، وتحديداً مستعجلي هذا التأليف، أمام واحد من خيارين لا ثالث لهما؛ إما اثبات عدم قدرتهم على استيلاد حكومة، بما يؤكّد النعي المسبق للتأليف، وإما دفع الرياح الحكومية في الاتجاه الذي يُحدث صدمة ايجابية تتولّد عنها حكومة ضمن فترة زمنية قياسية.

 

قَبِلَ التكليف ليؤلّف

ربطاً بذلك، تؤكّد مصادر معنية بالتكليف لـ«الجمهورية»، انّ «عامل الوقت يضغط على الجميع، وتبعاً لذلك من الطبيعي أن يمنح الرئيس المكلّف نفسه مهلة قصيرة لإنجاز مهمته، وهو عازم على خوض هذا التحدّي، وهو في الأساس لم يكن ليقبل التكليف لو لم تكن لديه النية والرغبة في تأليف سريع للحكومة. ومن هنا فإنّ التوجّه هو لمقاربة ملف التأليف وكأنّه حاصل غداً، فلا نملك الوقت لنضيعه، وندرك أنّ كل دقيقة تضيع لها ثمنها، ومن يدفع الثمن هو الناس».

 

خريطة التأليف

وإذا كانت الاستشارات النيابية غير الملزمة التي سيجريها الرئيس المكلّف يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين في ساحة النجمة، تشكّل محطة للاستئناس بالآراء النيابية والوقوف على مواقف الكتل، الّا انّها كما يقول مرجع مسؤول لـ»الجمهورية»، تفترض ان يليها اتباع فوري لخريطة طريق الى التأليف تقوم على الخطوات التالية:

 

اولاً، التسليم اولاً، وقبل كل شيء، بأنّ كرة تأليف الحكومة ليست في ملعب الرئيس المكلّف وحده، بل هي في ملعب كل مستعجلي الحكومة. ومن هنا يقع تسهيل مهمّته، وقبل كل الآخرين، على عاتق «أهل البيت»، أي الشركاء له بالسياسة او بحكم الدستور، في تأليف الحكومة.

 

ثانياً، عدم الغرق في التسميات الحكومية، وتجاوز التوصيفات سواء حكومة وحدة وطنية او ما شابه ذلك، وتحديد الهدف بتشكيل «حكومة إنقاذ وطني» دون أي تسمية اخرى، ومبادرة الرئيس المكلّف إلى وضع كل الاطراف امام مسؤولياتهم، عبر إجراء مشاورات شاملة على قاعدة انّ الباب مفتوح امام الجميع للمشاركة في حكومة الإنقاذ، من دون استثناء أي طرف، حتى أولئك الذين لم يسمّوه في الاستشارات، او أولئك الذين اعلنوا مسبقاً انّهم لن يشاركوا فيها.

 

ثالثاً، ان تجري هذه المشاورات بوتيرة سريعة، ليبادر الرئيس المكلّف في اقرب وقت ممكن، وبناءً على نتائجها، إلى تقديم تشكيلة الحكومة الجديدة الى رئيس الجمهورية لإصدار مراسيم تشكيلها. 

 

رابعاً، ان يكون رئيس الجمهورية، انطلاقاً من موقعه السياسي، ومن صلاحياته الدستورية كشريك في التأليف، المسهّل الأول لتأليف الحكومة، والمانع لإدخال هذه العملية في بازار الأحجام والحقائب، والكابح لأي شروط تعطيلية للتأليف، سواء من فريقه السياسي او غيره، وان يسعى مع الرئيس المكلّف الى إخراج حكومة تكون بمثابة إنجاز حقيقي للعهد حتى في آخر ايامه.

 

خريطة الطريق

خريطة الطريق هذه يؤكّد عليها أيضاً مرجع مسؤول بقوله لـ«الجمهورية»: «يجب ان نعترف اننا جميعاً مهزومون أمام أزمة خانقة، ولا يجدي الإنكار احداً، واستمرار مسلسل النكايات والهوبرة السياسية، وإصرار البعض على لعبة تسجيل النقاط، والبقاء أسرى الانتخابات النيابية، والتلهّي بأكثرية هنا واكثرية هناك، هو العجز بعينه، والفشل بعينه، وتعميق للهزيمة اكثر».

 

ويستدرك المرجع قائلاً: «ثمة مع الأسف من يسعى الى الطلاق بين مكونات البلد. ونحن في موازاة ذلك نؤكّد على التلاقي، وهذا ما شدّد عليه رئيس المجلس النيابي نبيه بري بعد انتخابه، ومدّ يده للجميع للشراكة في فتح صفحة الإنقاذ، وكذلك فعل الرئيس نجيب ميقاتي بعد تكليفه تشكيل الحكومة، بمدّ يده إلى الجميع، فمن دون هذه الشراكة سنخسر البلد حتماً».

ويلفت المرجع إلى الوقائع الدولية والاقليمية ، ويقول: «هناك تحولات تجري بوتيرة سريعة على أكثر من ساحة، وبالتأكيد انّ لبنان لن يكون بمنأى عن ارتداداتها التي ستتبدّى عاجلاً او آجلاً. والمطلوب منا ان نرتب بيتنا الداخلي، وان «نلحّق حالنا» قبل ان تسبقنا الأحداث والتطوّرات وتأتي على حسابنا. وهذا الكلام ليس موجّهاً الى طرف بعينه، بل إلى كل الاطراف والاحزاب التي تتهمها الناس جميعها بالتخريب حتى يثبت العكس».

 

إحياء فرصة

إلى ذلك، كشفت مصادر ديبلوماسية عربية لـ«الجمهورية»، انّ «إشارات عربية وغربية متعدّدة توالت بعد الانتخابات النيابية عبر قنوات ديبلوماسية وسياسية متعددة، تضمنت دعوات مباشرة إلى طي صفحة الانتخابات، وفتح صفحة الإيفاء بالالتزامات». وقالت المصادر، انّ هذه الاشارات تعيد إحياء الفرصة أمام لبنان، وتؤكّد على انّ المجتمع الدولي ما زال ينتظر من القادة في لبنان مبادرة انقاذية تضع هذا البلد فعلاً على طريق الخروج من الأزمة، وفي عين الرعاية من الاصدقاء والاشقاء».

 

دوس على الأقدام!

إلّا انّ مصادر سياسية لها خبرة في مفاوضات تأليف الحكومات في لبنان تلفت عبر «الجمهورية»، الى انّها لا تقرأ في مواقف اطراف الصراع الداخلي ما يبشّر بانفراج على خط التأليف، بل على العكس من ذلك، فمن قرّر من الاطراف مقاطعة الحكومة الجديدة قد حسم موقفه وألزم نفسه مسبقاً بالبقاء خارجها، وبالتالي لا مدّ اليد اليهم ينفع معهم ولا أي مشاورات. يُضاف الى ذلك، انّ رائحة الشروط بدأت تفوح في الأجواء من أطراف شريكة في الحكومة الحالية تكابر في العلن، وتبارز داخل الغرف حول حجم التمثيل، وكذلك حول التمسّك بحقائب معينة، يقابلها رفض علني وضمني لها. ما يعني في هذه الحالة انّ تأليف الحكومة الجديدة ينتظره مخاض صعب وضغوط ودوس على الأقدام، وبالتالي لا شيء يضمن في هذا الجو ومع الشروط المطروحة إن كان هذا المخاض سيصل في نهاية المطاف الى ولادة الحكومة!

 

خيارات الرئيس المكلّف

وبحسب الأجواء المحيطة بملف التأليف، فإنّ الرئيس المكلّف لم يبد بعد أي اشارة حول الخيار الذي سيتّبعه لناحية شكل ومضمون الحكومة الجديدة، الّا انّ الطاغي في هذه الأجواء، حديث متزايد عن ثلاثة خيارات مطروحة امام الرئيس المكلّف. الأول يقول بتشكيل حكومة مصغّرة، والثاني يقول بحكومة مماثلة لحكومته الحالية بذات التركيبة انما مع اختلاف في الاسماء، واما الخيار الثالث فيقول باستنساخ الحكومة الجديدة عن الحكومة الحالية، عبر استبدال بعض الوجوه فيها.

ويقارَب الخيار الثالث على انّه الاحتمال الأقرب الى الواقع. فيما لا تأكيد له في اوساط الرئيس المكلّف. الّا انّ مصادر واسعة الاطلاع أبلغت الى «الجمهورية» قولها، انّ «ميقاتي لن يأسر نفسه في حلقة مشاورات طويلة، بل انّ تشكيلة الحكومة التي سيعدّها، ستتبلور سريعاً وسيقدّمها الى رئيس الجمهورية في القريب العاجل جداً».

 

باريس لحكومة فوراً

إلى ذلك، دعت وزارة الخارجية الفرنسية الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي إلى «تشكيل حكومة على الفور، قادرة على تنفيذ تدابير الطوارئ والإصلاحات الهيكليّة اللازمة لتعافي البلاد، وفق ما تمّ التفاوض عليه في نيسان الماضي مع صندوق النقد الدولي».

ورأت أنّه «بعد أكثر من شهر على الانتخابات النيابية، تتولّى القوى السياسية اللبنانية جميعها، الممثلة في مجلس النواب، المسؤولية». وأضافت: «بالنظر إلى التدهور المستمرّ للأوضاع المعيشية للبنانيين، فإنّ الأمر متروك لممثليهم للعمل بشكل نهائي ومن دون تأخير لخدمة المصلحة العامة».

وجدّدت فرنسا تمسّكها بإجراء الانتخابات الرئاسية وفق الجدول الزمني المنصوص عليه في الدستور اللبناني.

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى