دولياتسياسة

هل ندم ترامب على اغتيال قاسم سليماني؟


لم يملك الرئيس الأميركي في مؤتمره الصحفي الأخير الذي بدا فيه مربكاً سوى إعلانه نفي وقوع إصابات في الجيش الأميركي، ولم ينفِ الدمار في القاعدة العسكرية  التي خلفتها الصواريخ الإيرانية التي انطلقت من إيران نفسها. ولا نريد مناقشة مدى صحة أو كذب عدم وقوع الإصابات فإن النصر المرحلي يتمحور في مكان آخر وأبعاد أخرى. فهل كان لاغتيال قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس ومن معهما نصر تكتيكي يخدم الاسترتيجيا التي يريدها ترامب ومن خطط للاغتيال؟
أ‌- لقد تجرّأت إيران، وهي بلد من بلاد العالم الثالث، على ضرب قاعدة عسكرية لدولة عظمى تحاول الدول الغربية الكبرى نيل رضاها بشتى السبل، وتسعى دولنا العربية لتقديم الطاعة لها بكل السبل وأكثرها مذل رخيص، إلا ما رحم ربي.
ب‌-  لقد تلقّت الولايات المتحدة الإهانة مرة أخرى، ولم تهدد أو تتوعد بالرد العسكري كما اعتادت فعله عند ظروف أقل بكثير من ضرب قاعدتها في غرب العراق، واكتفت بالتلويح بسلاح العقوبات الاقتصادية. وذلك يعني وبشكل ولضح جلي أن المحور الذي تنتمي إليه إيران يشكل تهديداً للدولة العظمى في أكثر من موقع ولم يعد ذلك خافياً على أحد.
ت‌-  لقد توحّد العراقيون في غالبيتهم واعتبروا الوجود الأميركي احتلالاً، ودعوا إلى إخراجه بالقوة إن لم يخرج طائعاً، وهذا بلا شك تبدل نوعي في السياسة العراقية الرسمية.
ث‌-  دعوة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي، للتصويت على قرار يحدّ من تحركات ترامب العسكرية تجاه إيران. بالإضافة إلى الواقع الشعبي الأميركي الذي رفض تلك العملية العسكرية التي سوف تسبب باندلاع الحرب. وقيل إن هناك أكثر من 180 وقفة احتجاجية ضد سياسة ترامب في واشنطن ونيويورك ولوس أنجلوس وغيرها.
ج‌- الدعوة لانسحاب الجيش الأميركي من المنطقة العربية واعتباره احتلالاً يجب التصدي له بواسطة المقاومات المتحالفة مع إيران، وهي التي أثبتت قوتها واستبسالها في كل مواقع المواجهة. ونعتقد أن ذلك لن يتأخر كثيراً خصوصاً في العراق الذي لم يثأر بعد لدماء أبي مهدي المهندس.
ح‌- ماذا حققت الإدارة الأميركية من اغتيال قاسم سليماني؟ لا ينكر عاقل كم كان له من دور ريادي في أمور العسكر والسياسة وصناعة القرار في عدة بلاد، لكن غيابه عن الساحة لا يعني انتهاء الدور الذي كان يقوم به. فدولة بحجم إيران لا يمكن أن تسقط لغياب قائد مهما كان تأثيره.
وهناك غيرها من المعطيات الواضحة والتي ستتكشّف قريباً لتدلّ على أن الضربة الأميركية كانت فعلاً أحمق سيندم ترامب على ارتكابه. ولقد أثبت أن تعامله مع إيران منذ توليه سدة الرئاسة لم يكن سوى سلسلة حماقات لم تقدّم له في المنحى السياسي أية ورقة رابحة، وبالتالي فإنه لن يتحقق مراده في مفاوضات مباشرة مع إيران خصوصاً بعد تلك الجريمة الأخيرة. 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى