إقتصاد

هذه هي أنعكاسات عدم أستقرار سعر الصرف..

د.عماد عكوش:

ما يجري في لبنان منذ نهاية العام 2019 ولغاية اليوم في سوق القطع والذي تمظهر بأنهيار كبير في سعر صرف الليرة اللبنانية في مقابل الدولار الأميركي ، هذا الواقع كانت له أنعكاسات سلبية في كافة الاتجاهات ، وقد كانت ردة الفعل في الشارع كبيرة جدا خاصة لناحية قطع الطرقات وأشعال الدواليب للتعبير عن رفض ما يحصل .

إن أنعكاسات عدم أستقرار سعر الصرف متشعبة وأثاره في كل الاتجاهات ،وأهم هذه الأثار سنجدها على :

– الأقتصاد

– المواطنين

– الناتج القومي

– الأدخار

– الأستهلاك

بالنسبة للأقتصاد فإن تحرك سعر الصرف صعودا ، هبوطا  أو عدم الأستقرار له تأثيرات مهمة على الأقتصاد  فانخفاض قيمة العملة المحلية مقارنة بالعملات الأخرى وخاصة الدولار الأميركي ،يعطي مزايا مهمة للاقتصاد حيث تنخفض كلفة المعيشة والمداخيل في البلد ما ينعكس أنخفاضا على تكلفة السلع المحلية وتكلفة السياحة والخدمات ، ويعطي البلد مزايا مهمة في المنافسة في الأسواق العالمية وبالتالي جذب المزيد من الأستثمارات للبلد ، لكن طبعا هذا الأمر يحتاج ألى أستقرار سياسي وأمني وسلامة القضاء الذي يمنع السرقة والأبتزاز والفساد .

أما عدم الأستقرار فله أنعكاسات سلبية جدا على الأقتصاد لأنها تؤدي ألى جمود حركة الأقتصاد نظرا للخوف الناتج عن الخسائر المحتملة في أي لحظة في الأنتاج أو في عمليات البيع ، ما يضطر التاجر والمصنع ألى أيقاف العمل لعدم وجود مؤشر واضح في تحديد الأسعار بالعملة المحلية والتي يجب أعتمادها من قبل هؤلاء وفقا لقانون التجارة وحماية المستهلك .

أما بالنسبة للمواطنين فإن أنخفاض سعر صرف العملة المحلية سيؤدي حتما ألى أنخفاض في القدرة الشرائية للمواطن ،وسينعكس على طريقة عيشه ونظام أستهلاكه للسلع ، كما سيعيد المواطن اللبناني دراسة أولوياته بالنسبة للسلع التي كان يستهلكها .

أما عدم الأستقرار فإنه مقتل لمعيشة المواطن حيث ترتفع الأسعار دون أي سبب فعلي، ويضطر التاجر لأن يرفع أسعاره بشكل لا يتلاءم مع سعر الصرف، والسبب هو لجوء التاجر ألى التصرف بحيطة وحذر لناحية سعر الصرف ما يعني رفع الأسعار بشكل خيالي وتضرر المواطنين بشكل كبير .

بالنسبة للناتج القومي فإن عدم الأستقرار في سعر الصرف سيؤدي ألى أنكماش كبير في حجم الناتج القومي ،وهذا طبيعي نتيجة لاستنكاف المواطن عن الاستهلاك وبالتالي الجمود الذي يمكن أن يلحق بالكثير من القطاعات الأقتصادية، وهذا سينعكس بطبيعة الحال على الدخل القومي ومنها على متوسط دخل الفرد .

أما الأدخار فهو العامل النتيجة الذي لا مفر من تأثره مع تأثر متوسط دخل الفرد اللبناني ومن ذهاب معظم اللبنانيين نحو استهلاك المدخرات التي كان اللبناني أدخرها،ولا سيما منها الودائع المحجوزة لدى المصارف التجارية والتي يتم دفعها بسعر منخفض جدا عن السعر الفعلي السائد في السوق الموازي ، وبالتالي الذهاب بما تبقى من مدخرات في جيوب المواطنين .

بالنسبة للانعكاس الأخير وهو الأستهلاك، فهذا الأمر حتمي، وانخفاض الأستهلاك سيترك أثره الكبير على التجار والصناعيين وأصحاب المحال والمطاعم وكافة القطاعات الأنتاجية ، هذا الأنعكاس يمكن الأستفادة منه في عملية جذب المستهلكين من الخارج ،لكن هذا الأمر يحتاج الى أستقرار سياسي وأمني وهذا غير متوفر حاليا ولا يمكن توافره في المستقبل القريب .

أنطلاقا من ذلك يبقى عامل الأستقرار السياسي والأمني هو الأساس في كل الأجراءات الجاذبة والمصححة لما يجري حاليا، كما يبقى باب الوصول الى هذا الهدف  من خلال تشكيل الحكومة ،فهل ستقوم القيادات السياسية في لبنان بتسهيل هذه الأجراءات، أم أن الأرادة الخارجية ستتغلب على أرادتهم ؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى