
الحوارنيوز – كتاب
طرح الدكتور مناف منصور المدير العام السابق في رئاسة الجمهورية في كتابه الصادر حديثا “القرن الواحد والعشرون عصر يبحث عن هوية” فكرة التكامل لإعطاء هذا العصر طابعاً يجمع بين التنمية الاقتصادية والثقافة والأمن لتكون الركائز الثلاثة لما يمكن أن يحرّك السنوات الخمس والسبعين المقبلة.
وقد استضافت الجامعة الأنطونية في بعبدا الحدث ندوة لمناقشة الكتاب شارك فيها النائب العام للرهبنة الأنطونية الأب بطرس عازار والسفير خليل كرم رئيس الرابطة المارونية والعميد المتقاعد خليل الحلو، وأدارها رئيس هيئة التحرير في موقع الصفا نيوز جو سعادة.
عن الكتاب قال الأب عازار إنه طالعه “بشغف” وتوقف عند كل فصل من فصوله وكان “مقدّرًا لهذا الصديق المسكون بحبّ وطنه وبحب مشرقه وبالغيرة على ناسهما”. أضاف أنّ المؤلف “ما اكتفى بما دعا إليه في كتبه الكثيرة، الأدبيّة والسياسيّة، وبخاصة في كتابه “الشرق الأوسط من الغيب إلى الغيبوبة”، بل عاد ليقف وقفة نبي في كتابه الجديد، على ما يساعد على إيجاد هويّة لهذا القرن”.
وبعدما لاحظ “أننا نتطلع مع كل تغيير إلى الأفضل، فإذا بنا في حالة أسفٍ على ما سبق. نتطلّع إلى تداخلات من هنا وهناك، فإذا بالصدمة تلاحقنا” سأل “أما آن الأوان لنتطلّع معًا إلى ما هو واجب علينا لئلا يبقى وطننا مكبَّ أزمات المنطقة؟ ودعا الجميع إلى العمل معا و”عدم إلقاء المسؤولية على غيرنا. كلنا معنيون بالدور الذي يجب ان يستعيده لبنان والذي يذكرنا به الدكتور مناف لكي نتخلّص من الوصايات ومن “تناتش” المناطق اللبنانية بين شرق وغرب وشمال وجنوب.”
رئيس الرابطة المارونية السفير خليل كرم ركز على المقاربة الفلسفية للموضوع من حيث تحديد الهوية في زمن صراع الحضارات “الذي لا يعترف به المؤلف”. وقال إن “الدراسات والتجارب العملية أظهرت أن نظريات التصادم الحتمي بين أطراف المجتمع وطبقاته قد تهافتت، بعدما وصلت إلى الحائط المسدود. فعوضاً عن صراع الطبقات الذي نشأت أجيال تحت أفياء نظريته، جاء تكامل الطبقات وتعاونها ليشكل البديل”.
أضاف أنه “على الرغم من صعود العصبيات والأصوليات الدينية، وتصنيفها كقوة عظمى مستبدة، أحادية المنحى وإلغائية الهدف، وتسببها في تعميم التوتر والعنف بين أبناء الديانات المختلفة، وتداخل العامل العرقي والمذهبي وتشابكه، فإن هناك عملاً مسكونياً يجري لإحلال نظرية التآخي الإنساني، وتلاقي الأديان السماوية على اختلافها حول قيم أخلاقية جامعة تعزز التعاون والانفتاح بين أتباعها، وتسهم في خفض التوترات”.
أما العميد المتقاعد خليل الحلو، أستاذ الجيوسياسية في جامعة القديس يوسف فتناول مضمون الكتاب من زاوية جيوسياسية فأبرز الحقب التاريخية التي ذكر الكتاب أنها أنتجت تحوّلات في لبنان والشرق الأوسط والعالم، ملاحظاً أنّ “الجزء الأخير من الكتاب يجاوب العنوان ويقول ما يجب أن تكون هوية القرن الواحد والعشرين على نموذج لبنان”، مضيفا لأن الهوّيّة الأحادية تقيّد أما الهوّيّة المشعة فمركّبة”.
وتحدّث العميد الحلو عن “موقع لبنان الجغرافي” و “صغر مساحته” اللذين حتّما عليه إنتاج ” ثقافة سياسية اجتماعية خلاصتها الخضوع للإمبراطوريات والتماس الحماية منها” ثمّ عن الصراعات ” منعتنا كلبنانيين من بلوغ النضوج السياسي الذي ينتقل من ثقافة طلب الحمايات من الإمبراطوريات الماضية والحاضرة إلى ثقافة وطنية محض.”
وتلفق العميد الحلو ما ورد في الكتاب عن أن “الحروب بدون أفق سياسي لا ترسي استقراراً” وأن ” المعاهدات لا تحترم إلا بتوازنات قوى واحترام القيم وإلا إذا قوي فريق على آخر لن يحترم أي اتفاق”.
وختم العميد الحلو بالقول إن ” لبنان يقدم للمنطقة وللعالم نموذجاً إنسانياً في وسط التعددية الموجودة في المنطقة وفي العالم وفي وسط الأزمات التي تفتك بالعالم والمنطقة.”
وكان مدير الندوة جو سعادة قد قدّم المؤلف بالقول إنه “كان علامة فارقة في وزارة الإعلام” كما كان “علامة فارقة حين أكمل خدمته مديراً عامّا في رئاسة الجمهورية”، وعرّف بالكتاب قائلاً إنه ” نتيجة تفكير في أحداث نظر إليها الكاتب من زاوية صاحب تجربة طويلة في المطبخ السياسي لصنع القرار، وهي تستكمل بحثه الطويل عن البعد الثالث.”
وإذ شكر منصور الرهبنة الأنطونية والمنتدين والناشر والحاضرين، تحدث عن نظرية التكامل التي يطرحها والتي تنسحب على كل شيء، قائلاً إنه “لم يعد بإمكان بلد واحد أو شعب واحد أو ثقافة واحدة بناء الحضور الجديد. هذا ما أثبتته الثورة المعلوماتية والثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي.” وتساءل: “ما الذي يرسم القرن الجديد؟ أهي الحروب المتنقلة أم الاقتصادات المتقلبة، أم تراجع الإبداع الفني والثقافي والفكري؟
وتطرّق إلى التكاملية قائلا: “التكاملية اللبنانية هي أعمق من التوافق السياسي وهي نموذج لتكاملية الشرق الأوسط.” وختم بالقول “أنا على يقين أن استقرار الشرق الأوسط ينطلق من استقرار لبنان.”