منوعات

الكوكايين.. واوهام بعض اللبنانيين!

لي صديق دائم الابتسام والحيوية والنشاط وربما بطل العالم في تقبيل كلّ الناس الذين يزورونه في مكتبه بمن فيهم اعداؤه. بحثت عن سرّه، فوجدت ان الحاجة العاملة عنده، تضع له اوراق خضراء في كوب الشاي.سالته عن الاوراق تلك، قال :لا اعرف يدعونها كوكا، هدية من صديق يبيع اعشابا…
قلت له: اليوم عرفت ،اليوم ادركت، فزت ورب الكعبة بالحقيقة.

يؤمن كثير من اللبنانيين ان الكوكايين لا تسبب إدماناً ويدافعون عن فكرتهم تلك ،معتمدين على تجارب شخصية واحيانا على مقالات غير اكاديمية ولو كانت توحي بالعلمية .

الكوكايين:

تستخرج الكوكايين من اوراق شجرة الكوكا.مئات الكيلوغرامات من الورق تنتج كيلو واحد كوكايين. الشكل بودرة بيضاء اللون(او شاكلة بحص صغيرة:كراك:فريباز:بحسب الاضافات الكيميائية) .تدخل في تصنيع الكوكايين  موادا كيميائية سامة للصحة ،يتنشقها المتعاطي (ولها طرق استخدامات أخرى) لتبدأ فعاليتها بعد دقيقتين ولتستمرّ لمدة ساعة تقريباً.

من الممكن تقفي أثرها في البول لمدة 48 ساعة بعد تعاطيها، اما الذين اعتادوا تناولها منذ اشهر طويلة او منذ سنوات فبالامكان تقفي اثرها في البول الى اسبوعين.

تختلف الكمية المعتبرة سامّة من شخص لآخر ،فإن كانت 0.2 غرام، فللبعض سامة  وللبعض الآخر 5 غ هي السامة والقاتلة، ولو ان بعض الابحاث تحدثت عن ان هناك من وصلوا ل 15غ كوكايين ككمية سامة قاتلة خارج لبنان.
من يتناولها يبحث عن شعور القوة والسيطرة الوهمية ،وما يعتقده زيادة في الرغبات الجنسية والافراط في النشاط والحيوية وكسر الحواجز الاجتماعية والجرأة الملفتة للانتباه الى حد الوقاحة مع رفع للخجل ،وايضاً كبح للألم بقوة ،وتخط للمعاناة كما يكافحون شعور الجوع بالإضافة للبحث عن شعور الغبطة والنشوة والفرح المؤقت.
ان هذا الشعور بالغبطة والفرح والنشوة الى حدّ يفوق الرعشة الجنسية وفق كلام و توصيف مرضانا اللبنانيين، ومن تجربتنا مع الفرنسيين، يعقبه إحساس عارم وسريع جدّا وخطير بالسقوط في الحزن والاكتئاب والقلق المزعج والحيرة المجنونة والحوصة الخارجة عن السيطرة والعودة الى ما هو اسوأ كحالة نفسية مضطربة تبحث عن مخرج لتوترها.

بإمكان الكوكايين ان تسبب خفقات قلب سريعة ،جلطة قلبية ، ارتفاع في درجة الحرارة ،احتمال نوبة صرع،نزيف من الأنف، فقدان حاسة الشمّ لمدة ايام، ثقب الفاصل الوسطي للانف.حالات هلع، اضطراب في المزاج، شعور العظمة، شعور اضطهادي جنوني،عدوانية، نسيان وامور اخرى.

يعتقد المتعاطون اللبنانيون خطأ ان لا ادمان على تناول الكوكايين، بينما تؤكد  التجربة ان واحداً على خمسة من الذين تعاطوا الكوكايين قد ادمنوا على تناولها. والكلام الرائج لدى بعض اللبنانيين انهم لا يتناولونها الا في عطلة الاسبوع لاكبر دليل على الادمان التدريجي.
إن الاسباب التي دفعت المتعاطي لأول مرة لتجربة الكوكايين كمنشط قوي نفسي-دماغي ،هي نفسها ستؤدي به لتناولها مرّة أخرى ،وما الشعور بالحزن غير المبرّر والحوصة والاختناق النفسي والحيرة و حالة جهل ما يريد المرء، الا دعوة اخرى لتناول تلك المواد السامة التدميرية للخروج من الاضطراب النفسي…

الاعتياد على الخروج من المأزق النفسي عبر تناول الكوكايين ما هو الا ادمان مرضي.

مع تحيات .د.احمد عياش(طبيب نفسي)

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى