رأيسياسةمحليات لبنانية

لهذا اشعر بنعمة التحرير(نبهان كيوان)

 

نبهان كيوان – الحوارنيوز خاص

عيد المقاومة والتحرير في 25 أيار، قد لا يعني شيئا للبعض من اللبنانيين, أو قد يعني القليل للبعض الآخر، إنما نحن أبناء الجنوب بشكل عام وأبناء منطقة جبل الريحان بشكل خاص، وأبناء قريتي السريرة بالأخص، يعني لنا الكثير الكثير… فمن لم يذق مرارة الإحتلال وقساوته، كيف له أن يفرح في هذا العيد؟
ومن لم ير الهوان والذل على حواجز الصهاينة وعملائهم، كيف له أن يقدر معنى التحرير وقيمة الحرية؟ أو كيف له أن يقدر تضحيات أبطال المقاومة لأي فريق إنتموا؟
أنا إبن قرية زجّها الإحتلال في سجن صغير طيلة ثمانية عشر عاما، قطع شرايينها، عزلها عن كل جيرانها من كافة المناطق. أحرق بساتينها وكرومها وحقولها وأحراجها. أحرق زرعها وقضى على ضرعها، فكيف لنا ألا نفرح ونغتبط بعيد التحرير؟ وكيف لنا ألا نقدر أبطال المقاومة؟ فالسريرة عزلها المحتل عن منطقة حاصبيا-مرجعيون عبر قطع وتدمير جسر الدلافة على نهر الليطاني, كما عزلها عن البقاع الغربي عبر سواتر ترابية ضخمة بينها وبين ميدون وعين التينة، وترك منفذا وحيدا عبر مثلث عرمتى-كفرحونة-السريرة. ووضع بوابة حديدية يقفلها ساعة يشاء، وفي أحسن الأحوال تفتح من التاسعة صباحا لغاية الثالثة بعد الظهر. وأحيانا كثيرة تبقى مقفلة طيلة النهار. وكم من المرات يضطر أهلنا للذهاب سيرا على الأقدام إلى عرمتى حيث موقع جيش لحد لجلب المفتاح يفتحون البوابة ثم يعيدونه إلى الموقع المذكور.
هذا مثال بسيط عن ممارسة الظلم والقهر في حقنا أهالي السريرة. عدا عن أنه كان ممنوعا التوجه إلى حقولنا وأراضينا، فموقع الأحمدية المواجه لقريتنا، لنا بالمرصاد، مجرد أن يبتعد أحد الأهالي مايتي متر عن المنازل تنزل عليه قذائف الدبابات وكأنهم يواجهون جيشا عرمرما.
لقد كان الإحتلال ضد كل شيء أخضر, ما أن يبدأ الربيع بالرحيل حتى تنزل القذائف الحارقة على الأحراج والحقول والكروم فتحرقها حتى لا يبقى أثر أخضر، بحجة أن الأشجار والزرع تشكل مراكز تخف للمقاومين.
أعود إلى العيد والمقاومة، فكيف يفرح بالعيد من لم ير أبطال المقاومة الميامين وهم يصعدون من وادي نهر الليطاني بمحاذاة قرية الدلافة إلى تلة الأحمدية وذلك الموقع الحصين للعدو والذي في داخله مهبط مروحيات ودبابات ومدافع من كل العيارات، وذلك في فجر يوم مشمس ويهاجمون هذا الموقع الذي يعتبر من أقوى حصون العدو وعملائه.
لقد رأيناهم بأعيننا يصعدون بين الصخور والرصاص ينهمر عليهم كزخ المطر، والشباب يتقدمون غير آبهين لشيء، وبعد ساعة يتوقف سيل الرصاص من الموقع، ويرتفع علم المقاومة على حافة الحصن المنيع وتخرس مدافع المحتلين.
لقد هبطوا إلى جحورهم يختبئون ينتظرون وصول الطيران لقصف المهاجمين وإبعادهم.
انها ساعات وكأنها في الخيال!! ويعود الأبطال من حيث صعدو وأكاليل النصر تحف بهم.
نعم من تلك المآسي ومن تلك البطولات نستمد الفرح الكبير بعيد النصر، عيد التحرير. إنه عيد الإستقلال الحقيقي الذي تحقق بدماء آلاف الشهداء والجرحى وعشرات آلاف المعذبين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى