سياسةمحليات لبنانية

قراءة للشيوعي في المشهد السياسي والإقتصادي: السلطة تحاول إظهار الصراع بكونه طائفيا

 


الحوارنيوز -خاص
أصدر المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني بيانا سياسيا شاملا بعد إجتماعه أمس وضمّنه مجموعة مواقف جاءت على النحو الآتي:
"لقد بدأت منظومة الفساد السياسي والمالي الحاكمة بتنفيذ شروط صندوق النقد الدولي على الأرض عبر التقشف وزيادة سعر ربطة الخبز وتقنين الكهرباء وخصخصتها ورفع الأسعار وتعويم سعر الدولار، والآتي أعظم في استكمال تنفيذ توجّهات مشروعي سيدر وماكنزي وضرب القطاع العام وسائر الخدمات العامة، وفرض ضرائب إضافية غير مباشرة على المواطنين بعد أن تم نهب أموال صغار المودعين وتعويضاتهم ومعاشاتهم التقاعدية؛ فكلما تمادى بقاء منظومة الفساد السياسي والمالي في السلطة وإدارة الإنهيار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، كلما ازداد الخراب وإستحكمت المجاعة وانتشرت معها العتمة والبطالة والهجرة وكل المآسي الانسانية التي تمس كرامة شعبنا ومصير وطننا ومكانته بين الدول.

ومع استمرار هذه المنظومة بتصوير الصراع كصراع طائفي بين أطرافها كما حصل في لقاء بعبدا الأخير، وقمعها للمنتفضين والمعتصمين في الشوارع والبلدات، وإدخالها البلاد في مرحلة الفوضى فوق كل هذا الركام العظيم الذي خلفته وزر سياساتها، ها هي الآن تمعن في التهرّب من دفع الثمن وفي التمسّك باعادة إنتاج سلطتها من جديد من دون أن يرفّ لها جفن إزّاء ما تجره هذه الارتكابات من عواقب.
كيف لا، وهذه المنظومة تقوم بكل ذلك، بالتواطؤ والتنسيق الكاملين مع الولايات المتحدة الأميركية التي تضاعف ضغوطاتها وعقوباتها السياسية والاقتصادية والمالية على لبنان على إيقاع تنفيذ صفقة القرن عبر القرارين 1559 والـ 1701، بما في ذلك ضمّ مزارع شبعا وتلال كفرشوبا للكيان المحتل، وإبقاء النازحين السوريين وتوطين اللاجئين الفلسطينيين وتطبيق قانون قيصر المدان والمرفوض، الذي يستهدف تجويع الشعبين اللبناني والسوري، وتصعيد التدخلات السياسية الوقحة للسفيرة الأميركية في الشؤون الداخلية اللبنانية. ويصبّ كل ذلك في إطار خلق الأرضية السياسية المشجعة لعدوان صهيوني على لبنان الرافض لهذه الصفقة، وهو عدوان بدأ العدو كما يبدو يتهيأ له من بوابة بدئه في حفر آبار النفط والغاز بالقرب من منطقة حقول النفط اللبنانية.
فما بين الحصار الأميركي، وحاجة لبنان الملحة لتأمين المازوت والنفط والغاز والكهرباء وسائر مقومات الحياة والمعيشة، يتبدى مدى فشل السياسات الاقتصادية التي قامت تاريخياً في لبنان على قاعدة التبعية للخارج وما خلفّه ذلك الواقع المزري من عدم تنويع لعلاقات لبنان التجارية مع الخارج. وعليه، فإن الحكومة الحالية استمرت تنتهج نمط سياسات أسلافها، بحيث لم تتمكن من الشروع في تنفيذ ما وعدت به من تغيير خلال هذه المرحلة الانتقالية والتي تتطلب الإقدام على تنويع العلاقات التجارية الخارجية بغية مواجهة المجاعة، وتوفير المستلزمات المطلوبة الذي ينطوي على واجب وطني وإنساني وأيضاً على واجب سياسي، كسراً للحصار الأميركي وإفشالاً لأهدافه.
لقد عجزت الحكومة الحالية عن توفير متطلبات استرجاع المال العام المنهوب بفعل سياسة التثبيت النقدي، وما يتعلّق منها برفع السرّية المصرفية والحصانة السياسية والإدارية عن المنظومة الحاكمة، التي هرّبت مليارات الدولارات إلى الخارج، وهي تتحضّر الآن للانقضاض على ما تبقى من أملاك وموجودات عامة. كما سجلّت التراجع تلو التراجع في العديد من المجالات: في التغاضي عن إقرار قانون الرقابة على التحويلات، وفي التعينات التحاصصية المالية التي أجرتها بالتكافل والتضامن بين أطرافها، وفي عدم الكشف عن الثقب الأسود المالي، وفي التستّر على قاعدة الحسابات المصرفية الإفرادية الموجودة لدى مصرف لبنان للذين كدسوا الأرباح جراء الفوائد المرتفعة، وفي رفضها تكليف شركة تدقيق جنائي في حسابات مصرف لبنان وعجزها عن تثبيت أرقام الخسائر التي أعلنتها، ما جعل سعر صرف الدولار بلا سقف وأدى إلى رفع الأسعار وتآكل الرواتب والأجور.
إن بداية التغيير تبدأ برحيل منظومة الخراب والفساد السياسي والمالي وحكوماتها المستنسخة، وذلك عبر مشروع سياسي بديل وسلطة بديلة يكون مدخلها إقامة حكومة وطنية انتقالية من خارج المنظومة وذات صلاحيات استثنائية، بما في ذلك صلاحيات تشريعية، ولمدة محددة، على قاعدة رفض الخضوع المطلق لشروط صندوق النقد الدولي وتعديل قانون الانتخابات النيابية على قاعدة النسبية وخارج القيد الطائفي ووفق الدستور. وتحت هذا العنوان ومع تسارع وتيرة الانهيار، يتوجه الحزب الشيوعي اللبناني، إلى شعبنا وإلى كل الشيوعيين والتقدميين واليساريين وإلى كل القوى المتضررة والتواقة للتغيير، للتحرك بالدعوة إلى تثوير الإنتفاضة؛ إنه التحدي الأساسي المطروح أمامنا قبيل وقوع الإنفجار الكبير كي نكون حاضرين لتوجيه الإنتفاضة بالاتجاه الصحيح الذي انتفض من أجله اللبنانيون في 17 أوكتوبر، ولتوسيع نطاقها لتصل إلى كل ساحات المدن والقرى والبلدات اللبنانية. فلا خيار لإنقاذ لبنان إلّا على يد هذا المشروع السياسي البديل المدعوم بقوى الانتفاضة الشعبية التي ينبغي أن تتلاقى وتتجمّع ضمن أوسع ائتلاف وطني للتغيير، ائتلاف يحمل مشروع بناء سلطة سياسية بديلة يرسي مقومات بناء دولة وطنية ديمقراطية.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى