المحكمة الخاصة

المحكمة الخاصة في واد.. والشعب اللبناني في واد آخر


   

حكمت عبيد
لم يكن مفاجئا قرار غرفة الدرجة الأولى 2 لدى المحكمة الخاصة والذي قضى" بالشروع في محاكمة غيابية لسليم جميل عياش المتهم في الاعتدءات على مروان حمادة، وجورج حاوي، والياس المر، والتي وقعت في لبنان في 1 تشرين الأول 2004، و21 حزيران و12 تموز 2005. "
   فالسياق العام الذي أكتسبته قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري هي هي ،ولن تشذّ قواعد الإجراءات ولا الإجتهدات ونجزم بالنتائج أيضا!
ورغم ما يعانيه لبنان من أوضاع مأزومة على المستوى الوطني لأسباب عديدة ،منها داخلي يتصل بفساد السلطة السياسية التي بعضها شريك "المحكمة" لكنه يقدم نفسه كضحية أو كمتضرر، ومنها ما هو خارجي يتصل بحصار مالي معلن وصريح من جهة كانت خلف تأسيس المحكمة الخاصة لغايات لا تمت الى العدالة بصلة، فإن لبنان يتطلع إلى قضاء وطني قادر على تحمل أعباء قضية الحريري والقضايا المتلازمة وذلك لعدة أسباب:
1- أن لا ثقة بالقضاء الدولي بشكل عام، والتجارب الدولية أثبتت ذلك.
2- أن المؤسسات الأممية تحولت إلى منبر تديره الولايات المتحدة الأميركية وفي حالات أخرى تتجاوزه وتبطل فاعليته وتحول قراراته الى حبر لا قيمة له.
3- أن لبنان يعاني حالة إفلاس مالي والمحكمة تستنزف خزينته بمبلغ سنوي يقارب نحو 60 مليون يورو، والمفارقة بأنها المحكمة الدولية الوحيدة في العالم التي تساهم فيها دولة، لا بل ، تلزم دولة بعينها بدفع 49 بالمائة من موازنتها نقدا وعدا؟
4- أن القضاء اللبناني قادر على القيام بواجباته، ولعله أقدر من القضاء الدولي الذي شاهدنا بعض فصوله غير المتطابقة مع معايير الشفافية والمهنية المعتمدة دوليا، وكلامنا هذا قالته بوضوح أكثر من شخصية جدية مرت وعملت لدى المحكمة ،ومنها على سبيل المثال لا الحصر، المحقق الدولي السويدي بو آستروم.
5- أن الشعب اللبناني الآن في مرحلة البحث عن وحدته الوطنية المفقودة، عن هويته الضائعة، يحاول التقاط أنفاسه لإستكمال انتفاضته على الفساد بأنواعه المختلفة ومنها الفساد السياسي والقضائي الذي جاء بالمحكمة. هو يحاول أن يستجمع نقاط قوته لمواجهة أقصى حصار مالي تفرضه بعض الدول التي تساهم في تمويل المحكمة!! انه في واد والمحكمة في واد آخر.
وفي عودة الى قرار الغرفة الأولى 2فقد توصلت الغرفة "إلى هذا القرار واضعةً في اعتبارها المرافعات الشفهية والخطية للمدعي العام، ورئيس قلم المحكمة، ورئيس مكتب الدفاع. وكذلك نظرت بدقة في مستندات عديدة من السلطات اللبنانية التي تبين بالتفصيل الخطوات التي اتخذتها للقبض على المتهم السيد عياش وإعلامه بالإجراءات التي بدأت ضده.

    ومن هذه الخطوات بذل السلطات اللبنانية جهودًا في محاولات متعددة للعثور على المتهم في آخر مكان سكن له معروف وفي أماكن أخرى. وأخذت الغرفة  في اعتبارها أيضًا أن قرار الاتهام وهوية المتهم قد لقيا تغطية مكثَّفة في وسائل الإعلام في لبنان. وإضافة إلى ذلك، رأت الغرفة ، من الاعتبارات ذات الصلة، أن السلطات اللبنانية لم تُوفَّق في بحثها عنه الذي تقوم به منذ عام 2011 في إطار قرار اتهامه باعتداء 14 شباط/فبراير 2005 على رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري وآخرين.

واستنتجت غرفة الدرجة الأولى 2 أن جميع الخطوات المعقولة قد اتخذت لضمان حضور المتهم وإعلامه بالتهم المسندة إليه. ومع ذلك، شدّدت على حق المتهم في محاكمة جديدة إذا حضر أمام المحكمة في المستقبل. ورغم أن المحكمة الخاصة بلبنان هي المحكمة الدولية الوحيدة التي تستطيع مقاضاة المتهم في غيابه، تُعد المحاكمة الغيابية إجراءً أخيرًا القصد منه التأكيد بأن الفارين من وجه العدالة لا يؤخِّرون مسار العدالة، وهم من يتعذر العثور عليهم، أو من لم يجر تسليمهم، أو من تنازلوا عن حقهم في الحضور.

وبهذا القرار تنتقل قضية المدعي العام ضد عياش إلى المرحلة التمهيدية لبدء المحاكمات.
 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى