سياسةمحليات لبنانية

قالت الصحف: توصيف سياسي لأحداث بيروت..وترقب لمسيرة الدولار

 


الحوارنيوز – خاص
بعض صحف اليوم عالق عند المعطيات الملتبسة للأحداث التي حصلت في وسط بيروت مساء السبت الماضي وبنى عليها إفتتاحيته  معتمدا توصيفا تغيب عنه المهنية على الرغم ممّا انكشف من معلومات ومعطيات ومواقف كصحيفة النهار.
وبعض الصحف حمل في إفتتاحيته رسائل سياسية داخلية وخارجية، وبعضها عرض للأسئلة المقلقة حيال قدرة لبنان على لجم ارتفاع سعر صرف الدولار؟

• فبعد نحو 48 ساعة على أحداث ليل السبت الماضي عنونت "النهار" "بيروت عم تبكي" وكتبت تقول:" ا‎لمشهد المحزن والمخزي في آن واحد، صباح السبت الفائت، بعد اجتياح بيروت ليل الجمعة، ‏يستحضر الأغنية التي تلت اغتيال الرئيس رفيق الحريري وفيها "بيروت عم تبكي، مكسور ‏خاطرها، الحجار عم تحكي، وينو اللي عمّرها". وإذا كانت مسرحية الشغب المفتعل، قد ‏ولدت ردات فعل، وأنتجت ردوداً أعادت إحياء الصراع المذهبي، فإن الثنائي الشيعي اعترف ‏ضمناً بمسؤوليته عن مواكب الدراجين الذين حطموا وكسّروا وأحرقوا ما تيسّر لهم في ‏وسط بيروت ليل الجمعة – السبت، إذ اتخذت حركة "أمل" و"حزب الله" إجراءات في الخندق ‏الغميق وسليم سلام ومناطق أخرى تقضي بمنع خروج تظاهرات وخصوصاً للدراجات ‏النارية وذلك منعاً لأي احتكاك مع آخرين، وأقيمت حواجز حزبية في تلك المناطق، ترافقت ‏مع دوريات مؤللة للجيش ونقاط ثابتة في وسط بيروت، وأوامر مشدّدة بمنع أي اعتداء ‏على الأملاك العامة والخاصة‎.‎

وستكون الدولة بكل مؤسساتها وأجهزتها أمام التحدي الكبير في فرض هيبتها الأمنية أولاً، ‏خصوصاً بعد غياب مشبوه عن أعمال التخريب ليل الجمعة. أما التحدي الأكبر فهو في ‏الهيبة القضائية، بعدما وجهت وزيرة العدل ماري – كلود نجم إلى النائب العام لدى محكمة ‏التمييز ‏كتاباً طلبت فيه إجراء التعقبات بحق الأشخاص الذين ظهروا في وسائل الإعلام ‏المرئية وعبر ‏التواصل الاجتماعي وهم يحطمون الأملاك العامة والخاصة ويشعلون ‏النار ‏في وسط العاصمة ‏بيروت مساء 12‏/6‏/2020 ما يشكّل جريمة جزائية يعاقب عليها ‏القانون.‏ لكن العبرة تبقى في التنفيذ، خصوصاً أن الأجهزة الأمنية والقضائية تستمر في ‏ملاحقة المتظاهرين وكل المتطاولين كلامياً على المسؤولين منذ مدة، قبل حصول أعمال ‏الارهاب على أيدي مخربين ظهرت وجوههم بشكل واضح في الاعلام. وقد دعا الرئيس ‏ميشال عون المجلس الأعلى للدفاع الى اجتماع طارئ ظهر اليوم لمناقشة التطورات ‏الأخيرة، والمستمرة بشكل أو بآخر، والمرشحة للتصعيد في ظل الضائقة المعيشية ‏المتفاقمة‎.‎

وكان الرئيس سعد الحريري حمّل الحكومة و"رعاة الدراجات النارية" المسؤولية محذراً من ‏اللجوء الى الأمن الذاتي، وكتب في تغريدة: "الذين نظمّوا ونفّذوا هجمات التكسير ‏والتخريب والحرق في بيروت لا يملكون ذرة من أهداف الثورة وقيمها. مجموعات مضلّلة ‏تنجرف وراء مخطط ملعون يسعى الى الفتنة ولمزيد من الانهيار… ولأهل الحكم والحكومة ‏ورعاة الدراجات النارية نقول: بيروت ليست مكسر عصا لأحد … لا تجبّروا الناس على حماية ‏أملاكهم وأرزاقهم بأنفسهم. المسؤولية عندكم من أعلى الهرم الى أدناه ونحن لن نقف ‏متفرجين على تخريب العاصمة‎".‎

لكن أعمال التخريب، التي أوقعت خسائر فادحة في الأملاك، والتي تدفع حتما الى إقفال ‏محال وهجر العاصمة حيث تتكرر الحوادث وتكبر الخسائر، انما تنتج خسائر سياسية تتجاوز ‏الماديات، وتضعف موقف لبنان في ظل تفاوضه مع صندوق النقد الدولي، ووضعه تحت ‏المراقبة الدولية، وامتناع دول ومؤسسات عن مساعدته قبل إلتزامه اصلاحات بنيوية، يعتبر ‏الاستقرار الأمني أحد دعائمها‎.‎
‎ ‎
في المقابل، ولإشاحة النظر عن "الحرب على بيروت"، ركّزت قناة "المنار" على طرابلس ‏التي تشهد أيضاً تفلتاً أمنياً أدى الى مواجهات مع الجيش وقع بنتيجتها نحو 90 جريحاً، ‏وأوردت المحطة في مقدمة نشرتها "ليلةٌ حالكةٌ مرّت على طرابلس، لم تكن أقلَّ ظلمةً من ‏تلك الغرفِ السوداءِ التي تحدثَ عنها رئيسُ الحكومةِ حسان دياب بأوامرِها التي تريدُ بالبلدِ ‏شراً مستطيراً. تحوّلت عاصمةُ الشمالِ الى ساحةِ مواجهاتٍ سقطَ فيها نحوُ تسعينَ جريحاً ‏بينهم عسكريون. تبرّأت المدينةُ نهاراً من أعمالِ تخريبٍ ومن مندسينَ لا يُشبهونَها. فمن أرادَ ‏لمشهدِ وسَطِ بيروتَ أن يتكررَ في طرابلس؟ من الذي يدفعُ بخفافيشِ الليلِ لاحتلالِ صدارةِ ‏تظاهراتٍ مشروعةٍ وأسرِ مطالبَ محقةٍ لأناسٍ يعترضونَ على فتكِ الدولارِ بالعملةِ ‏الوطنية؟‎".‎

ومن المقرّر أن يطل الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله مساءً غد الثلثاء، أي ‏عشية بدء تطبيق "قانون قيصر" الأميركي في 17 حزيران الجاري، وهو القانون الذي، في ‏رأي محلل سوري، "سيُحمّل الحكومة اللبنانية، كون "حزب الله" هو من يُمثلها ويديرها، ‏مسؤولية كبيرة في إنعاش النظام السوري. وأن تأثيره على لبنان سيكون أشد فتكاً منه ‏على سورياً. وسيتناول نصر الله بالتأكيد التطورات الميدانية الأخيرة في بيروت وغيرها من ‏المناطق‎.‎
• صحيفة "الجمهورية" عنونت:" تحدي الدولار اليوم… ووشنطن لحكومة مستقلة بصلاحيات استثنائية" وكتبت في هذا المجال:" ‎تخضع الحكومة لاختبار جديد اليوم لإثبات مدى قدرتها على النجاح في تطبيق الاجراءات ‏المقرّرة للَجم ارتفاع سعر الدولار، الذي يلتهم القيمة الشرائية للعملة الوطنية، في الوقت ‏الذي بدأت تلوح في الافق مؤشرات على عقوبات اميركية جديدة ستتعرّض لها البلاد في ‏قابل الايام والاسابيع، مشفوعة بضغوط سياسية على مختلف المستويات، خصوصاً في ‏ظل سَعي البعض الى إسقاط الحكومة عبر الاستثمار في الحراك الشعبي ومحاولات حَرفه ‏عن سلميته وتكرار مشهد التخريب الذي تعرّض له وسط بيروت ليل الجمعة ـ السبت ‏الماضي، والذي أثار مضاعفات لم تنته فصولاً بعد في ظل استمرار الاحتجاجات وإقفال ‏الطرق من حين الى آخر في بيروت وضواحيها والمناطق‎.‎

وكشفت مصادر ديبلوماسية لـ"الجمهورية" انّ المراجع اللبنانية المسؤولة تبلّغت عبر ‏الاقنية الديبلوماسية انّ لبنان كدولة سيتعرض قريباً لعقوبات أميركية جديدة، وأنّ واشنطن ‏ترى أنه بات المطلوب للبنان في ظل الازمة المتفاقمة التي يعيشها تأليف حكومة مستقلة ‏رئيساً وأعضاء تُعطى صلاحيات استثنائية لمدة 6 أشهر، والرجوع الى "إعلان بعبدا" في ما ‏يتعلق بسلاح المقاومة‎.‎
‎ ‎
وقالت مصادر سياسية لـ"الجمهورية" إنّ "ما يحدث الآن في لبنان شبيه بما حدث عام ‏‏1988 عندما أطلقَ المساعد الأسبق لوزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ‏ريتشارد مورفي مقولته الشهيرة "مخايل الضاهر أو الفوضى"، لمناسبة النزاع السياسي ‏الذي دار يومها حول استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية في نهاية عهد الرئيس امين ‏الجميّل، فنحن الآن أمام معادلة: "إمّا رفع الغطاء المسيحي عن "حزب الله" وإمّا الفوضى"، ‏وأخشى ان نكون قد تأخّرنا‎".‎

• صحيفة "الأخبار" عنونت:" آلية بهلوانية لضبط الدولار .. الانتفاضة تربك الحكومة والمعارضة: حزب الله يطمئن دياب والحريري" وكتبت تقول:" ‎ أربكت الانتفاضة السلطة والمعارضة على السواء. الرئيسان حسان دياب وسعد الحريري لجآ سريعاً إلى حزب الله، ‏لتبيان مراميه، فجاءت الإجابة لتزيل عن دياب همّ الاستقالة ولتطمئن الحريري إلى أنه ليس مستهدفاً. لكن بدل التركيز ‏على الأسباب الموضوعية للعودة إلى الشارع، نحت التحليلات باتجاه الخلفية السياسية لما يجري. وعلى خط مواز، ‏كانت الحكومة تجدد الثقة برياض سلامة، مراهنة على آليّته لتخفيض سعر الصرف، بالرغم من أنه شريك في انهيار ‏سعر الليرة على ما أكدت التحقيقات الأمنية‎.


بعد نهاية أسبوع حملت الدولار إلى سعر قياسي، يفترض أن تحمل بداية الأسبوع الحالي بداية السعي إلى لجم ‏الارتفاع المشبوه لسعر الصرف. لكن التحدي سيكون على الأرجح أكبر من أن تواجهه إجراءات بهلوانية قررها ‏مصرف لبنان للتدخل في السوق السوداء، بحيث سيكون على من يحتاج إلى الدولار أن يقدم أوراقه الثبوتية إلى ‏الصرافين المرخّصين وأوراقاً تثبت وجهة استعمال هذه الأموال، على أن يقوم مصرف لبنان بتحويل المبلغ إلى ‏حساب الصراف بعد 48 ساعة‎.
تلك الآلية الغريبة، كانت أقصى ما أثمر عنه الاستنفار الحكومي لإنهاء حرب الشائعات التي أدت إلى خسارة ‏الليرة نحو 25 في المئة من قيمتها في يوم واحد. ولذلك، كان بديهياً أن لا يتفاعل الناس مع هذا "الإنجاز"، فأعيد ‏تزخيم الانتفاضة الشعبية، التي تلاقت على المطالب الاجتماعية والاقتصادية‎.
مع ذلك، لا يتوقع أن تساهم إجراءات شكلية أو محدودة في تقليص الفجوة بين السعر الرسمي للدولار وسعر ‏السوق لوقت طويل، لكون الأزمة أكثر عمقاً من علاج موضعي لها. وعلى قاعدة "الحاجة إلى تعاون الجميع"، ‏جاءت مراهنة الحكومة على تدخّل من حاكم مصرف لبنان، بالرغم من أن التحقيقات الأمنية سبق أن بيّنت تورطه ‏بالتلاعب بسعر الصرف. الإجراء الفعلي كان يفترض أن يتخذ ضد رياض سلامة، لكن الحماية السياسية التي لا ‏تزال تؤمنها شبكة مصالح تخترق 8 و14 آذار وحلفاء كل منهما، جعلت اللجوء إلى سلامة نفسه للتدخل هو الحل ‏الوحيد أمام الحكومة‎.‎

لكن إذا كانت الحكومة غير قادرة على القيام بأي إجراء بحق سلامة، إلا أنه لم يعد مقبولاً أن تتلكأ أكثر في تنفيذ ما ‏سبق أن أقرته. ولذلك، عليها أن تحسم مسألة التدقيق في حسابات مصرف لبنان. فبعد التعثر الذي طرأ على الملف ‏بسبب شبهات حول هوية الشركة التي أقر مجلس الوزراء الاتفاق معها، فإن شراء الوقت لن يفيد. لذلك، لا بد من ‏قرار سريع، يؤدي إلى اختيار شركة أخرى غير متورطة بعلاقات وثيقة مع العدو الإسرائيلي، أو أن تتحمّل ‏الحكومة مسؤوليتها وتعلن قرارها، مهما كان. وبالتوازي، لم يعد بالإمكان الاسترخاء في مقاربة كل الملفات. ‏الأسابيع الماضية أثبتت أن كلفة التلكؤ كبيرة. على الحكومة العمل بوتيرة أسرع من السابق، على الأقل بما يوازي ‏سرعة الانهيار، بدلاً من التركيز على تحليل خلفيات التحركات وأهدافها‎.


وفيما تهيّبت القوى السياسية مشهد الشارع وتوتراته المُتصاعدة، تكثفت الاتصالات في اليومين الماضيين لمنع أي ‏انزلاق إلى الفوضى الأمنية وفقدان السيطرة على الشارع. لكن بشكل منظم، عملت ماكينة إعلامية على تحميل ‏حزب الله مسؤولية أعمال الشغب وتحطيم عدد من المحال التجارية، وحرق فروع المصارف في مدينتي بيروت ‏وطرابلس. وقد تواصل الرئيس سعد الحريري مع قيادتي حزب الله وحركة أمل، معبّراً عن غضبه، ظناً منه أن ‏الجموع نزلت بأمر حزبيّ. وأكد الحريري أن "المشهد لا يُمكنه أن يحمله في العاصمة"، سائلاً عن السبب وراء ‏هذا الانفجار المفاجئ. لكن الحريري سمع كلاماً من قيادتَي الثنائي تؤكدان فيه أن لا علاقة للحزب وأمل، وأن لا ‏قرار حزبياً بأي تحرك في الشارع وأن المتظاهرين ليسوا من طائفة محدّدة، بل أتوا من مناطق مختلفة. وشددتا ‏على أنهما لا تغطيان أي مرتكب، وأن بإمكانه (الحريري) التواصل مع قائد الجيش، وليتخذ الإجراءات التي يراها ‏مناسبة. وبحسب المعلومات، وفي إطار التعاون والتنسيق، جرت اتصالات بين حزب الله وحركة أمل مع الجيش ‏اللبناني. وقد اتفق على تنفيذ إجراءات مساعِدة بدأت أول من أمس في عدد من المناطق التي يوجد فيها جمهور ‏الثنائي. إذ عمد مسؤولو المناطق إلى تشكيل مجموعات على مداخلها، لمنع مجموعات الدراجات النارية من ‏الخروج، كما وضعت عوائق حديدية في البعض منها‎.


من جهة أخرى، خض هذا المشهد رئيس الحكومة حسان دياب الذي تواصل مع قيادة الحزب للاستفسار عمّا ‏يجري، وعمّا إذا كان هناك نية فعلية للانقلاب على الحكومة، وخاصة أنه منذ ظهر الجمعة كانت بعض الجهات ‏المحسوبة على فريق 8 آذار تسرّب معلومات عن قرار استقالة. لكن الحزب أكد مرة جديدة أن "المتظاهرين ليسوا ‏من منطقة واحدة ولا ينتمون الى طائفة واحدة". كما أن "الحزب لا يناقش هذه المسائل في الشارع"، مشددين ‏على التمسك بالحكومة لأن الظرف لا يسمح بالفراغ‎.‎

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى