سياسةمحليات لبنانية

قالت الصحف: التدقيق الجنائي والحكومة الموعودة.. تكامل مع تعارض؟

 

الحوارنيوز – خاص

قفزت قضية التدقيق الجنائي الى الواجهة كواحدة من أبرز القضايا التي وحدت اللبنانيين في الشكل، لكنها تبدو أنها سببا لإنقسامهم في المضمون، وقد تكون، أيضا، سببا لعرقلة ولادة الحكومة.

بعض الصحف قلل من شأن كلام رئيس الجمهورية حيال التدقيق الجنائي وفسره كخطوة لمواجهة العزل، فيما قللت صحف أخرى من حركة وزير الخارجية المصري سامح شكري في بيروت لأنه قاطع نصف اللبنانيين وبدل أن يسهم بالمعالجة عزز الريبة والانقسامات.

  • صحيفة “النهار” عنونت:” عون يشعل معركة التدقيق في مواجهة العزل” وكتبت تقول:” إذا كان رئيس الجمهورية ميشال عون خصص كلمته الغاضبة المفاجئة الى اللبنانيين مساء أمس بملف التدقيق الجنائي دون سواه ظاهرياً، فإن الخلفية المتصلة بتطورات الملف الحكومي وسط تصاعد الضغط الفرنسي – المصري المنسق الى ذروته على الفريق المعطل لتأليف الحكومة الجديدة، بدا ماثلاً بقوة وراء توقيت الكلمة وتلميحها الى الغطاء السياسي لمن اتهمهم عون بتعطيل التدقيق الجنائي. بذلك حوّل عون مسألة التدقيق الجنائي شرطاً أساسياً من شروط إقلاع المبادرة الفرنسية وتأليف الحكومة وتدفق المساعدات الدولية، متجاهلاً العلة الأساسية التي باتت الدول تحمّله إياها مع فريقه السياسي، أي تعطيل تأليف الحكومة الى حدود كاد معها الفرنسيون يسمون الفريق المعطل فيما هم يلوحون باقتراب بدء فرض الإجراءات المتعلقة بعقوبات محتملة على المعطلين. ولكن توقيت كلمة عون بدا لافتاً لجهة ربطه ضمنا بالزيارة المثيرة للجدل التي قام بها أمس وزير الخارجية المصري سامح شكري لبيروت والتي شكلت ظاهرة ديبلوماسية لافتة لجهة استثنائه من برنامج لقاءاته رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل و”حزب الله” في رسالة تعد الأكثر وضوحاً لجهة كشف المعطلين لتأليف الحكومة في مقابل دعم الرئيس المكلف سعد الحريري في مهمته. كما ان الجولة جاءت غداة فشل المحاولة التي أجريت لعقد لقاءات في باريس، اذ بدا ثابتاً ان السيناريو الذي جرى تداوله في هذا السياق قد طوي تماما. وعاد الملف الحكومي الى دائرة الشكوك بقوة في ظل الاتجاهات التي بدأت تكشفها الضغوط الفرنسية حول احتمال اضاءة الأضواء الخضراء امام عقوبات يتردد ان أوانها قد حان.

    جولة شكري واتصالاته التي شملت الرؤساء عون ونبيه بري وسعد الحريري الى بكركي ورؤساء أحزاب الاشتراكي والكتائب والقوات اللبنانية والمردة اتخذت دلالات قوية للغاية لجهة الرسالة المصرية المنسقة مع فرنسا في تصعيد الضغوط المشتركة للدولتين الأكثر اضطلاعا بدور حيوي حيال الازمة اللبنانية منذ انفجار مرفأ بيروت قبل ثمانية اشهر. وبرزت معالم تصاعد الضغط المنسق والمشترك بوضوح، اذ انه فيما كان شكري يكمل جولته في بيروت، صدر موقف متشدد جديد لوزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان امام مجلس الشيوخ الفرنسي أمس معلنا فيه “أن بلاده ستتخذ إجراءات بحق من عرقلوا حل الأزمة في لبنان والأيام المقبلة ستكون مصيرية”. وشدد لودريان على “أن الأزمة في لبنان ليست ناتجة عن كارثة طبيعية بل عن مسؤولين سياسيين معروفين”. وتابع قائلاً: “القوى السياسية اللبنانية عمياء ولا تتحرك لإنقاذ البلاد على الرغم من تعهداتها، وهي تتعنت عن عمد ولا تسعى للخروج من الأزمة” .

 

  • صحيفة “الاخبار” عنونت:” وساطة مصرية مبتورة والسيسي يقاطع نصف اللبنانيين” وكتبت تقول:” في العلن، هي مساع للتوفيق بين اللبنانيين علّهم يضعون خلافاتهم جانباً ويذهبون إلى تأليف الحكومة، لكن في الواقع، لم يكن التحرك المصري سوى تأكيد إضافي لتبنّي مصر، ومن خلفها فرنسا، وجهة النظر الأميركية والسعودية، التي يعبّر عنها داخلياً سعد الحريري، واتهام جبران باسيل بالتعطيل. ذلك دور لا يمكن أن يكون توفيقياً، ولا يمكن أن ينتج حكومة. إذا كان باسيل معرقلاً فعلاً، فبالمستوى نفسه على الأقل يعرقل الحريري. يكفي أنه يريد لنفسه ما لا يريده لغيره. أضف إلى أنه يحمل لواء المبادرة الفرنسية، ثم لا ينفك يفرغها من مضمونها الإصلاحي المتمثل في التدقيق الجنائي

    فشل الفرنسيون في إقناع السعوديين بتليين موقفهم من سعد الحريري، فدخل المصريون كبدل من ضائع. صارت “أم الدنيا” مع “الأم الحنون” جزءاً من المشكلة في لبنان. ببساطة، قررا التخلي عن دور الوسيط لصالح تبنّي وجهة النظر التي تعتبر أن “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” يُعرقلان تأليف الحكومة. هما نفسيهما لم يجدا في رهن سعد الحريري نفسه والبلد بانتظار لقاء، لن يأتي، مع ولي العهد السعودي ما يستدعي، على الأقل، تحميله جزءاً من مسؤولية المراوحة. هو في النهاية رئيس الحكومة المكلف بتأليف الحكومة، والمسؤولية الأولى تقع عليه، لكنه لا يفعل سوى انتظار المبادرات والتنازلات.

    زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري لا يمكن تفسيرها، بالشكل والمضمون، سوى أنها ضغط إضافي على “المعرقلين” لتأليف حكومة بالتي هي أحسن. ولذلك، تكامل الموقف المصري المعلن في لبنان مع الموقف الأميركي والسعودي، الذي ينطق به إيمانويل ماكرون ومرؤوسوه. وهذا الموقف كرّره وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، أمس، في الجمعية الوطنية الفرنسية، حيث أشار إلى أن بلاده ستتخذ “تدابير محددة بحق الذين فضّلوا مصالحهم الشخصية على مصلحة البلاد”. واعتبر أن “الأيام المقبلة ستكون مصيرية، وفي حال لم يتخذ هؤلاء الأطراف قرارات ملائمة، فسوف نقوم من جهتنا بواجبنا”. وقال إن “الأزمة في لبنان ليست ناتجة عن كارثة طبيعية، بل عن مسؤولين سياسيين معروفين، القوى السياسية تتعنّت عن عمد ولا تسعى للخروج من الأزمة، هذا التعنت يأتي من قبل أطراف سياسيين محددين يضعون مطالب تعجيزية خارج الزمن“.

  • صحيفة “نداء الوطن” عنونت:” مصر مع المبادرة الفرنسية الاصلية … وباريس تتوعد المعرقلين “باسيل منبوذ” … وعون على الاطلال: أنا الجنرال”، وكتبت تقول:” لم يعد إنس ولا جان على وجه المعمورة يختلفان على تحديد مكمن العطل والتعطيل في لبنان، ولم يعد أي من الأطراف الدولية والعربية يتردد في الإشارة بالإصبع إلى “جبران باسيل” باعتباره حجر الأساس في عرقلة تشكيل “حكومة مهمة” إنقاذية للبنان، بغية تحقيق مصالح “تحاصصية” بالأصالة عن نفسه، ومصالح “استراتيجية” بالوكالة عن “حزب الله”، حسبما لاحظت أوساط مواكبة لمسار أحداث الساعات الأخيرة، التي بدا واضحاً من سياقها أنّ باسيل أصبح “معزولاً، معاقباً أميركياً ومنبوذاً أوروبياً وعربياً… فلا “الأم الحنون” قبلت استقباله، ولا “أمّ الدنيا” تريد لقاءه”، في إشارة إلى رفض قصر الإليزيه تحديد موعد له، وتجنب وزير الخارجية المصري سامح شكري الاجتماع به.

    ورغم ذلك، لا تزال عوارض سياسة “الإنكار والهروب إلى الأمام” تظهر على تغريدات رئيس “التيار الوطني الحر” وإطلالات رئيس الجمهورية ميشال عون، فالأول ما زال يرى نفسه “متجاوباً مع كل مسعى خارجي وداخلي”، والثاني أعادته التفليسة إلى “دفاتره القديمة” ليقلّب صفحات أمجاد غابرة، بدا معها في حديثه المتلفز أمس، كمن يقف “على الأطلال” مخاطباً اللبنانيين: “أنا ميشال عون أنا الجنرال أناديكم”، في مشهد غلب عليه الضعف والوهن واستجداء تعاطف الناس لكي يستذكروه في حقبة “الجنرال” بعد أن خذلهم في سدة الرئاسة.

    لكن، ولأنّ باريس عاينت عن كثب بيت الداء والدواء في الملف الحكومي، ومصادر الإليزيه باتت تسمي باسيل بالاسم بوصفه العقبة التي تحول دون تطبيق مندرجات المبادرة الفرنسية حكومياً، مستخدماً توقيع الرئاسة الأولى متراساً لتحقيق “مطالب تعجيزية” كما وصفها وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان أمس، فإن “الأيام المقبلة ستكون مصيرية” كما شدد لودريان، كاشفاً أنّ فرنسا بصدد “اتخاذ إجراءات بحق من عرقلوا حل الأزمة في لبنان”، باعتبار أنّ “الأزمة ليست ناتجة عن كارثة طبيعية بل عن مسؤولين سياسيين معروفين“.

    وتوازياً، ألقت مصر بثقلها على الساحة اللبنانية من خلال زيارة وازنة في الميزان الحكومي، قام بها وزير خارجيتها سامح شكري إلى بيروت، وغلّبت كفة دعم رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري وتأييد توجهات البطريرك الماروني بشارة الراعي على كفة قوى 8 آذار، مع الحرص على النأي برئيس مجلس النواب نبيه بري عن الامتعاض العربي من محاولة الانقلاب على الدستور والطائف واللعب بموازين القوى في البلد. وبهذا المعنى أتت زيارة شكري “مدججة بالرسائل شكلاً ومضموناً” وفق تعبير مصادر سياسية، لتصب في خانة التأكيد أنّ “القاهرة ليست على الحياد في ما يتعلق بأمن لبنان واستقراره بل هي “رأس حربة” في عملية إعادة تصويب البوصلة العربية للبنان والتصدي لمحاولات تغيير هويته“.

    ومن هنا، آثر وزير الخارجية المصري استثناء باسيل و”حزب الله” من جدول لقاءاته اللبنانية، في رسالة واضحة تؤشر إلى تحميلهما “مسؤولية مشتركة عما آلت إليه الأمور في لبنان وعرقلة كل الجهود المبذولة داخلياً وعربياً ودولياً لإعادة استنهاضه وإنقاذ اللبنانيين.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى