منوعات

صراع مدمرّ

دعوت نفسي للقاء طارىء، بحجة خبر عاجل،لضرورات أمنية واجتماعية واقتصادية وسياسية ودينية.
حضرَت على عجل الى الموعد، جلسنا في مقهى عند رصيف في أوّل شارع الحمراء،أحضرت لها فنجاناً من القهوة وتنهدنا قبل العتاب .
امتدّ صراعنا طويلا، لا نتفق الا على ضرورات الحياة لنبقى أحياء، كلّ منّا يحاول فرض طبعه ورأيه، وصلنا الى حدّ التناحر، عذبتني بالأرق، عذبتها بال "لا"، عذبتني بالندم، عذبتها بال "ممنوع"، عذبتني بالذنب، عذبتها بال "حرام"،حدثتني عن الحبّ والغرام والعشق والجنسّ، حدثتها عن "المقدس"عن "الدين" عن الموروث الاجتماعي من تقاليد واعراف.
صراعنا امتدّ طويلا، استخدمت فيه كل وسائل التوتر واستخدمت فيه كل اساليب القهر، إن فتحت بابا أغلقته وإن أقفلت نافذة فتحتها، يعتقد كلّ منّا انّه الممثل الوحيد والشرعي والقانوني لكينونتنا الانسانية  او البشرية رغم الفرق الشاسع بين الانسان والبشريّ.
كان لا بدّ من اللقاء إذ وصلتني إشارات من العمر يحذّرني فيها ان الصراع تحوّل لعناصر تدميرية للذات،بإحتمالات تحوّل لامراض مستعصية او لرديف انتحار، أنّ ما تبقى من زمن لأقلّ بكثير ممّا مضى،انّ لا نكهة ولا معنى  للصراع بعد عمر الخمسين عاماً، طلب العمر بمصالحة فورية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من حياة.
ليس الاتفاق بحاجة وليس المطلوب ان نتفق فنحن مختلفان والاختلاف ليس بعداء ولا بخصومة، يمكننا  ان نصل لتسوية،لتفاهم وسطي من دون قلم وحبر و ورق وشهود، اشرس الحروب هي تلك المعارك التي نخوضها مع أنفسنا عند النعاس، عند النوم، في الأحلام، عند اليقظة، في نهار العمل ،في السفر الوهميّ كاحلام اليقظة وفي السفرالحقيقيّ عند تبديل المكان .
دعوت نفسي للقاء طارىء،
بحجة خبر عاجل،لضرورات تكتبكية واستراتيجية .
كانت التسوية أن اكون انا في الواقع كما أنا في الحقيقة والطبيعة ،ان لا اكون أنا من اجل آخر او من أجل حدث دائم او عابر، أن ان لا اقول الا قناعتي و إلا  فالسكوت افضل، ان لا اعبر  الزواريب ، ان اسير بالطرقات الواسعة والواضحة ولو كانت المسافات أطول ولو كانت الارباح اكثر.
أن تكون الأخلاق منطقا للتعامل وان يكون الايمان علاقة شخصية مع الخالق، ما عاد من داعٍ للتحوّل وللتبدّل وللتزيّن ولوضع قناع من اجل عمل إضافي او مصلحة مفيدة من خارج القناعات.
تعانقنا ،صرنا انا النهائية، أصبحنا الأنا المطمئنة السويّة.
ما أجمل ان تحيا بأنا مطمئنة هادئة وبروية.
دعوت نفسي للقاء طارىء، بحجة خبر عاجل،لضرورات حياتية في عمر ما عاد تستحق فيه المسايرة والتلّون و الجدل و النفاق والكذب والمراوغة والاحتيال والتذاكي لكي لا يشتد الصراع بيني وبين نفسي في كل لحظة اجلس فيها لوحدي لابكي حالي ولأرثيها، لاضع حدّا لعناصر تدميرية، جعلت من حياتي ذكرى قاتلة يا ليتها منسية…
كن انت لا شيئ آخر ابداً.! رغم ان المهمة شاقة وطويلة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى