رأيصحف

زيارة ترامب للسعودية تحمل في طيّاتها اعترافاً صريحاً بالدور القيادي للمملكة في المنطقة(حسين زلغوط)

 

الحوارنيوز – صحافة

 

تحت هذا العنوان كتب حسين زلغوط في صحيفة اللواء يقول:

في مرحلة مشبعة بالتقلّبات، وبينما العالم يعيد رسم خرائطه الاستراتيجية على وقع الحرب في أوكرانيا، وحرب غزة، والتوترات الإيرانية – الإسرائيلية، وإعلان الولايات المتحدة عن وقف الضربات الجوية في اليمن بعد اتفاق هدنة مع الحوثيين بوساطة عمانية، مما يعكس تحوّلاً في السياسة الأميركية تجاه المنطقة، خصوصا وأن العلاقات الأميركية – الإسرائيلية تشهد تحدّيات، خاصة في ظل استمرار الصراع في غزة، اختار الرئيس ترامب أن يبدأ جولته الخليجية من المملكة العربية السعودية، وهذا الاختيار لم يكن اعتباطيا، بل يحمل دلالات تتجاوز رمزية التحالف التاريخي بين الرياض وواشنطن، إنها رسالة سياسية للعالم بأسره، بأن «الشرق الأوسط الجديد» الذي لطالما تحدث عنه ترامب، يبدأ من الرياض، حيث ان هذه الزيارة تحمل في طياتها اعترافا أميركيا صريحا بالدور القيادي الجديد للمملكة العربية السعودية في المنطقة والعالم، كما انها تعكس تحوّلاً في السياسة الأميركية نحو تعزيز التعاون الاقتصادي والأمني مع دول الخليج، وهي بفعل ذلك ليست مجرد تكرار لسابقاتها، بل تحمل أبعادا استراتيجية جديدة، خصوصا في ظل التحوّلات الجيوسياسية الراهنة.

وفي اعتقاد مصادر لبنانية متابعة أن استهلال الرئيس الأميركي لجولته في الشرق الأوسط من السعودية هي لتأكيد الإدارة الأميركية أن المملكة لم تعد مجرد حليف، بل شريكا مركزيا في صياغة ملامح النظام الإقليمي والدولي، بعد أن حققت في السنوات الأخيرة اختراقات سياسية فريدة، بدءا من استضافتها لجولات الحوار الأميركي – الروسي ثم الأميركي – الأوكراني، مرورا بملف الوساطات الإنسانية، ووصولا إلى الانخراط الفاعل في ملف أمن الطاقة العالمي، وهذا ما عزّز مكانة السعودية كدولة لا يمكن تجاوزها، ليس فقط في الإقليم، بل على صعيد السياسة الدولية برمّتها، كما أن الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، واستراتيجية «صفر مشاكل» مع دول الجوار، والانفتاح الدبلوماسي على قضايا مثل الملف الإيراني وحرب غزة، كلها تعكس نضوجا استراتيجيا جعل من السعودية لاعبا لا يمكن تجاوزه في أي تسوية قادمة.

وتعتبر المصادر ان الزيارة ليست فقط تاريخية، بل تمثل نقطة انعطاف كبرى في مسار العلاقات السعودية – الأميركية.

إضافة الى ما تقدّم من وصف للمشهد فإن الزيارة ستركّز على توقيع صفقات استثمارية ضخمة تصل قيمتها إلى تريليونات الدولارات، بالإضافة إلى تعزيز التعاون الدفاعي، مما يثير تساؤلات حول انعكاسات هذه التحركات على الوضع الإقليمي. فدول الخليج، تسعى إلى تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع الولايات المتحدة من خلال استثمارات ضخمة. فعلى سبيل المثال تعهدت السعودية باستثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة على مدى أربع سنوات.

أما الإمارات فقد أعلنت عن خطط لاستثمار 1.4 تريليون دولار على مدى عقد. في حين أن قطر عرضت شراء طائرات بوينغ وقدّمت طائرة خاصة لترامب بقيمة 400 مليون دولار أميركي، مما يعكس تعزيز التعاون في مجالات متعددة مثل الدفاع، الذكاء الاصطناعي، والطاقة المتجددة.

ومع ذلك، هناك مخاوف خليجية من استمرار الدعم الأميركي لإسرائيل، مما قد يؤدّي إلى تصعيد التوترات مع إيران ويؤثر على استقرار المنطقة، وهذا الجانب سيأخذ حيّزاً من النقاش بين الرئيس ترامب وقيادات الدول التي تشملها جولته الخليجية.

وإذا كانت زيارة الرئيس ترامب إلى الخليج تعكس تحوّلاً في السياسة الأميركية نحو تعزيز التعاون الاقتصادي والأمني مع هذه الدول، فإنه يظل هناك تحدّيات تتعلق بالتوازن مع القوى الكبرى، مسار التطبيع مع إسرائيل، وتأثيرات سياسات الطاقة على أسواق النفط، حيث وكما هو معلوم فان دول الخليج تسعى إلى تحقيق مصالحها الاستراتيجية من خلال سياسة توازن بين الشراكات التقليدية والتعاون مع قوى صاعدة، ولذلك وعلى رغم الطموحات الاقتصادية، تواجه زيارة ترامب تحدّيات سياسية ودبلوماسية، فغيابه عن إسرائيل في هذه الجولة يثير تساؤلات حول مستقبل تطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب، خاصة في ظل تمسّك السعودية بموقفها القائم على حل الدولتين كأساس لأي تطبيع مع إسرائيل.

وتعّول مصادر سياسية أهمية بالغة على جولة الرئيس الأميركي الخليجية على الوضع في لبنان، لناحية ارتفاع منسوب الدعم لهذا البلد الذي يحاول الخروج من أزمته، لكن هذه المصادر ترى انه من المبكر أن نبدأ بتلمّس نتائج الزيارة، وهي تعتبر ان مجرد حصولها في هذه المرحلة يُعدّ تحوّلاً مهماً لناحية النظرة الأميركية لما يجري في الشرق الأوسط، وأنها مؤشر واضح على تغيير محتمل في سياسة الإدارة الأميركية حيال الأزمات التي تعصف بالمنطقة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى