سياسةمحليات لبنانية

دياب لم يعد هو هو ..ولا الانتفاضة هي هي !

 

محمد شقير -الحوارنيوز
إتكأ كثيراً رئيس الحكومة حسان دياب على وسادة الإنتفاضة، ومنذ اللحظات الأولى لتسميته رئيساً للحكومة، أطلق مواقف سياسية إرتكزت في مضامينها على تحليل إقتصادي نقدي للأزمة اللبنانية، بانت كما لو أن قائلها هم ثوار 17 تشربن.
وعند كل ظهور للرجل كان يكرر تلك المواقف بشكل واضح، وطلب، ضمناً أو علناً، مباشرةً أو مواربةً، دعم المنتفضين له ولحكومته.
رافق خطاباته دعوةً من أحزاب السلطة الحالية بأن إمنحوا دياب فرصةً، واتركوه يعمل، بل طلب كثيرون من المنتفضين دعمه ومؤازرته في سبيل تحقيق برنامجه الاصلاحي الموعود.
ساد نقاش طويل بين مجموعات ومكونات الانتفاضة، فمنهم من إنحاز الى فكرة اعطاء الحكومة الفرصة ومن ثم مراقبتها ومحاسبتها، منطلقين من صدق النوايا وصدق الخطابات. ومنهم من رفض اعطاء الفرصة واعتبر دياب أقله سيكون مكبلاً بالأحزاب التي جاءت به، وهي لن تسمح له بالخروج عن طاعتها ومصالحها. ومنهم من كان رأيه يقف بين الرأيين المذكورين، ولم يحددوا موقفاً حاسماً.
اليوم، وبعد أشهر من المراقبة فإن ما نلتمسه جميعاً هو أن الخطابات ما كانت إلا حبراً على ورق، والممارسات لا زالت هي هي بلا أي بصيص أمل في الأفق.
المحسوبيات تعاظمت واستمرت وتأخذ أشكالاً فضة وغير متوقعة أحياناً، والشواهد كثيرة تظهر يومياً في صفحات وسائل الاعلام. ان كل الوعود والمواقف التي أطلقها دياب قد تبخرت، وبخاصة لجهة معالجة الازمة النقدية والاقتصادية؛ ويبدو واضحاً ان الاتجاه العام هو الرضوخ لاوامر وتوجيهات صندوق النقد الدولي.
وينعكس ذلك جلياً في موضوع حاكم مصرف لبنان الذي يبقى عصياً على الدولة كلها، ومعظم القوى التي رفعت شعار تغيير الحاكمية وشاركت مجموعات محسوبة عليها في استهداف المصرف والمصارف، قد تراجعت وسكتت عن الموضوع وتعايشت مع الحاكم وهي تطلب وده ايضاً، وسيتمظهر هذا الأمر من خلال تعيين نوابه وفاقاً للمحاصصات والمحسوبيات ذاتها التي كان سائدة في الحكومات المتعاقبة.
ثم كانت التعيينات في شركتي ألفا وتاتش التي جرى تقاسمها أيضاً تحاصصياً، وسلّلة التعيينات الإدارية لا تحيد عن منطق المحاصصة بوجوه هي الأقل كفاءة من ضمن الأسماء المرشحة والمعيار الأساس الولاءات الحزبية والتزكية العائلية!!
واليوم يرد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مرسوم التعيينات القضائية ويعود به الى المربع الأول.
أما الليرة فحدث ولا حرج، فهي تتهاوى وتنهار بشكل دراماتيكي مخيف. والأمر الأكثر خوفاً هو أنها تنهار بالتوازي مع ما تتعرض له الليرة السورية والانعكاسات المحتملة لكلا الانهيارين على الاقتصادين اللبناني والسوري اللذين يتكاملان ويتأثران بعضهما ببعض.
كما أن الوهن بان أقسى في ملف الفيول المغشوش وتداعياته السياسية، حيث لم تجرؤ الدولة وأجهزتها القضائية والأمنية على توقيف من وُجهت لهم التهم، بل نشبت خلافات واسعة بين أحزاب الحلف الواحد وكالوا الاتهامات الى بعضهم البعض حتى بدا مشهدهما مذلاً وبشعاً.
إن السلطة تتفكك وتتهاوى ولكن المصاب جلل عند أهل لبنان، فهم يدفعون أثماناً باهضة لفشل الدولة منذ الجمهورية الثانية وحتى يومنا هذا وتقاسم أطرافها الأساسيون مغانمها ولو على حساب الوطن وبنيه.
إن لم تستشعر هذه السلطة خطر الانهيار الشامل وتبادر من فورها الى منح حكومتها أقله، صلاحيات استثنائية في جميع الامور بغية الحد من التدهور، فإن شعبنا سيعود ويخرج بقوة هذه المرة وبأساليب لن تقتصر على التظاهرات، فربما ستزداد الجريمة وتتفاقم السرقات ويدخل الجوعى الى بيوت الناس ليسرقوا ويتقاتلوا. ففي الخروج الأول طغى على المنتفضين فئات وساعة وازنة من اللبنانيين بينهم المثقفين والدكاترة والمحامين والطلاب والمهنيين وغيرهم، أما اليوم فسيخرج أبناء الميليشيات الذين سيجوعون وستكون ممارساتهم غير مسؤولة وغير سوية وحينها لا ينفع الندم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى