سياسةمحليات لبنانية

درب الجلجلة الحكومية في آخرها..والولادة بشارة الميلاد

هل انفرجت أزمة تشكيل الحكومة بعد نحو سبعة أشهر من الأخذ والرد والمماحكات ،وباتت درب الجلجلة الحكومية في نهايتها؟
   يبدو أن ولادة الحكومة الجديدة ستكون بشارة الميلاد قبل الخامس والعشرين من الجاري ،وربما هذا الأسبوع ،سندا الى المؤشرات والمعلومات التي تناهت مع بداية الأسبوع الجاري.
     اليوم اجتمع اللقاء التشاوري للنواب السنّة الستة في منزل النائب عبد الرحيم مراد وأصدر بيانا يوحي بالحلحلة .وقالت مصادر المجتمعين ل"الحوار نيوز" إن النقطة الأساسية التي يركزعليها اللقاء هي الاعتراف به ككيان مستقل ،وعندها يمكن الولوج الى الحل ،سواء تمثل اللقاء في الوزارة بنائب منهم أو بمن يمثلهم.وهذا الأمر مطلوب من الرئيس سعد الحريري أولا وآخرا .
   في هذا الإطار تقول مصادر مطلعة ل"الحوار نيوز" إن الإشارات التي أطلقها اللقاء التشاوري في بيانه اليوم ،تأتي في سياق المخرج الذي تمخضت عنه الاتصالات الأخيرة، والتي كان محورها الرئيسي المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي سيجتمع ظهر اليوم الثلاثاء بالنواب السنة الستة في منزل النائب مراد لصياغة التفاهم الذي تم التوصل اليه ،ويقوم على الصيغة الآتية:
"يتمثل اللقاء بشخصية من خارج النواب الستة ،يقومون بتسميته منفردا أو من خلال تقديم لائحة بعدة أشخاص يختار رئيس الجمهورية أحدهم ويحتسب من حصته الوزارية ،ويوافق الرئيس سعد الحريري على هذا الاختيار ،على أن يكون هذا الوزير ممثلا للقاء التشاوري في أي موقف يتخذه داخل الحكومة بعد التشاور مع اللقاء وبالتنسيق مع رئيس الجمهورية".

   على هذا الأساس يكون المخرج قد أرضى الجميع في اطار تنازل مشترك ،وليس على حساب أحد ضد أحد.والواقع أن إشارة اللقاء التشاوري في بيانه اليوم الاثنين كانت لافتة للانتباه،لجهة الوضع الاقتصادي والمخاطر التي تحيط بالوطن ،من دون أن يشدد البيان على توزير أحد النواب الستة .وقد جاء في البيان :" مع إحترامنا لما يقوم به فخامة الرئيس عون من مساع، و مع تفهمنا لدقة الوضع المعيشي و الإقتصادي و للمخاطر التي تحيط بالوطن، و احساسا منا بالمسؤولية الوطنية ،يؤكد اللقاء التشاوري النيابي على أن أي مبادرة لا تقرّ بحق اللقاء بالمشاركة في الحكومة الوطنية من باب إحترام نتائج الانتخابات النيابية و احترام الشرعية الشعبية التي لنا شرف تمثيلها ،لن يكتب لهذه المبادرة الحياة ويبقى الوضع على ما هو عليه حتى إشعار آخر" .
    مقدمات هذا الموقف بدأت قبل أيام عندما أطلق النائب اللواء جميل السيد تغريدة توجه بها الى النواب السنة الستة خلاصتها "إن كان حبيبك عسل لا تلحسو كله".وكان النائب السيد واضحا في هذه التغريدة ،وترجمتها الصريحة :"يا حضرات النواب الستة يكفي احراجا لحليفكم حزب الله ،وقدموا تنازلا متبادلا مع رئيسي الجمهورية والحكومة".
   صحيح أن التغريدة عكست جدلا مع النائب فيصل كرامي ،لكن اللقاء التشاوري السنّي فهم الرسالة،معطوفة على كلام  نقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري قال فيه:"لن أتدخل بعد اليوم ..فليقلّعوا شوكهم بأيديهم".. وكان يقصد الجميع وليس طرفا معينا.
   في أي حال لم تأت التنازلات المتبادلة من فراغ ،فأجراس الخطر الاقتصادي بدأت تقرع في كل زاوية ،وكان آخرها خلال الأسبوع المنصرم سعر صرف الليرة اللبنانية،بعدما أحجمت المصارف اللبنانية عن تزويد العملاء بالدولار الأميركي ما حمل البعض على اللجوء الى محال الصرافة.وفي هذا الاطار قال أحد رجال الأعمال ل"الحوار نيوز" إنه احتاج الى مبلغ ثلاثمائة ألف دولار ،فاضطر للجوء الى الصرافين واشترى الدولار بعد جهد جهيد بمبلغ 1530 ليرة لبنانية .وهذا نموذج قد يفضي الى فلتان السوق في ظل الأزمة الحكومية ،في حين أن ثبات صرف الليرة هو آخر جدار قبل الانهيار المالي والاقتصادي والاجتماعي أيضا.
   فضلا عن ذلك فإن "مكتسبات" ووعود مؤتمر "سيدر" التي يراهن عليها الكثيرون لانتشال الاقتصاد اللبناني ،وفي طليعتهم الرئيس سعد الحريري ،سوف تتلاشى اذا ما عبر لبنان السنة الحالية من دون حكومة لاسباب كثيرة .
   يضاف الى ذلك بعض التحركات الشعبية التي راحت تدق الأبواب ،على هزالتها،لكنها قد تتصاعد مع شعور الناس باليأس ،ولن يكون الشعب اللبناني أكثر رقيا من الشعب الفرنسي الذي هز أركان الدولة الفرنسية خلال الأسابيع الماضية من خلال التظاهرات الصاخبة لفرسان "السترات الصفر" ،والتي كلفت الاقتصاد الفرنسي الكثير الكثير تعطيلا وتخريبا.
    أمام كل هذه المعطيات يبدو أن المسؤولين اللبنانيين بدأوا يشعرون بالخطر المحدق بهم وبالبلاد،ما يدفعهم الى تغليب مصلحة البلد على المصالح الخاصة.وعليه يبدو الأمل كبيرا بتشكيل الحكومة خلال الأيام المقبلة بحيث تولد قبل ذكرى ولادة السيد المسيح وتكون بشارة الميلاد المجيد.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى