سياسةمحليات لبنانيةمن هنا نبدأ

ثقة وازنة لحكومة “معا للإنقاذ”:التواضع سمة المرحلة..فلا تكبّروا حجركم(واصف عواضة)

 

كتب واصف عواضة-خاص الحوار نيوز

نالت الحكومة الثقة بأكثرية وازنة. 85 صوتا ضد 15. يعني بنسبة 85 بالمائة ،وهي نسبة قلّ نظيرها في الحكومات الأخيرة .

حرص الرئيس نبيه بري على تسريع جلسة الثقة ،وقلّص من عدد المتكلمين ،لكن من تكلموا طالبوا الحكومة بما تعجز عنه الجبال ،كأنهم صدّقوا انها ستكون فعلا حكومة “الإنقاذ ” الشامل الكامل في فترة زمنية محدودة لا تتجاوز السبعة أشهر،التي يفترض ان تسبق الانتخابات النيابية في الربيع المقبل. وأغلب الظن أن الرئيس نجيب ميقاتي ووزراءه  لا يصدقون أنهم قادرون على الإنقاذ في هذه الفترة الضيقة. 

نظلم الحكومة الميقاتية اذا ما طالبناها بالإنقاذ ،إلا اذا كان الرهان مبنيا على حكومة “النجيب الرابع والخامس”،أي ما بعد الانتخابات النيابية والرئاسية العام المقبل،اذا ما قيض للبنان ان يجري هذين الاستحقاقين بسلاسة ويسر،أو استمرار الحكومة الحالية في مهمتها في حال لم تتوفر الفرصة لهذين الاستحقاقين. 

فالإنقاذ في معناه الحقيقي بعد الانهيار الذي يشهده لبنان ،ليس مهمة يسيرة في سبعة أشهر ،ومن الظلم تحميل الحكومة هذا العبء الثقيل. الإنقاذ يعني عودة البلاد الى حالة الاستقرار الذي كان سائدا قبل العام 2019 ،وهذا ضرب من المستحيل في فترة زمنية محدودة ،بل يستحيل العودة الى ما كنا فيه من ترف مزيف. هناك نمط حياتي جديد يفترض ان يعتاد عليه اللبنانيون يقوم على التعقلن  المعيشي،قاعدته “على قد بساطك مد رجليك”.

الانقاذ الحقيقي للبنان يحتاج الى رؤية اقتصادية جديدة تفارق النهج الريعي الذي ساد البلاد منذ اكثر من ثلاثة عقود. ولا يظنن أحد ان المنظومة السياسية القائمة في وارد الذهاب في هذا المنحى .

الانقاذ يتطلب نهجا سياسيا مختلفا عن منهجية الطوائف وانظمتها المجحفة. نهج يقوم على المواطنة الصحيحة كعقيدة سياسية بعيدة عن المحاصصة والتوزيعات المعيبة. 

لذلك كله، ليس مطلوبا من الحكومة أن ” تكبّر حجرها”،وتغرق في ما لا يمكن تحقيقه في فترة وجيزة ،وأن يتواضع رئيسها وزراؤها في أهدافهم وقدراتهم،وألا ينجرفوا في تيار المغالين ،موالاة ومعارضة. 

لقد سبق للرئيس ميقاتي حين كلف تشكيل الحكومة أن أعلن أنه يطمح الى معالجة أزمات الكهرباء والمحروقات والدواء والغذاء. وليس مطلوبا من الحكومة أكثر من ذلك في المائة يوم الأولى ،والناس لا تطلب منها أكثر من ذلك،فإذا تمكنت  كان لها أجران ،واذا لم تتمكن فحسبها أنها سعت في ظل ظروف تبدو فيها هذه الأزمات شبه مستعصية على الحل. 

 

ولا يجب ان يغيب عن بال الحكومة ولو للحظة واحدة ان هذه الأزمات لا يمكن معالجتها قبل تثبيت سعر الصرف. فاستقرار الليرة اللبنانية هو فاتحة المعالجات. بعدها يمكن تعديل الأجور بما يمكّن الناس من تحمل أعباء تحرير الأسعار في شتى المجالات. 

نعم،تستطيع الحكومة التأسيس للانقاذ من خلال مشاريع قوانين وقرارات جريئة تكون مدخلا لتغيير حقيقي متين .فالبناء الذي لا تكون اساساته متينة سيكون آيلا للسقوط مرة أخرى تماما كما حصل لجمهوريتي الاستقلال والطائف. 

ولكن يبقى التواضع في العمر القصير للحكومة أساس الانقاذ ،عملال بالآية الكريمة:  { إنّا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا }.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى