رأي

تهدئة الخطاب الداخلي للسيد..ومشروع”الجيش هو الحل “(علي يوسف)

 

كتب علي يوسف – الحوار نيوز

اثار كثيرون  تساؤلات حول  سبب  لهجة التهدئة التي اعتمدها السيد نصر الله بالنسبة للوضع الداخلي في خطابه في نهاية احتفالية الاربعين ربيعا .

ابرز التساؤلات : كيف يمكن  تلازم طرح احتمالات الحرب مع طرح الاستعداد الداخلي لبحث الاستراتيجية الدفاعية ؟؟.. وهل يعقل ان من يستعد لاحتمالات حرب كبرى ما فوق،بل تتعدى الدفاع ان يدعو في هذا الوقت  الى الاستعداد لبحث السياسة الدفاعية،وان تأتي كل الطروحات  الداخلية  وكأن الحياة عادية ومستقرة  ولا تتضمن جديدا عما يُطرح في حالات عادية ،كالدعوة للاسراع في تشكيل حكومة والالتزام بالمهل الدستورية في ما خص  انتخابات رئاسة الجمهورية وضرورة معالجة الازمات وتحمل المسؤولية الخ؟

 ثم أين الدعوات لاجراءات استثنائية تتماهى مع احتمالات الحرب،وتتماهى كذلك مع الانهيار الكبير للدولة اللبنانية وسبل مواجهة هذا الانهيار بمشروع انقاذ بما يتوافق والتطورات الاقليمية  والداخلية ؟

 المؤكد ان من يعرف السيد  رؤيويا ،وانطلاقا  كذلك من الانجازات  التاريخية التي حققتها المقاومة اقليميا ولبنانيا وطريقة ممارستها على اصعدة الوعي والرؤية والتخطيط الآني والمتوسط والاستراتيجي، والممارسة العملية  في البناء السياسي والتنظيمي والعسكري والاجتماعي والانساني .. يعرف ان كل الاسئلة المطروحة لا يمكن ان تكون قدغابت عن السيد ،وان عدم تضمين اجوبة عليها في الكلمة، له بالتأكيد اسبابه واهدافه ….

وانطلاقا من تتبعي للكلمة  ومسارها وما تضمنته، وانطلاقا من التطورات الاقليمية على الصعيدين الاقليمي والداخلي اللبناني ، يمكن وضع ما تضمنته كلمة السيد من “تهدئة ”  اثارت التساؤلات، في اتجاهين :

الاول – ان المقاومة لا ترغب في توتر تصاعدي مع العدو حول ملف استخراج الغاز والنفط ، وتفضل كعادتها ابقاء العدو “واقفا على إجر ونص ” للوقت الذي ترغبه او تريده المقاومة، لأهمية هذه السياسة في  زعزعة الوعي والاستقرار في جميع مؤسسات الكيان الاسرائيلي السياسية والحكومية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية .. وكذلك للحفاظ هنا في هذه المعركة بالذات على عامل المبادرة وكذلك المفاجأة،وهما عاملان مهمان جدا.

والثاني- وهو  ايضا مهم جدا ويمكن استخلاصه من حديثه التفصيلي حول وجود مشروع اميركي دائم  لإحداث صدام بين الجيش وبين المقاومة ….

فمنذ بدأت ما سُميت “الثورة “في ٢٠١٩  ،والتي كان لها اسبابها المحقة ،أخذها التدخل الخارجي  وخصوصا الاميركي لتبني شعارين :

– نزع السلاح غير الشرعي وحصر السلاح بيد الدولة لمحاولة تكريس اعتبار سلاح المقاومة سلاحا غير شرعي، خلافا للبيانات الوزارية للحكومات والتي يقرها المجلس النيابي  ..وكل ذلك لضرب الردع الدفاعي للدولة اللبنانية خدمة للعدو الصهيوني..

– تأكيد رفض كل القوى السياسية ” كلن يعني كلن”، والتأكيد على ان “الجيش هو الحل  “ليس انطلاقا من الثقة بقدرة الجيش على الحكم والإنقاذ، وانما لفصل الجيش عن  ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة والتمهيد لإحداث شرخ بين الجيش والمقاومة….

 

وبعد انهيار البنية التنظيمية والشعبوية  والحركية ل “الثورة” وانخفاض تأثيرات شعاراتها عادت بعض الدوائر المعروفة ،مستفيدة من استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية  ووجود  خلافات حول الأسماء المطروحة ،عادت الى طرح الجيش كحل للانقاذ … وهي رغبة دائمة للإدارات الاميركية بالسعي لتولي الجيش السلطات ، ولكن مع الحفاظ على حالات عدم الاستقرار، على اعتبار ان الجيش ليس تكوينا سياسيا، وانما هو تكوين اداري يسهل الإمساك بحركته من خلال المساعدات  المتنوعة،خصوصا اذا كانت المؤسسات السياسية تعاني من عجز و فراغ في برامج ومشاريع الانقاذ ….

 ويحق لنا في هذا الوضع الوقوف والتأمل في المساعدات التي يتلقاها الجيش ونوعيتها، والادوار التي يمكن ان تستخدم للعبها في مرحلة ما قبل  الاستحقاق الرئاسي،  وفي مرحلة الانهيار الحاصلة على المستويات كافة ،وكذلك في مرحلة الترويج لفكرة واهية ووهمية،وهي  ان الجيش هو الحل من دون تحديد ما هو هذاالحل .

ولعل ماذكّر  به السيد في كلمته حول الخروقات التي حصلت في الجيش في مراحل سابقة لافتعال صدام مع المقاومة ،جاء هذا التذكير يحمل صفتي التنبيه والتحذير..

وقد تكون معلومات متوافرة   لشيء مدبّر او لشيء يتم تدبيره هي السبب الاساسي ل “تهدئة “الخطاب في الشأن الداخلي  كمحاولة لتطويق ما يدبّر .. والله اعلم !

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى