سياسةمحليات لبنانية

لبنان الى اين ؟.. عنوان ندوة حاشدة لمُلتقى حوار وعطاء بلا حدود

 


نظّم مُلتقى حوار وعطاء بلا حدود ندوة حضرها حشد كبير من الفعاليات السياسية ،المالية والإقتصادية ، الأكاديمية والإعلامية، الثقافية  والإجتماعية ، في "بيت بيروت"- السوديكو،  وذلك تحت عنوان "لبنان إلى أين" حاضر فيها كل من الخبير الاقتصادي البروفسور إيلي يشوعي حول السياسات المالية والاقتصادية التي اعتمدتها الحكومات السابقة وتناول الخطط والمُقترحات المستقبلية التي يجب إعتمادها من أجل إنقاذ سريع للمأزق  الخطير الذي يهدد مصير لبنان وتناول فيها الكاتب والباحث السياسي د. حسن حمادة الأزمة السياسية الخانقة التي يعيشها لبنان والمخارج المُمكنة للإنتهاء من هذا المأزق. كذلك عرض كل من العيد المتقاعد سامي الرمّاح والناشط في المجتمع المدني المهندس جهاد الفغالي لواقع الحراك الشعبي وآفاقه ومستقبله.
أبو زيد:
إفتتح الجلسة الكاتب والباحث السياسي الاستاذ سركيس أبو زيد شاكرا الحضور على تلبيتهم  الدعوة مُؤكدّاً على أن هذه الدعوة أتت في وقت يشعر فيه كثير من اللبنانيين بخطر كبير يتهدد لبنان على جميع الأصعِدة السياسية، المالية والاقتصادية لذا كان لا بد من تنظيم هذه الندوة مع نخبة من الخبراء والناشطين في المجتمع المدني للتباحث فيما آلت إليه الامور  والسعي لطرح حلول مُمكنة وواقعية للخروج  من الازمة .
حمود :
بعد ذلك تكلّم مُنسّق مُلتقى حوار وعطاء بلا حدود الدكتور طلال حمود عن أهمية هذه الندوة وإستعرض الخطوات التي كان الملتقى بدأ بها منذ إنطلاقته في تشرين الثاني 2017 متسآئلا كيف أن السلطة الحاكمة ضربت  بعرض الحائط كل التحذيرات والتنبيهات والإشارات التي أطلقها الخبراء الاقتصاديين والماليين في  الملتقى ومن خارجه،  منذ أكثر من سنة في المؤتمر الذي تمّ تنظيمه في فندق- رمادا بلازا – حيث أجمع يومها عدد من الخبراء والوزراء السابقون على رأسهم جورج قرم وشربل نحّاس- وعدد آخر من الخبراء الاقتصاديين والماليين د. إيلي يشوعي ود.حسن خليل وغيرهم، حين دقّوا ناقوس  الخطر وأكدّوا  إن الإستمرار بذات السياسات الإقتصادية والمالية والاجتماعية الفاسدة والتي أعتمدت دوماً على الإقتصاد الريعي وعلى إستجداء  القروض والودائع والهبات من هنا وهناك عبر مؤتمر باريس 1و2 و3 ومؤتمر سيدر ، سوف تؤدّي إلى الإنهيار المحتوم الذي نشهد فصوله اليوم عبر التخبّط السائد والمستمر منذ بداية الحراك وإستلام الحكومة الجديدة لمهامها .وأشار حمود أيضا  إلى أن الملتقى رأى أنّ من واجبه  الإستمرار برفع الصوت عالياً في وجه السُلطة الحاكمة التي ما انفكّت  تتعاطى مع الأزمة بالطريقة التقليدية المعهودة، ويبدو مُربكة وهي تبدو وكأنها تُحاول اليوم مُعالجة "المرض العُضال" الذي أصاب لبنان ببعض المُهدّئات  والمُسكّنات مما يُظهرها  وكأنّها عاجزة عن إمتلاك زمام  الأمور  وعن وضع خُطة إصلاحية- سياسية إقتصادية -مالية- نقدية- إجتماعية  إنقاذية وجذرية،  ممّا يجعل المُواطن اللبناني يشعر ببعض الثقة ويبعث عنده بعض الأمل بالخروج من النفق المُظلم الذي أدخلتنا  اياه السلطة الفاسدة والمُسفدة بسبب مُكابرتها وتماديها بإعتماد سياسات الهدر والفساد والمُحاصصة والمحسوبيات والإستنسابية بالتعاطي بالشأن السياسي والإداري والقضائي.

يشوعي:
الخبير الاقتصادي والسياسي إيلي يشوعي إفتتح مداخلته ب"كلمة وجدانية معبرة" تحمل عنوان  " وأخيرا أفلسوا  لبنان واوقعوه  في قبضة الامم…. " حيث قال بين النزاهة والفساد تفاوُت كبير بين درجة الوعي والإدراك. وإن الوعي السياسي يجعل من يعمل في الشأن العام يعتني بالملكية العامّة أكثر من إعتنائه بمُلكيّته  الخاصّة، لأن إدراكه لأهميتها يدفعه لإعتبارها ضمانة لمُلكيّته الخاصة.
واضاف  إن الدولة القويّة بماليّتها وإدارتها  وقضائها  وإنجازاتها ودورها في تعزيز  المجتمع والاقتصاد والإنسان هي الضامن الوحيد لديمومة  المُلكية الخاصّة وتطويرها، والسياسي الحقيقي يسعى إلى إغناء المُلكيّة العامّة بالإنجازات المُهمّة لكي يستفيد منها هو وإسرته وكل اللبنانيين لأنهم هم اللذين يملكُونها ويتمتّعمون بخيراتها .أما السياسي الغاشم الذي يعيش في عتمة الوعي والإدراك، فهو يحتقر ويُفقّر ويستغلّ المُلكية العامّة أو رأس المال الوطني  لأنه يعتقد  أنه وإسرته وجماعته غير معنين بها وتالياً يسطو على  أموالها ويسرق منها دورها الوطني،  ليبني لنفسه وهم الثروة الدائمة. واضاف انّ سياسي الظُلمة يقول لأولاده لقد تركت لكم الملايين لا بل المليارات، لكنها غالباً ما تكون من تعبِ الناس وجُهدهم  وعرقهم، وأيضاً من  بعض الخارج الذي دعمني خلال مسيرتي السياسية، وإذا أزعجكم لبنان لردائة المُلكية  العامّة فيه وخدماتها،   تستطيعون العيش في بلد مُتقدّم أخر مُميّز برأس ماله الوطني وقوانينه وانظمته.  أما السياسي الواعي فيقول لأهله أنني  أترك لكم مالاً  أورثني إياه ابي، إستطعت  إضافته  من مالي الخاص، لكنني أترك لكم خصوصاً وطنأ يخدمكم أنتم وأولادكم وكل  اللبنانيين، وأترك لكم شبكة  مواصلات وإتصالات وأنظمة ضمان إجتماعي، أترك لكم خدمات تفتخرون بها، أترك لكم بيئة نظيفة وطبيعة ساحرة وحدائق عامة ومكتبات، أترك لكم معالم سياحية جاذبة لسيّاح  العالم، أترك لكم  إقتصاداً  قوياً قادرا أن يوفر لكم ولأولادكم وظائف  تليق بشهادتهم،  أترك لكم مدناً فيها جمالية بناء وفيها تراثنا الفنّي، أترك لكم نظاماً صحياً وتربوياً  وثقافياً يُحافظ على كرامتكم،  تركت لكم وطناً،  فأحترموه وحافظوا  عليه .
بعد ذلك دخل يشوعي في صلب الموضوع وأيّد  إعادة هيكلة الدين العام وجدولته،  مُشدداً على أهمية أخذ خطوات سريعة لمُعالجة عجز ميزانية  الدولة وميزان المدفوعات وإستعادة الأموال المنهوبة. وأكدّ على أن ذلك سيكون خطوة أولى على طريق إستعادة ثقة الداخل والخارج وأضاف أيضا أنه يجب العمل وبسرعة لوضع خطوات سريعة لمُعالجة التهرّب الضريبي والجمركي وضبط المعابر الجوية والبرية والبحرية الغير شرعية وممكننة  إدارات الدولة لتحسين النوعية والحدّ من الفساد.
كذلك أكدّ على أهمّية دور القضاء المُستقل في مُكافحة الفساد وعلى ضرورة تفعيل دور كل هيئات الرقابة وتبنى فكرة إجراء إنتخابات نيابية مُبكرة خارج القيد الطائفي، على أن يتمّ أيضاً إنتخاب مجلس للشيوخ يُمثّل مختلف الطوائف والمذاهب اللبنانية. وأنهى مُداخلته بالقول " أن السياسة المُتّبعة مِن  الحكومة الجديدة لا تُبشّر بالخير " وهي مُستفزّة لنا بشكلٍ كبير حتى لا أقول أنها مُدانة، لانها أهملت كل الخُبرات والكفاءات  الوطنية ولجأت  إلى خُبراء قانونيين وماليين  وتقنيّين  أجانب وبكلفة عالية جداً،  رغم كل الظروف الصعبة التي يمرّ فيها لبنان،  وأهملت  كل الكفاءات اللبنانية التي وضعت نفسها في تصرّف  المسؤولين- وبشكلٍ تطوّعي- ولكن المسؤولين عندنا  تعوّدوا كما يبدو ، على الهدر والفساد والمُحاصصة حتى في أحلك الظروف.

حمادة:
الكاتب والباحث السياسي د. حسن حمادة، أشار في كلمته على أن النظام  السياسي  اللبناني الذي لم يُفلح  حتى اليوم، ورغم مرور اكثر من مئة سنة" على إعلان "دولة لبنان الكبير سوى بالوصول ل"نظام سياسي عنصري ( نظام ابارتيد)  وإلى تكوين "كنتونات  أو محميات  طائفية أو مذهبية أو مناطقية"، تتناحر في ما بينها على الحُصص والمغانم  دون أي تفكير  ببناء وطن قوي ومستقل خالي من كلِ أنواعِ الفساد والهدر والمُحاصصة والمحسوبيّات.  وأكد أن المدخل الأساسي في الإصلاح السياسي كان يجب ان يكون من خلال المُطالبة بتطبيق صحيح للدستور اللبناني رغم الكثير من الشوائب التى تشوبُه. و قال انه كان على الحراك ان يطالب خاصّةً بتطبيق المادتين 95 و 22 منه. وأردف قائلا : أن الحراك أخطأ  عندما  طالب بالتغيير الجذري للنظام وكان يتوجب عليه  أولاً إيجاد قيادةً موحّدة  ،مُتناسقة تفاوض السُلطة الموجودة أو تختار مُمثلين عنها لكي تفرضهم ك"وزارة إنقاذ وطني "  وتفرض على السلطة الفاسدة وجودها كحكومة "أمر واقع ". وأكّد حمادة أيضا أن البشائر الأولى للسياسات الحكومية الجديدة لا تُشير إلى أي تفائل لان العقلية ذاتها لا زالت تتحكّم بالسياسات الإقتصادية والمالية و أشار على سبيل المِثال أنه تمّ مؤخراً  إلاستعانة  بِشركات وخبراء مالية وقانونية عالمية تدور حولها شبهات كثيرة، إن لجِهة إرتباطاتها الدولية المشبوهة او لجهة كون هؤلاء الخبراء تربطهم صلة قربة ببعض  من يتولى مواقع سياسية او مالية او اقتصادية حالية او سابقة. وهذا ما يؤكّد أن النهج المُتّبع في لبنان لم يتغير رغم حراك دام أربعة أشهر حتى تاريخ اليوم. وأنهى كلمته بالقول أن أي تغيير سياسي يجب ان يكون عبر العبور الى الدولة المدنية او العلمانية رغم مخاوف او تحفُّظات البعض و عبر  إجراء انتخابات نيابية مُبكرة على أساس قانون نسبي خارج القيض الطائفي و انتخاب مجلس الشيوخ و إقرار الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية .

الرمّاح:
الناشط في الحراك العسكري والمدني العميد سامي الرمّاح قدّم مطالعة شاملة حول الحراك وقال  انّ  ابن خلدون قال منذ قرون : للدول اعمارٌ كأعمار البشر فالبشر يموتون بأمراضٍ مختلفه اما الدول فتموت بسبب الإستبداد والفساد.
أظاف ها هو الفساد قد إنتشر وعمّ كلّ مفاصل الدوله وهي آيلةٌ للسقوط.
و اردف قائلا اننا نحن اليوم امام مِحنة صعبة ولا  حلول لها الا بأن تحزم الدوله امرها وتقوم بالصدمة المطلوبه باتخاذ الاجراآت التاليه:

_البدء فوراً بفتح ملفات الفاسدين الموجوده في جوارير القضاة وحجز اموال واملاك المُشتبه بهم لحين إنتهاء التحقيقات.
_إتخاذ تدابير رادعه بحقّ الصرافين الذين يبيعون الدولار بسعر اعلى من السعر الرسمي.
_رفع يد السياسيين عن القضاء وتحديث التشريعات القضائيه ليتمكّن القضاء من مُواكبة عملية مكافحة الفساد.
_مُساءلة حاكم مصرف لبنان الذي كذب على اللبنانيين لسنوات وهو يقول ان الوضع النقدي بخير حتى وصلنا الى الانهيار وصولاً الى إقالته ومحاكمته.
_رفع الحصانات على إختلافها عن كل من تولى مسؤوليه عامه ومن دون ذلك لا صلاح يُرتجى.
_مُحاسبة كل من تعرّض للمُتظاهرين السلميين بالعُنف .
_البدء بمُراسلة الحكومه السويسريه التي عرضت ان تكشف حسابات السياسيين اللبنانيين لديها والبدء بالاجراءات اللازمه لإسترداد الاموال المنهوبه.
و انهى مُداخلته بالقول إنّ ثورة ١٧ تشرين الذي قامت ضد الفساد والفاسدين ونظام المُحاصصه آلت على نفسها ان لا تستكين حتى تجد الفاسدين خلف القُضبان وهي تستمرّ بالضغط باتجاه إقرار قانون انتخابي عابر للمناطق والطوائف بحيث يكون لبنان دائرة واحده على قاعدة النسبيه وصولاً الى قيام الدوله المدنيه.

الفغالي:
بدوره أشار الناشط في المجتمع المدني  المهندس جهاد الفغالي أن المواطن الثائر  لديه كامل الثقة بلبنان وخلاصه، و ثقته معدومة كلّياً بالمنظومة الحاكمة التي لا خلاص للبلاد سوى على انقاضها.
و أضاف انه رغم مطالب الحراك بالإنتخابات المُبكرة او إعتماد سياسات مُعيّنة للكهرباء والصحة والاتصالات والغذاء وغيرها، تبقى الاولوية لضبط الهدر ومُحاسبة الفسادين. و أضاف قائلاً هل المطلوب تدمير نظامنا المصرفي، زهرة اقتصادنا؟  أم انّنا نُريد مُحاسبة الذي يتلاعب بالأموال، و هل نُريد شلّ عمل المرفأ أم إنتظام عمله ووقف التهرّب الجمركي؟ و هل نُريد تحطيم شركة طيران الشرق الأوسط أم ضبط التوظيف الزبائني في المطار والإدارات العامة؟
و انهى حديثه بالقول بِأنّ الثورة شعور داخلي بالتمرّد على الأمر الواقع الذي أدى إلى الفشل. و أنّ الثورة لم تخمد ولو استكانت، لأن ازهار الربيع تثقب الأسفلت حتى تبلغ اهدافها فيرتقي لبنان إلى أفضل المراتب وفق المؤشرات الدولية.
وتخلل الندوة أسئلة من قبل الحضور تمّت الإجابة عليها  من قبل المحاضرين، ممّا أضاف إضاءات اخرى مهمّة على بعض  النقاط والامور التي كان بعضها مُبهماً للحاضرين . وفي الختام تم أخد الصور التذكارية.


 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى