تركيا تحطّم معادلات توازن القوى.. وتلحق سوريا بلواء الإسكندرون !(نسيب حطيط)

كتب د.نسيب حطيط – الحوارنيوز
أنجزت تركيا أكثر مراحل المشروع الأميركي لتقسيم المنطقة والسيطرة عليها وهزيمة القومية العربية وإلحاق ضربات قاسية بالإسلام التحرري عبر سيطرتها على سوريا وإدارة الربيع العربي بذراع الإخوان المسلمون ،وكان إنتصارها الكبير(مؤقتاً) بإسقاط النظام في سوريا، وبدل ان يعود لواء الإسكندرون الى الدولة السورية تم إلحاق سوريا بلواء الإسكندرون!
ان التوسّع التركي السياسي والجغرافي والديني ،ألحق خسائر بالعديد من الأطراف، وفي مقدمتهم السعودية وإيران وبات يشكل خطراً وجودياً على العراق ولبنان والأردن ومصر وليبيا في مرحلته الأولى، وسيشكّل خطراً غير مباشر على اوروبا في حال قرّرت أميركا إقلاق أوروبا والضغط عليها من البوابة التركية والمتطرفين الإسلاميين .
تحاول السعودية جاهدة ملء الفراغ الذي تركه سقوط نظام الأسد والإخلاء الإيراني الطارئ لسوريا ،لكن تصريح ترامب أثناء إستقباله لنتنياهو أجهض الأحلام السعودية عندما أعلن مطالبته لأردوغان بصفته مسؤولاً عن إسقاط النظام، بضرورة تقاسم سوريا بين تركيا وإسرائيل دون أي ذكر للعرب، حتى الذين يموّلون الجماعات التكفيرية ويتحالفون مع تركيا، وفي مقدمتهم قطر التي ينحصر دورها كمصرف يؤمن التمويل للعمليات التركية والتكفيرية.
أيام الخلافة العثمانية، تم محو الهوية العربية كقومية وأمة وتم إعدام من يريد الإستقلال عنها او إبراز الهوية العربية. وبعد سقوط الخلافة في الحرب العالمية الأولى ،تعود تركيا بعد 100 عام لبسط سيطرتها كمقاول ووكيل لأميركا، خلافا ًلسيطرتها الأولى التي كانت لحسابها!
كسرت تركيا التوازن الإستراتيجي الذي كان يحكم المنطقة بين إيران والسعودية وتركيا واسرائيل والقطبين العالميين أميركا وروسيا، وانتهت الجولة الأولى من المعارك لصالح التحالف (الأميركي-الإسرائيلي-التركي) مع النصر الوهمي ،للسعودية وعرب الخليج.
والسؤال الذي يطرق عقول السعودية و مصر، إبتداءً وإيران وروسيا لاحقاً:هل ستكمل تركيا هجومها على السعودية وتعيد تكرار ما فعلته بآل سعود عندما أعدمت عبد الله بن سعود أمام البوابة الرئيسة لكنيسة آيا صوفيا وصلبه ، وتغطيته بقطعة قماش كُـتبَ عليها «تركيا فوق الجميع» وأخرجوا قلبه من صدره؟
هل ستعيد تركيا ،تحريك الإخوان المسلمين في مصر ،لاستعادة النظام وتأمين حل لمشكلة غزة وتثبيت قوتها في إفريقيا بعد سيطرتها على مصر وليبيا ؟
هل ستنتقل تركيا وبتكليف أميركي، لتحريك القوميات التركية داخل إيران وروسيا في جمهوريات أسيا الوسطى؟
يمكن الا يتأخر الجواب على هذه الأسئلة كثيراً، وسيكون بعد هضم الطريدة السورية وتثبيت ذراعي سوريا ومواصلة إغتصابها حتى التقسيم مع تحييد العراق أو إشغاله داخليا، للإنطلاق نحو إيران وروسيا ومصر والسعودية .
يمكن القول ان ما كان أمة عربية قد أنتهى وبقي منها بعض أشلاء متناثرة تقاتل بعضها، بما تبقى لها من حياة ، لصالح الأمة التركية وإسرائيل الكبرى والفرعون الأميركي.
ماذا يبقى من العرب بعد إسقاط سوريا وإنهاء القضية الفلسطينية وتهجير غزة والفوضى في ليبيا وتقسيم السودان واليمن وتحويل الخليج من دولٍ الى فروع مصرفية واذا تم نزع سلاح المقاومة في لبنان خميرة الفكر المقاوم في الأمة ؟
وماذا سيبقى من الإسلام بعد القضاء على مذاهبه لصالح الإسلام التكفيري، كخطوة أولى، قبل تثبيت الديانة الإبراهيمية؟
يظن بعض الحمقى من العرب واللبنانيين وكذلك ما تبقى من المسيحيين وبقيه المذاهب السنية الأربعة، أن الخسارة أصابت محور المقاومة فقط وانهم الناجون والرابحون والمنتصرون …لكن الحقيقة تقول ان الجميع قد انهزموا(مرحلياً)، وأن المنتصر الوحيد هو المشروع الأميركي وأدواته الإسرائيلية والتركية، ومن لم يصبه الرصاص الآن سيصيبه في الأيام المقبلة،لأن أميركا وإسرائيل، لا تقبلان الشراكة مع أحد، ومن يظنّون أنفسهم حلفاء ،هم أدوات تنفيذية ظرفية، تنتهي صلاحيتها بإنتهاء المهمات الموكّلة بها.
لتبادر القوى الخاسرة والمهدّدة ،لتجميع قواها وإعادة التواصل والتنسيق، لحماية ما تبقى من الأمة والمصالح والتاريخ، وإلا فنحن امام إستعمار، سيمتد لمائة عام قادمة وما يزال الوقت متاحاً، لتقليل الخسائر وربما الإنتصار.