سياسةمحليات لبنانية

صومعة عند أعلى الجبل!!

د.أحمد عياش

 

في الحرب المقبلة لن احمل السلاح ولن اتطوع لقتال إسرائيل.

في الحرب الآتية التي لا ريب فيها لن اقاتل الولايات المتحدة الاميركية ،ولا الحلف الأطلسيالأطلسي. 

هناك، عند أعلى الجبل، جَبلي انا وليس جبل اي طائفة او حزب، سأجلس قرب بندقيتي وفأسي و مخزن غذاء وماء و عُلب سيجار كوبي فاخر،لأراقب ولأشاهد ولأتابع سير الحرب والمعارك عبر منظار متطوّر وعبر عيني المجرّدة.

عند كل وقف لإطلاق النار سأتوجه الى ارض الجبهة، سأسرق بنادق قتلاهم واخطف بنادق شهدائناشهدائنا.  سابحث في الجيوب عن المال وساقطع الايدي لسلب الساعات والهواتف المحمولة. سأقلع الاسنان الذهبية، وسأجمع الرصاص لاغادر فوراً المكان قبل وصول سيارات الاسعاف والانقاذ.

في طريقي لن اروي لهم جريحا يحتضر، سأمرّ كالأصمّ قرب جرحانا، ساغادر لأعود الى صومعتي عند اعلى الجبل لاشعل سيجارا آخر و لانتظر بدء الجولة الأخرى من المعارك.

عند اشتداد القتال من جديد وعند لعلعة الرصاص الغزير وعند إنفجارات الصواريخ وعند البرق والرعد والمطر والضجيج، سأصوّب بندقيتي المزودة بناضور ليليّ نحو نوافذ قضاة ومحامين لا اعرفهم ،ونحو رؤوس قادة سياسيين واصحاب مصارف أجهلهم، ونحو فقراء ومحتاجين ومتسولين  غريبين عني.  ساقطع الطريق امام سيارات الاسعاف والانقاذ واطباء اقسام الطوارىء المستعجلة وساطلق النار من رصاص مسروق لإرهاب من لم يمت من رعب القتال بعد، لتكتمل تفاصيل مشهد الحرب بنجاح منقطع النظير .

في الحرب المقبلة سأرفع راية بيضاء عند صومعتي لتعلن حيادي في حرب  تقاتل الخير والشرّ وفي نزاع النور والظلام وفي تعارك الربّ والشيطان و في صراع الطبقات المسروقة والناهبة ، في مبارزة البرجوازية و البروليتاريا وفي خصام القلم والحاسوب وفي تضارب السجين والسجّان وفي تناقض المتهم مع البريء  .

سأرفع لاضع قدميّ على طاولة صغيرة أمامي وساقضم القضامة واقص البزر الابيض باسناني بصوت عالٍ يرتفع فوق اصوات الانفجارات ،وساتناول قنينة بيرة شرعية و سأشعل سيجاراً كوبياً آخر عند متابعتي نشرات اخبار العدو والحليف .

انا الذي امتنع الجميع عن دعوتي لأعراسهم لن أقبل دعوة أحد الى مأتمه ، لا اصلح لحمل نعش ولا للمواساة ولا لتوزيع القهوة ولا لترتيل القرآن ولا لرفع قداس .

خير الناس من حفر للناس قبورهم واني لأنفعهم…

إمتنع الجميع عن دعوتي لأعراسهم وإني لممتنع عن حضور مآتمهم، لا بل إني خير الناس لاني لأنفعهم في إقتناص فرص السلام والاعمار والسرقات المنظمة بعد شلالات الدم بين حمقى واغبياء ، بين فقير ومعتّر، بين مخدوع ومسطول اوحي إليه بالحق ليموت، بين جندي موهوم بالعدالة وعسكري موعود بالجمال، ينتظران راتبهما لينتظر ابناؤهما من بعدهما راتب الموت والدفن و التعويض.

تبا للانسان ما أكفره.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى