دولياتسياسة

بدأت المفاوضات الأميركية – الإيرانية..ولكن عبر الأثير!

 

كتب واصف عواضة
أمس الأحد في السابع من شباط 2021،وبعد 18 يوما على ولاية الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن ،بدأت المفاوضات الأميركية الإيرانية حول الاتفاق النووي..ولكن عبر الأثير .
قد يكون في هذا الكلام استباق للزمن التفاوضي المباشر،وهو آت بلا ريب ،لكن المقدمات تنبئ بما سيكون.
أمس الأحد أعلن  المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد علي خامنئي ،وبصريح العبارة  أن "شرط طهران للعودة عن خفض التزاماتها في الاتفاق النووي، هو إلغاء كافة العقوبات"، مشددا على أن "هذا موقف لن يتغير".
وأشار خامنئي إلى أن "إيران لن تتراجع عن خفض الالتزامات بشأن الاتفاق النووي، إلا بعد التحقق من صحة رفع العقوبات، وهذا موقف يتفق عليه جميع المسؤولين".
وقال إن "المواقف الأمريكية والأوروبية تجاه الاتفاق النووي الإيراني خاوية ولا تستند إلى أي منطق"، لافتا إلى أنه "لا توجد أذن صاغية في إيران للتصريحات الخاوية في أمريكا وأوروبا، تجاه الاتفاق النووي".

وأضاف أن "الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث، انتهكت كافة التزاماتها في الاتفاق النووي، ولا يحق لها فرض الشروط على إيران للعودة إلى الاتفاق"، موضحا أن "أمريكا والدول الأوروبية رفعت بعض العقوبات عن إيران، وليس جميعها، في بداية تطبيق الاتفاق النووي، ثم عادت وفرضت العقوبات وضاعفتها".
وشدد المرشد الإيراني على أن "طهران هي التي يجب أن تفرض شروطا للعودة للاتفاق النووي، لأنها نفذت كل التزاماتها"، مؤكدا أن "إلغاء العقوبات لا ينبغي أن يكون على الورق، أو بإصدار بيان".
بعد ساعات على موقف السيد الخامنئي أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن "أنه لن يرفع العقوبات المفروضة على إيران ما دامت لا تحترم التزاماتها في الملف النووي."
وردا على سؤال لشبكة "سي بي إس" عن إمكان رفع العقوبات لإقناع طهران بالعودة إلى طاولة المفاوضات بهدف إنقاذ الاتفاق النووي، أجاب بايدن "كلا".
وعندما سألته الصحفية عما إذا كان على الإيرانيين أن "يوقفوا أولا تخصيب اليورانيوم" ،هز برأسه ايجابا.
إذن تبدو المعادلة على النحو الآتي:
"على أميركا أن توقف العقوبات أولا" ..يقول السيد خامنئي.
يرد بايدن "أن على ايران أن توقف التخصيب أولا"..
فماذا لو أوقفت (أو علقت) إيران والولايات المتحدة التخصيب والعقوبات معا ؟ ألا يكون الأميركيون والايرانيون قد فتحوا كوة في جدار المفاوضات من دون أن يتنازل أحد الطرفين أو يقدم على الخطوة الأولى أولا؟
يتضح من خلال تصريحات خامنئي وبايدن أن النية والعزم على استئناف المفاوضات قائمان ،لكن المسألة مسألة ثقة وحذر،وهذا يتطلب دخول طرف ثالث على خط التفاوض كوسيط يكون جسر وصل بين الطرفين ،وأغلب الظن أن هذا الطرف جاهز لهذه المهمة ،وقد يكون أكثر من طرف مستعدا لها ،سواء من داخل فريق 5+1 ،أم من الفريق الخليجي الذي ما يزال على صلة بالجمهورية الإسلامية (قطر والكويت وسلطنة عُمان).
أمام ما تقدم يبدو ملف الاتفاق النووي في مرحلة نفض الغبار الثقيل عنه تمهيدا لفتحه من جديد.هو فقط يحتاج الى مبادرة عملية من أحد الطرفين مهما كانت بسيطة،أو على الأقل إعلان نية تطمئن الفريق الآخر أو تحفزه على رد التحية بأحسن منها.وفي هذا الاطار سجلت واشنطن نوعا من هذا التحفيز حيث نقلت وكالة بلومبيرغ عن مسؤولين أميركيين أمس استعداد بلادهم لتخفيف العقوبات على إيران،فكيف سترد طهران على هذا الأمر؟
في كل الأحوال الاسبوعان المقبلان مهمان في بلورة الأمور ،باعتبار أن إيران على موعد في الواحد والعشرين من الشهر الجاري مع حسم موقفها من "البروتوكول الإضافي" الذي يتيح لوكالة الطاقة الذرية الدخول الى المنشآت النووية لتفتيشها.وقد لوحت طهران بإمكان عدم الالتزام بهذا البروتوكول في حال لم تتخذ واشنطن خطوة عملية باتجاه معاودة التفاوض.

يبقى السؤال أين الطرف العربي والكيان الصهيوني من كل ما تقدم؟
الواضح أن الطرف العربي الأساسي في هذه العملية ،وهو المملكة العربية السعودية ،بات يحتاج لمن ينزله عن الشجرة بعد القرار الأميركي بوقف الحرب على اليمن.أما الدولة العبرية فهي على أبواب انتخابات حاسمة ،ويحتاج المتنافسون فيها الى "غبرة الرضا" الأميركية.وعندما تقول واشنطن كلمتها عربيا واسرائيليا بصورة جدية، لا يستطيع أحد رفع راية الاعتراض.المهم أن يكون الرئيس الأميركي أمينا على الوعود التي أطلقها خلال حملته الانتخابية.وإن غدا لناظره قريب!

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى