النبطية: مدينة العلم والعلماء وبيرق الوطن المضيء
مريانا أمين -الحوارنيوز
ضمن سلسة المدن والبلدات اللبنانية، وبعد عروس البقاع زحلة أكتب اليوم عن مدينة النبطية في رحلة سياحية اجتماعية وطنية.
النبطية ساحات نضال، وفي سوقها الجميل تتعالى أصوات الباعة وتزدحم الناس على بسطات مصفوفة تحتوي آلاف السلع ؛ لعلها تقضي حاجة الناس من أبناء القرى المجاورة .
واليوم النبطية عروس المُدن تتغاوى بأبنيتها العالية وقصورها الفخمة وبيوتها التراثية ومدارسها وجامعاتها ؛ فمن يزورها يعشقها ويَمُر على أفرانها وملاحمها ليتناول اللحم بعجين ( السفيحة) التي تتميز بطعمها ولذتها .
وكلامُ أهلها ترحيب ووقفتهم في اعتزاز بأن النبطية أول من دقّ اسفينا في ظهر العدو الصهيوني إبان الاحتلال ويتوافق ذلك مع موسم عاشوراء الامام الحسين.
أعرف عن النبطية كلّ جميل لكنني استعنت بذاكرة أبي وحُبّه لها ولأبنائها ، فكان هذا المقال :
يقال أن إسمها ينسب إلى النبي طه واذا أردتم ان تعرفوا عنها أكثر عليكم بقراءة تاريخها في كتب المؤرخ النبطاني الدكتور عباس وهبي .
ولكن ! ما نعرفه عن النبطية الكثير الكثير بدءاً من أنها حاضرة جبل عامل ؛ وتدرّجت إلى أن أصبحت محافظة تضُم عدة أقضية :
قضاء بنت جبيل وقضائي مرجعيون وحاصبيا ؛ فقضاء النبطية يضُم أكثر من خمسين قرية وبلدة .
يكفي أنها أصبحت مدينة الثائر الامام الحسين بن علي بن أبي طالب؛ فعاشوراء تخليدٌ لذكرى هذا المناضل التاريخي في كل عام وفي العاشر من محرّم ترى النبطية تعجّ بعشرات الآلاف من اللبنانيين ومن كل من يَوَد مشاهدة "ثمثيلية واقعة الطفّ" بالصوت والصورة وكأنها حقيقة نعيشها بكل صدق .
لكن عاشوراء لم تكن تمثيلا وندباً وبكاءً فقط ، بل سوق تجاري من أهم الأسواق التجارية في الجنوب ولبنان . وقد أصبح تراثاً شعبياً بامتياز .
ولن ننسى ما حصل في عاشوراء النبطية إبان الاجتياح الإسرائيلي عام ١٩٨٢ حيث بدأت شعلة الثورة ضد الغزو الإسرائيلي في العاشر من محرّم من العام ١٩٨٣ حيث هجم حاملو السيوف وما يسمونه ( ضرب العجام ) على سيارات العدوّ ودباباته التي أرادت أن تخترق قدسيّة عاشوراء ، فأحرقوها وفرّ جيش العدو هارباً كالفئران وحلّقت الطائرات الإسرائيلية مخترقة جدار الصوت فوق مجمّع عاشوراء الذي كان يحتوى أكثر من مئة ألف لبناني ولن ترهب أحداً .
من هنا كانت البداية حتى طرد آخر جندي اسرائيلي عام ألفين !
هذا ما ورد في تاريخ جبل عامل للمؤرخ جابر آل صفا.
ففي النبطية كانت مرجعية جبل عامل للمجتهد الشيخ محمد تقي صادق الذي قاد الثورة عام ١٩٥٨ ضد حلف بغداد ؛ والشيخ أحمد رضا الذي كان منارة النبطية؛ والشاعر سليمان ضاهر .
وهي أم الاطباء والأوائل منهم الدكتور إبراهيم ميرزا وبهجت ميرزا والدكتور علي بدرالدين والدكتور علي غندور، والدكتور الشهيد حكمت الأمين.. وآخرين.
النبطية مدينة التسامح الديني فالأعياد مشتركة من عيد الميلاد الى عيد الأضحى ومن عيد الفصح الى عيد الفطر.
وفيها أولى المدارس (أم المدارس ) التي علّمت أكثر الادباء والعلماء ومنهم المخترع حسن كامل الصباح وكافة المتفوقين من أبناء الجنوب.
وأولى المكاتب العامة وجدت فيها ( مكتبة القسيس ) التي كانت مقصدا لطالبي العلم والمعرفة.
كانت النبطية وما زالت منارة تشعُ أدبا وعلما وحضارة وتفوقاً في كافة المجالات العلمية والثقافية وأهمها النضالية.
-الصور المرفقة لمنزل المرحوم الحاج حسين ظاهر وهو من أقدم البيوت التراثيه في النبطية .