إقتصاد

الكتلة النقدية وأثرها على سعر الصرف وأمكانية خفضها (د.عماد عكوش)

بقلم د.عماد عكوش- خاص الحوار نيوز

من الاسباب الرئيسية لفقدان الليرة اللبنانية قيمتها والتي يأتي في مقدمتها فقدان الثقة ، كان تضخم الكتلة النقدية الموضوعة قيد التداول والتي تطورت بشكل كبير خلال السنتين الماضيتين ، فكيف تطورت هذه الكتلة منذ بداية الازمة؟

– في   30/9/2019  كانت 6.47 ألف مليار ليرة    

-في   15/1//2022   صارت 46.08 ألف مليار       

-الفرق 39.61  ألف مليار

               

-المعدل الشهري للزيادة  1.44 الف مليار ليرة ، ما يعادل 57.60 مليون دولار بسعر المنصة .

  • أسباب تضخم الكتلة النقدية :

اما عن اسباب تضخم هذه الكتلة فيعود الى عدة اسباب يأتي في مقدمتها :

                                     

-التعميم 151    ،  20مليون دولار(20000 حساب بمعدل 24000000 ليرة)    

-التعميم 158   ، 10.62(120000 حساب بمعدل 2400000 ليرة)    

– (شيكات مصرفية من حسابات جارية)        27.00  مليون دولار                                                    

-المجموع                                         56.82                                                      

الرصيد المطلوب شهريا” تقريبا” هو ما بين 55 الى 60 مليون دولار، وهذا الطلب اضافة الى تهريب الودائع يضغط وضغط سابقا على أحتياطي العملات الصعبة وجعله ينخفض بشكل دراماتيكي ليظهر على الشكل التالي :

  • تغير أحتياطي مصرف لبنان:

العام                        مليار دولار

كانون اول  2018             50.897

أيلول /2019                  44.165

كانون أول 2019          44.550

كانون أول 2020           28.046                    

كانون أول 2021            17.828

15ك2/2022                   17.712

الفرق                              33.185

لكن هل تضخم الكتلة النقدية هو السبب في وصول الوضع الى هذه الحالة المزرية في الاقتصاد وفي سعر صرف الليرة اللبنانية ؟

 للوقوف على حقيقة ذلك نضع بين ايديكم مقارنة لوضع لبنان مع دول مجاورة .

  • مقارنة ما بين لبنان ودول قريبة منه مليار دولار:

اسم الدولة   الكتلة النقدية    الناتج القومي    أحتياطي العملات والذهب     دين خارجي

لبنان    1.84    18     29.50                   2.01

الأردن     9.16     44       7.56                    20.00   

 مصر 47.67      302        15.29                  137.85

سندات اليوروبوند  35.71 مليار دولار غير معروف باستثناء 8.34 للمصارف اللبنانية

و5.03 مليار دولار لمصرف لبنان ويبقى 22.34 غير معروف .

قيمتها السوقية اليوم حوالي 20 بالمئة أي ما يعادل 7.14 مليار دولار .

  • مخاطر الموازنة على تعاظم الكتلة النقدية :

ان الضرائب الضخمة التي ستحصلها الدولة من جراء رفع الدولار الجمركي وبالمقابل الإنفاق الكبير الوارد في الموازنة والبالغ 49416 مليار ليرة لبنانية يفرض على مصرف لبنان الجهوزية لتأمين هذه السيولة من خلال سيولة تضخها الدوائر الحكومية والأدارات العامة في الحساب 36 لديه، وهو حساب الدولة اللبنانية لدى مصرف لبنان ، لكن من يمكنه القول إن تمويل هذا الحساب سيكون عبر السيولة، والجميع يعلم أن أكثر المؤسسات والشركات وحتى الأفراد تدفع الضرائب والرسوم من خلال شيكات مصرفية ؟ نعم بعض هذه الشركات والأفراد لديها حسابات مصرفية بالليرة وهي تحاول أن تتخلص منها من خلال هذه المدفوعات ،لكن أغلبهم ليس لديه هذه السيولة في البنوك بل يلجأ الى شراء شيكات من السوق محسومة وتسديدها لهذه الإدارات ، كما أن بعض هذه الشركات ولا سيما منها شركات المحروقات والأدوية ما زالت لغاية اليوم تسدد لمصرف لبنان مستحقاتها لشراء الدولار عبر حساباتها الجارية الممولة بشيكات من السوق ، هذا الأمر يدفع الكتلة النقدية قيد التداول نحو المزيد من التضخم والزيادة ، وإذا ما تم إدخال النفقات أو حتى خمسين بالمئة من نفقات الموازنة بالحد الأدنى، أي حوالي 25 الف مليار ليرة، فهذا يعني أن هناك حوالي 2083 مليار ليرة ستوضع بشكل شهري في التداول عبر مزيد من الطباعة الى جانب حوالي 1440 مليار ليرة ناتجة عن تنفيذ التعاميم السابقة ،ما يجعل الكتلة تزيد بمعدل 3523 مليار ليرة شهريا ، ما يعني ان مصرف لبنان يحتاج من إحتياطه ما لا يقل عن 158 مليون دولار شهريا لسحب هذه الكتلة من السوق للحفاظ على استقرار سعر الصرف عند حدود 22000 ليرة لبنانية ، لكن السؤال هل يملك مصرف لبنان هذا الكم من الإحتياطي الذي يمكنه من القيام بهذه الوظيفة ؟

  • الحلول الممكنة :

طبعا أيجاد الحلول ليس أمرا مستحيلا، ويمكن ذلك من خلال سياسات يجب اتباعها أضافة الى أصدار تعاميم واضحة عن مصرف لبنان لتنظيم هذه السياسات ووضعها في إطار تطبيقي ، على رأس هذه السياسات والقرارات :

1- الإسراع في إقرار قانون الكابيتال كونترول لإعادة تنظيم العلاقة ما بين المودعين والمصارف ومنع الاستنسابية التي ما زالت بعض المصارف تعتمدها في علاقاتها مع هؤلاء المودعين سواء عبر فتح الحسابات الجديدة ، قبول الشيكات المصرفية ، الحد الأقصى للسحب من حسابات الودائع ، بيع الدولار بالليرة وفقا للتعميم 161 ، وغيرها من التعاميم .

2- أصدار تعميم جديد من قبل مصرف لبنان يفرض على الشركات فتح حسابات جارية جديدة يتم تمويلها نقدا أو من خلال شيكات صادرة عن حسابات جارية جديدة ممولة نقدا لوقف السوق السوداء لشيكات الليرة اللبنانية ، ومنع بالمقابل تضخيم الكتلة النقدية ، بالنسبة للشركات كان يمكن قبولها في السنة الاولى اما اليوم فهذه الشركات كلها تحصل ديونها ومبيعاتها نقدا .

3- اتخاذ قرار عن وزارة المالية بعدم قبول شيكات من حسابات قديمة في عملية تسديد الضرائب والرسوم ، فالضرائب يجب ان تدفع نقدا أو عبر شيكات من الحسابات الجديدة لنفس السبب الوارد في البند الثاني .

4- اتخاذ مصرف لبنان بعدم قبول التحويلات من الحسابات الجارية القديمة بالنسبة لشركات المحروقات وشركات الأدوية والمطاحن ومستوردي الطحين ، وفرض التحويل أن يكون من حسابات جديدة .

5- وقف دفع مئتي دولار بالليرة اللبنانية كبطاقة إستهلاكية وفقا للتعميم 158 والدفع أما بالليرة نقدا أو بالدولار على سعر منصة صيرفة ، والسبب أن الدفع عبر البطاقة يزيد من الاستهلاك وبالتالي يزيد من الاستيراد والطلب على الدولار وانخفاض احتياطي مصرف لبنان من العملات الصعبة .

إن اعتماد هذه السياسات والإجراءات سيخفض حجم الطلب في السوق الموازي على الدولار الأميريكي الى أقل من خمسين مليون دولار شهريا اذا استمر القطاع المصرفي مشلولا ، اما اذا ما تم اعادة تفعيل القطاع المصرفي بشكل جدي فإن الضغط على الليرة سينتهي بشكل شبه كامل لأن مصرف لبنان لن يعود بحاجة الى طبع الليرات بسبب ان اللبنانيين سيعودون الى اعتماد اعادة هذه السيولة للمصارف وعدم تخزينها في المنازل ، ما سيعيد دورة السيولة الى طبيعتها ، لكن طبعا هذا الامر يحتاج الى وقت لاعادة بناء الثقة ما بين المواطن والدولة اللبنانية والقطاع المصرفي ،وهذا لن يحصل في سنة او سنتين وربما يحتاج الى اكثر من خمس سنوات .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى