ثقافةفلسفة

“البيروثقافية” في معناها ومغزاها(حسن عماشا)

 

كتب حسن عماشا – الحوار نيوز

هذا المصطلح لم يسبق ان قرأته ولا أعرف إن كان ابتكره احد او ان كان موجودا او ما يشبهه في الفكر السياسي.

إنما اعتبره الأكثر دقة في توصيف النموذج الفكري الذي نواجهه للتدليل على نمط من الفكر السياسي، قد يعود ارثه الي نمط التفكير التروتسكي.واعني بهذا المصطلح ثقافة المكاتب.

لا شك أن أصحاب هذا النمط من التفكير تكون في الغالب داوفعهم وجدانية عاطفية وحددوا لأنفسهم دورهم في الحياة كمرشدين ونخبة “قيادية فكرية” ، وعلى حركة الطليعة في المجتمع ان تتبنى طروحاتهم وتعمل عليها، مفترضين في أنفسهم انهم الاوسع معرفة والاقدر على حل المعضلات التي تواجه الطليعة المتصدية للتحديات، وعلى هذه الطليعة ان تستجيب لطروحاتها والا سوف تسقط وتضيع معها التضحيات.

اخر ما قرأت لهذا النموذج من التفكير استعراض نظري واسع فلسفيا، تاريخيا، ودينيا.

مقدمة توجيهية وتحفيزية لمواجهة تحدي الأزمات في “دول المحور المقاوم”. ورغم الإقرار بوجود الحصار واعتماده شكلا واداة رئيسية لقوى العدوان ،لا نجد اي دعوة واضحة للتصدي لها. إنما نجد استرسالا في رفع مستوى عامل الفساد والاستغلال للازمات بحيث يختفي أثر الحصار والأهداف التي تصبوا إليها قوى العدوان، وبالدرجة الأولى أحداث اختراق اجتماعي يتكتل تحت ضغط الأزمات في تشكيل قوة ضاغطة تجاه قيادة المواجهة والتشكيك بها. او على الاقل بحسن إدارتها للصراع،كونها لا تتصدى لمعالجة الأزمات وتتعايش مع الفساد والنظم الراعية له.

وبالنتيجة تصبح خيارات المواجهة كلها محل تشكيك ومغامرة خاسرة.

وبنظر هذا المنطق بالتفكير، “الشعب” في واد الاستغلال لدى الفاسدين، و”السلطة” في عروشها تتربع غير آبهة بما يحل ب”الشعب” المسكين.

نعم قد يبدو منطقيا فكر (البيروثقافية) وان المعضلة تحل باجراءات مثل العزل والقمع تجاه أفراد مستغلين فاسدين من دون ملاحظة على ما يستند عليه هؤلاء من بنى اجتماعية وامزجة سياسية هي جزء ومكون اساسي في “الشعب”،ايا كان وزنه وحجمه، سوف يقلب المواجهة راسا على عقب، وبذلك نقف تماما حيث يريد لنا ان نكون مخطط العدوان.

وهل هذا يعني التسليم بواقع يساهم في زيادة أعباء الأزمات؟

بالطبع لا.. إنما هذه المعضلة لا يمكن حلها بما يدعو اليه فكر (البيروثقافية) الذي أخذنا الى حيث يريد عدونا. وهو لن يستوعب آليات الحل الفعلي التي تملي عليه أداء وعمل لا يرى نفسه فيها ولا تتناسب مع نظرته لنفسه بأنه “قيادة فكرية”.

وهذه المعضلة لا حل لها الا بما في النخب الاجتماعية التي تتصدى لها، ولهذه المهمة أساليب وأشكال عمل مختلفة عن أساليب المواجهة مع الاعداء. وهذه لا تتكون الا بالقدر الذي تتماهى فيه النخب الاجتماعية مع ما تتطلبه التحديات وتبعا لنضج المجتمع وما يتقبله.

كم ممن يرفعون الصوت والشكوى عاليا من الفساد والاستغلال تكون دوافهم هي بانهم الأولى بمكتسبات الفساد؟.

نعم نخوض حربا مركبة في تحديات متداخلة بين الداخل والخارج. ولكن من يتصدى لهذه الحرب هم طليعة مؤمنة بالدور التاريخي الذي تلعبه ،وليست نتيجة لمزاج عام يحتضنها في وهج الانتصارات ويتردد ويتذبذب حين تلامسه آثارها واوجاعها، الا الحاضنة المعبئة والتي تدفع ثمن المواجهات بطيب خاطر مهما كانت التضحيات واي كانت معتقداتها.

هل الكتل الاجتماعية بكل اطيافها او باكثريتها على نفس الدرجة من الاستعداد للتضحية؟.

نعرف الإجابة على هذا السؤال، ولكن فكر (البيروثقافية) لا يرغب بأن يُعرّف ،لان المعرفة هنا تملي عليه نمط تفكير وسلوك مختلفين  لم يخلقوا لهما.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى