سياسةمحليات لبنانية

الرد على الوزير بإعادة الاعتبار لدور الجامعة الوطني النهضوي

 


د. سعيد عيسى
تخيلوا معي حجم الردود وشكلها على كلام وزير الخارجية جبران باسيل، بحقّ أساتذة الجامعة اللبنانيّة لو حصل ذلك في ستينيات القرن الماضي، أو في بداية سبعينياته، علمًا أنّ وزير الخارجية آنذاك ما كان ليتجرّأ على قول كلام مشابه لهذا، ليس لضعف أو انعدام القدرة لديه على القول، وإنّما لقوة الجامعة آنذاك، ولتصدّرها فكريًا ومطلبيًا حركة الشارع اللبنانيّ، وحملها لواء التغيير المجتمعي، وفتحها أمام الاجتماع اللبناني آفاق الوحدة والاندماج والانصهار، وبعثها روح المواطنة والتكامل ما بين الداخل اللبناني والخارج العالميّ.

الكلام الذي سيق بحقّ أساتذة الجامعة الداعي إلى تربيتهم، يبرز النظرة الواعية أو اللاواعية – وهي واعية في كلتا الحالتين – لهم، من قبل الحكم – الأب، باعتبارهم صغارا، وحُدّثا، تنقصهم الخبرة والممارسة، ينبغي تأديبهم، وتلقينهم أصول التخاطب، والتعامل مع الكبار، ليستووا يفّعا، قانعين بما يُملى عليهم، منخرطين في النظام الأبوي الحاكم، سامعين، طائعين، صاغرين دونما تأفّف أو اعتراض، لأنّ الكبار أدرى بمصلحتهم من أنفسهم ذاتها.


إزاء ذلك، لم يكن ردّ الأساتذة على الكلام الذي قيل بحقهم على المستوى المطلوب، لا بل كان هناك قبولا ضمنيّا وصمتا شبه مطبق، ما خلا حالات فرديّة، عبّرت بشكل خجول لم ترتق إلى مستوى الكلام الذي قيل؛ فالمطلوب هو ردّ جماعيّ يعيد تصويب النظرة لدور الأستاذ الجامعي، ولموقعه المجتمعيّ، وللجامعة اللبنانيّة ولطلابها، وللجماعات المجتمعيّة التي ينضوون إليها، ولمن سيأتي بعدهم.

إنّ ردّا بحجم الكلام الذي قيل، يستدعي انفكاكًا من الشرنقة التي وضع الأساتذة أنفسهم فيها، يستدعي خروجهم على أُولي الأمر بداية، وأخذ مسافة كافية من الآباء الحاكمين، وصياغة خطابٍ فاصل، يؤسّس لحكامة منبثقة من رؤيا تأسيسيّة تعيد صهر الجماعات اللبنانيّة، سياسيّا، واقتصاديّا، واجتماعيّا، وثقافيّا…وغيرها. حان الوقت لإعادة تأسيس الدولة والمجتمع، ومن غير الأساتذة الجامعيين أقدر على ذلك، فهل أنتم مستعدون؟

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى