العالم العربيسياسة

سقطت دمشق ..ولم تنته الحرب !(نسيب حطيط)

 

د.نسيب حطيط – الحوارنيوز

 

 قبل 40 عاماً، سقطت “بيروت” أول عاصمة عربية بيد الإحتلال الإسرائيلي والمتعدّدة الجنسيات، وتم نفي المقاومة الفلسطينية . واليوم سقطت دمشق بيد الإحتلال الاسرائيلي والمتعدّد الجنسيات والجماعات التكفيرية،  وتم تجريد المقاومة  الفلسطينية من سلاحها، وبينهما سقطت بغداد بيد الإحتلال الاميركي في العام 2003 وسقطت اغلب العواصم العربية ، باتفاقيات السلام والتطبيع والخلاعة.

لم تنته الحرب في سوريا ، بل انتهت المرحلة الأولى منها  بسقوط النظام  من دون إستلام  او تسليم لسلطة سورية واضحة وموحّدة وذات أهداف واضحة، وبدأت سوريا تخسر وحدتها وأراضيها وقوتها وجيشها ،منذ الساعات الأولى لسقوط النظام.

فقد احتلت إسرائيل جبل الشيخ والقنيطرة والمنطقة المحاذية للجولان السوري المحتل، وسقط الشمال وبعض الشرق بيد تركيا، وسقطت بعض الجغرافيا بيد “داعش” وبعضها بيد روسيا(مؤقتاً). أما بقية الجغرافيا السورية، فهي موزعة على ألوية وكتائب سورية وطاجيكية وأوزبكية وتركية وافغانية، يجمعها الإسلام التكفيري المتطرف، ولا وجود أو دور لمعارضة مدنية سورية، سواء كانت علمانية او دينية، بل تم تهميشها وعدم الأخذ برأيها او اشراكها في الحكم.

لم تنته الحرب، بل انتهت المرحلة الأولى لإسقاط النظام التي استغرقت 14 عاماً، وبدأت المرحلة الثانية والتي يمكن ان تستغرق 10 أعوام او اكثر ( مرحلة توزيع الغنائم ) بين الأطراف التي أسقطت النظام، وهي أميركا واسرائيل وتركيا وربما روسيا. واذا كان هنالك من دور عربي، فإنه دور غير مكشوف يتمثل بالتمويل والتغطية الإعلامية. فسوريا ستكون على مائدة “الناتو ” وإسرائيل لتقسيمها او إغتصابها والغائها من الخريطة السياسية والعسكرية وابقائها جغرافيا ،تنهشها الفوضى والقتل الطائفي والمذهبي والصراع بين فصائل المعارضة، لتصبح سوريا إمارات متناحرة وفق النموذج الليبي الذي ما يزال يقاتل نفسه بعد سقوط القذافي !

لم تنته الحرب في سوريا ،فلا يزال ل”المعارضة”  دور ووظيفة لإنهاء محور المقاومة وانهاء الصراع العربي-الإسرائيلي، بالتعاون مع الاحتلال الاسرائيلي والأميركي، لإقامة “اسرائيل الكبرى” وتثبيت السيطرة الأميركية على المنطقة ومن وظائف السلطات الجديدة في المرحلة الثانية:

-إستمرار الفوضى المسلحة والإدارية والاجتماعية في سوريا ،للقضاء على اي مظهر من مظاهر الدولة السورية او وحدتها الجغرافية والشعبية.

– تأمين الغطاء السياسي او الفراغ السياسي والعسكري، لتسهيل نهب الثروات من النفط والغاز السوري من الثلاثي (الأميركي-التركي-الاسرائيلي)

-حصار المقاومة في لبنان ومشاغلتها وتهديدها واستفزازها، إما مباشرة او عبر استفزاز الشيعة والعلويين في سوريا، او عبر دعم الجماعات التكفيرية من السنّة  في لبنان والنازحين السوريين او الفلسطينيين.

– تسهيل احتلال اسرائيل للجنوب السوري وضم المنطقة الدرزية السورية،بذريعة الخوف من التكفيريين الذين يكفّرون الدروز ويعتبرونهم غير مسلمين ويضعونهم امام خيارين،إما القتل والسبي او تغيير المعتقد واعلان إسلامهم، ومع التحريض الاستخباري الإسرائيلي، وقد بدأ دروز سوريا يطالبون بالإنضمام الى الجولان الدرزي المحتل لتأمين الحماية لأنفسهم.

– تهديد العراق، إما لعزله عن محيطه والغاء دوره في محور المقاومة، او الإنقضاض عليه بغزوة تكفيرية اخرى برعاية أميركية-تركية.

– الإنتظار للقيام بدور ضد الأردن، بعنوان تحريره من النظام الملكي واقامة الشريعة وتوسيع الخلافة ،ما يسهل عمليه “الترانسفير” الفلسطيني من غزة والضفة الغربية وفق المشروع الاسرائيلي ،لإقامة الوطن البديل في الأردن، بعنوان شرعي ان جغرافيا الخلافة لا تعترف بحدود فلسطين او سوريا او العراق وان كل المسلمين يستطيعون الإقامة في اي جغرافيا داخل دولة الخلافة!

لم تنته الحرب، بل بدأت مرحلتها الثانية لتحقيق الأهداف المرسومة ل”الثورة” من الخارج، ويبقى الخاسر الأساس هو الشعب السوري الذي سيبقى في حالة الفوضى والقتل والنهب وعدم الأمان، وستخسر القضية الفلسطينية ساحة أساسية من الساحات التي حضنتها ودعمتها، وأول الغيث نزع سلاح فصائل المقاومة الفلسطينية  في سوريا، بما فيها حركه “حماس” التي تشترك بالفكر الديني مع الجماعات الدينية المعارضة ودعمتهم واعطتهم قطع السلاح الأولى في سوريا…وستكون مقدمة، لنزع سلاح المخيمات الفلسطينية في لبنان بالقرارات الأولى للحكومة اللبنانية الجديدة، تنفيذاً للمشروع الأميركي بنزع سلاح محور المقاومة!

لم تنته الحرب في سوريا، بل بدأت مرحلة ثانية ستكون أكثر سوءا من المرحلة الاولى التي كانت بين طرفين (الدولة والمعارضة المتعددة الجنسيات) لكنها اليوم ستكون بين المعارضات المتعددة الجنسيات وبين الدول الراعية تنهش بعضها..

لم تنته الحرب، فاحتفظوا بسلاحكم ولا تنهزموا !

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى