الغزو التركي لسوريا..خطوة على طريق مشروع “إسرائيل الكبرى”!(نسيب حطيط)
د.نسيب حطيط -الحوارنيوز
بعد إعلان وقف اطلاق النار بين المقاومة اللبنانية والعدو الاسرائيلي لإنهاء شهرين من الحرب المتوحشة، بادرت تركيا عضو “الناتو” والحليف الاستراتيجي لإسرائيل لغزو الأراضي السورية تحت عنوان المعارضة السورية والجماعات التكفيرية المتعدّدة الجنسيات، لوضع الرئيس بشار الأسد امام خيارين: إما التفاوض مع الرئيس أردوغان وتلبية طلبه للمصالحة تحت النار، او إسقاط النظام وإدخال سوريا في حرب أهلية لتفكيكها الى دويلات واقاليم طائفية تكون لتركيا الحصة الكبرى فيها عبر الإقليم السّني، ومحاولة القضاء على مشكلة الأكراد في سوريا حماية للنظام التركي ولسد المنافذ على أي حراك للأكراد داخل تركيا مع الضربات الدائمة للأكراد في العراق.
إن الغزو التركي لسوريا لتنفيذ المشروع الأميركي_الاسرائيلي ،لإجتثاث محور المقاومة، كحركات شعبية مسلّحة او دولاً، تقف عائقاً أمام مشروع التطبيع مع العدو وامام مشروع مصادرة الثروات من النفط والغاز من شاطئ غزة الى الشواطئ اللبنانية ثم الى شواطىء سوريا ، هذا الغزو بإسم المعارضة السورية يختلف عن بدايات الربيع العربي عام 2011 ، حيث كانت المعركة ضد النظام لإسقاطه، أما اليوم فإن المعركة ضد محور المقاومة ،لتفكيكه وإسقاطه وإطباق الحصار على المقاومة في لبنان وقطع طرق الإمداد، وحصارها براً وبحراً وجواً، ما يشابه حصار غزة، لضمان هزيمتها في أي حرب قادمة، حيث اعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو أنه وقّع على وقف النار وليس على انهاء الحرب!
إن ما يجري في سوريا تعتريه الضبابية والغموض حول الأسباب التي دعت القيادة السورية للإنسحاب من المدن الكبرى (حلب وحماه) وتسليمها دون قتال.!
هل هو اختراق للجيش والمسؤولين من قبل اجهزه المخابرات المعادية؟
هل هو تكتيك عسكري لإستيعاب الهجوم المفاجئ والاحتفاظ بالقوى العسكرية لحماية العاصمة برمزيتها للنظام، وحماية حمص والساحل وحماية نقطة التواصل مع لبنان؟
هل كان الإنسحاب لوضع إيران وروسيا امام مسؤولياتهما الميدانية ،لأن هذه الحرب تمسهما مباشرة، كما تمس النظام ،لأنه إذا سقط فإن الوجود الروسي في سوريا سيكون مستحيلا وستخسر إيران ساحة اساسيةعلى مستوى الشرق الأوسط، وبالتالي لابد لهما من القتال الميداني وليس عن بعد..
إن الساعات والأيام المقبلة ستؤشر في أي اتجاه ستكون الأوضاع السياسية والعسكرية ،لأن المعارك الأساسية ستكون في حمص والساحل وفي العاصمة دمشق ،فإذا نجح الجيش السوري بإستيعاب الهجوم وصد الهجمات،والإنتقال الى مرحلة الهجوم المضاد ،بدعم روسيا وايران، لتعذّر المشاركة الميدانية الواسعة للمقاومة اللبنانية التي ما زالت في ميدان الحرب التي لم تنته والتي ستضطر الى نشر عناصرها على الحدود اللبنانية-السورية، لمنع التسلل التكفيري الى البقاع خصوصاً.
تمثل معركة سوريا الآن، المعركة ما قبل الأخيرة ضد محور المقاومة التي يشنها التحالف الأميركي العالمي وصولاً الى الرأس في إيران، ويمكن ان تكون بداية الحرب الإقليمية على الساحة السورية ،بمشاركه أميركا واسرائيل وروسيا وإيران والعراق وتركيا، وربما الأردن.
السؤال المطروح: هل من مصلحة اميركا واسرائيل تحويل ساحة سوريا الى ساحة صراع تشابه افغانستان او ليبيا بموقعها الجيوسياسي الذي يقع في قلب المنطقة ويمس الامن الاسرائيلي والاردني واللبناني والعراقي والتركي، وبالتالي يجعل الجغرافيا غير آمنه للوجود والاستثمار الامريكي ؟
إن الغزو التركي لسوريا هو المرحلة الثانية من الحرب على المقاومة في لبنان سياسياً وامنياً وعسكرياً والتي تمثل آخر خندق مقاوم في الأمة ، ويمكن تفسير إقتراح مستشار ترامب للشرق الاوسط بتأجيل انتخابات رئاسة الجمهورية ،شهراً او شهرين ،لإعتقاده بأن المشروع الأميركي سينجح في سوريا، وبالتالي يمكن إنزال الهزيمة السياسية والعسكرية بالمقاومة أكثر وشطبها من التأثير السياسي في انتخابات الرئاسة او تشكيل الحكومة، وهذا ما سيجعل المقاومة في دائرة الدفاع والاستنفار الدائم ، ما يؤشر الى اننا امام سنوات عجاف من التوتر الأمني والسياسي.
إذا نجح الغزو التركي لسوريا سيكون مشروع اسرائيل الكبرى قد تقدم خطوة إضافية!