رأي

المقاومة ..وموجبات الإنفتاح الوطني(نسيب حطيط)

 

كتب د.نسيب حطيط – الحوار نيوز

 

تعاني  المقاومة في لبنان تاريخياً من نقطة ضعف اساسية تتمثّل بعدم وجود اجماع وطني وطائفي على توصيف الكيان الاسرائيلي “بالعدو”، اما لمعطيات سياسية او مصالح او أوهام ادت الى استعانة بعض اللبنانيين واغلبهم من المسيحيين بالعدو الإسرائيلي، بناء على هواجس وخوف من المحيط العربي والاسلامي وكذلك اللجوء الفلسطيني، اضافة الى الارتباط عضويا بالثقافة الغربية ومبادئها ،خاصة الفرنسية، مقابل توصيف المسلمين للعدو الإسرائيلي، بأنه عدو مع تمايز في الموقف الميداني والسياسي بين مكونات المذاهب الإسلامية، حيث يتقدم المذهب الشيعي على الاخرين ،بالتصدي للمشروع الاسرائيلي بسبب الجغرافيا المتمثلة بالجنوب اللبناني المحاذي لفلسطين ،اضافة الى المعتقد الديني الذي لا يجيز الاعتراف بإسرائيل او اقامه السلم معها، وهذا ما ادى لتكون المقاومة منذ نشأتها ايام الحركة القومية والبعثية والناصرية واليسارية خاصة الشيوعية منذ الخمسينات والستينات، الى ان تكون معزولة ، مع ان الاحزاب اليسارية استطاعت اختراق الطوائف عبر منتسبيها، وكان منهم المقاومون الاسرى والشهداء ضد العدو الاسرائيلي ،ما اعطى المقاومة الصفة الوطنية الشاملة غير المذهبية وغير الطائفية او الحزبية المحصورة.

 وقد حاول الامام السيد موسى الصدر ،تعميم هذه الفترة عبر تأسيس”جبهة نصرة الجنوب” ونجح في تشكيلها من رؤساء الطوائف الروحية المسيحية والإسلامية، او عبر حركة المحرومين التي عبرت الطوائف في بداياتها وتصحّرت اثناء الحرب الأهلية وغياب الامام الصدر.

ان اول خطوة لابد من البدء بها هو تحصين المقاومة وانقاذها من صفتها المذهبية او الطائفية او الحزبية المحصورة، وليس العتب او المسؤولية على المقاومين فقط، وانما مسؤولية كل اللبنانيين، لكن المقاومة ولأنها تتحمّل مسؤولية الريادة والتصدي، فعليها المبادرة لهدم الجدران الفاصلة بين الطوائف وتأمين بعض الاختراقات، لتتمكن المقاومة من التنفّس وطنياً وان تتحرك في بيئة غير معادية على الاقل وحتى لا تعيش الخوف والقلق ،لنقل سلاحها او تامين نازحيها خارج جغرافيا المذهب الشيعي او تواجد المقاومة ،ما يحاصر المقاومة ويزيد اعباءها ويشتّت قوتها ويستدرجها الى مناكفات وخصومات داخلية ويشغلها عن هدفها الاساس المتمثل بالدفاع عن لبنان ورد العدوان الإسرائيلي.

ان ما تتعرض له المقاومة الآن من محاوله تصفية وحصار ضمن المشروع الأميركي-الإسرائيلي-العربي ،لتصفية حركات المقاومة ،يستوجب معالجات استثنائية لتحصين موقعها والانفتاح على بقية الاحزاب والطوائف في لبنان لإبعادها عن موقع العداء والخصومة الى موقع الحياد، وربما الى موقع التأييد، وهذه مسؤولية المقاومة بالمبادرة ومسؤولية الاطراف الاخرى للتجاوب ونقترح :

 – انهاء الخلاف والقطيعة او تجميده مع التيار الوطني الحر، بصفته حزبا مسيحياً لم يتخذ موقفا عدائيا ضد المقاومة مثل اغلبية المكونات المسيحية السياسية والروحية.

– الإنفتاح وبدء النقاش مع الاحزاب اليسارية ، خاصة الحزب الشيوعي ، لتحشيد قواه الشبابية او النقابية او الإعلامية في معركه المقاومة .

– انهاء الخلاف والقطيعة  مع التنظيم الناصري برئاسة النائب أسامة سعد في صيدا، وتجاوز الخلافات والتباين مهما كانت، لأهمية صيدا، كبوابة للجنوب، اضافه لحفظ هذا البيت الوطني المقاوم مهما كان هنالك من أخطاء.

– التواصل مع الكفاءات العلمية والإعلامية والاقتصادية والاجتماعية، سواء داخل الطائفة او خارجها، لبناء منظومة مقاومة اجتماعية واقتصادية وأخلاقية، لأن بيئة المقاومة والمجتمع اللبناني يتعرّضان ،لإجتياح اخلاقي بنيوي يهدد الأسرة والمجتمع ويخترق الحصانة الأخلاقية ،ما يزيد من حالات العمالة للعدو سواء بقصد او غيره قصد..

ان العدو لا يترك اي أمر يساعده في حربه ويفتش عن امور اخرى مهما كانت صغيرة او جزئية، وعلينا ان نعمل وفق استراتيجية واعية غير انانية ومنفتحة، لأن الحرب ستطول وستكون متعددة الوسائل الناعمة أو الساخنة المباشرة وغير المباشرة وذلك لضمان صمودنا وبعده تحقيق الانتصار…

من تجاوزَ مواقف حماس والوزير وليد جنبلاط لضرورات الحرب والقضية، يستطيع ان يتجاوز مواقف السادة جبران باسيل واسامة سعد ، لضرورات الحرب والقضية وحفظ المقاومة …

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى