العالم العربيسياسة

الرئيس الإيراني في العراق “في 11 سبتمبر” : خصوصية الزيارة وأهدافها(جواد الهنداوي)

 

بقلم السفير الدكتور جواد الهنداوي – الحوار نيوز – بروكسل

 

ماهي خصوصيّة الزيارة التي يقوم بها الرئيس الإيراني غدا الأربعاء إلى العراق، وبماذا تتميّز عما سبقها من زيارات لكل من الرئيس الأسبق نجاد والرئيس الأسبق خاتمي ؟

أولاً ، تتميّز بأنها أول زيارة خارجية للرئيس بزشكيان بعد تسنمّه رسمياً المهمّة .

وثانياً ، أنها زيارة للعراق ،لكل العراق ،وليس فقط إلى بغداد ،حيث من المقرّر ان يزور البصرة و أربيل وكربلاء و النجف .

وثالثاً ، تتميّز باختلافها عن زيارة نظيره وخصمه ، الرئيس الأمريكي السابق ترامب  للعراق بتاريخ 2018/12/28، و التي أثارت استياء العراقيين شعباً وحكومةً و أحزاباً ،حيث مساحة ومكان زيارته لم يتعديا قاعدة عين الأسد العسكرية ،ولم يلتقْ رئيس مجلس الوزارء ،آنذاك ،عادل عبد المهدي ،الذي رفض لقاءه في قاعدة عسكرية أمريكية ،واكتفى الطرفان بمكالمة هاتفية لتناول جدول الأعمال .

وتجدر الاشارة ، إلى ما يجول في الخاطر من مقاربات ، عند المقارنة بين زيارة رؤساء إيران ، و زيارة رؤساء امريكا للعراق  :

         اولا ، في زيارة الرئيس الإيراني غداً ، يتعادل الطرفان ( الأمريكي و الايراني) في عدد الرؤساء الذين زاروا  العراق ؛ اربعة زيارات أمريكية للرئيس بوش الابن ( عام 2003، وعام 2006 ، وعام 2007 قاعدة عين الاسد ، و عام 2008 ،والتي تعرّضَ خلالها ،الرئيس بوش الابن ،إلى رشقة حذاء من الصحفي منتظر الزيدي ، وزيارة للرئيس اوباما عام 2009 ، وآخر زيارة للرئيس ترامب عام 2017 .

كذلك ثلاثة رؤساء ايرانيين زاروا العراق ،الرئيس نجاد ،والرئيس خاتمي والرئيس مسعود بز شكيان .

  ثانيا ،  تاريخ  زيارة الرئيس الإيراني إلى العراق 11/ ايلول ،تتزامن مع تاريخ ذكرى حوادث ١١  / سبتمر  في أمريكا ،والتي على أثرها قررت امريكا غزو العراق .

هل هذه المقاربات هي مشيئة القدر ، ام مشيئة السياسة ، ام ” لا تقلْ شئنا فإنَّ الحظَّ شاء ” ؟

حرصَ الرئيس الإيراني ان تكون زيارته لكل العراق ،من كردستانه إلى جنوبه . زيارته لأربيل تدلُ على رضا إيران عن التعاون الامني بين اقليم كردستان والعراق ،و تؤشر إلى مرحلة جديدة في علاقات إيران مع الاقليم ،يسودها التعاون وحفظ الحدود الإيرانية بين بغداد و أربيل و طهران .

 يبدو أنَّ زيارة الرئيس الإيراني إلى بغداد جاءت في الوقت المناسب ،لعلها تخفّف من حدة التوتر في العلاقات او المواقف بين اركان الاطار من جهة والسيد رئيس الوزراء من جهة اخرى ، على اثر اكثر من أزمة ( ازمة سرقة القرن وتداعياتها ،ازمة النزاهة والقضاء ،وازمة التصنّت وجوحي ) ،هي ازمات ذات شأن داخلي ،بكل تأكيد ،ولكن لإيران قدرة على تخفيف حدّة الأزمات او ترطيب الاجواء بين الكتل السياسية،ليس فقط عند المكوّن الشيعي ،وانما عند المكوّن الكردي وحتى عند المكوّن السني .

كان ممكنا للرئيس الإيراني ان تكون اول زيارة له لدولة عظمى ،حليفة وصديقة ،كروسيا او الصين ،ولكنه فضّلَ على مايبدو ان تكون زيارته اقليمية وفي المنطقة ،وفيها إشارة إلى اهتمام ايران بعلاقاتها في المنطقة ،وهذا ما تؤكّد عليه تصريحات كافة المسؤولين الإيرانين ،وفي مقدمتهم الرئيس الإيراني ووزير خارجيته عباس عرقجي .

بطبيعة الحال ،بين إيران و العراق علاقات اقتصادية و تجارية متطورة ،وعلاقات أمنية وعسكرية ،واتفاقات استراتيجية في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها ،جميعها ستكون على مائدة اللقاءات في بغداد و في أربيل .

لن يدق جرس الإنذار الأمريكي من هذه الزيارة . امريكا ليست قلقة او متخوفة من هذه الزيارة لإسباب :

امريكا منهمكة ومتعبة حالياً جرّاء مغامرات ودلال رئيس الوزراء الإسرائيلي  نتنياهو ، وانشغالها في الانتخابات ، واطمئنانها إلى توجهات الرئيس الإيراني وتصريحاته المتكررة عن السلام والامن والاستقرار والتعاون الدولي ، كذلك ادراك الايرانيين للنصيحة بأنْ لا يقعوا في الفخ المرسوم لهم وللمنطقة من قبل نتنياهو والصهيونية .

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى