محمد صادق الحسيني
في تقرير هام وخطير يكشف العقل الباطني الاسرائيلي تجاه الاحداث المتسارعة في المنطقة رئيس الموساد الاسرائيلي السابق يضعه في كتاب سيرى النور قريباً اليكم اهم ما جاء فيه لاهميته :
نشر الموقع الالكتروني لصحيفة ذي تايمز أوف اسرائيل ، يوم ٨/٧/٢٠٢٠ ، مقابلة موسعة مع رئيس الموساد السابق ، من سنة ١٩٨٩ حتى ١٩٩٦ ، شابتاي شافيط ، اجراها معه الصحفي الاسرائيلي ديفيد هوروڤيتس ( David Horiwitz ) ، بمناسبة قرب نشر كتابه في شهر ايلول القادم .
واهم ما جاء في المقابله هو التالي :
1. رغم ان عملية السلام ( العربي الاسرائيلي ) لم تكن ترق لرئيس الوزراء الاسرائيلي ، اسحق رابين ، الا انه كان ينوي الاستمرار في عملية السلام ، مع الفلسطينيين ومع سوريا ، رغم التعثر الذي كانت تشهده .
2. بعد لقاء الرئيس السوري ، حافظ الاسد ، مع الرئيس الاميركي ، بيل كلينتون ، في جنيف في شهر ١/١٩٩٤ ، استدعاني رئيس الوزراء ، اسحق رابين ، وقال لي انه ، وعلى الرغم من تلقيه الكثير من المعلومات حول الموضوع ، الا انه لا زال غير قادر على تقييم موقف الرئيس السوري ، حافظ الاسد ، وما حجم التنازلات التي لديه استعدادا ان يقدمها ( في مقابل السلام ) . وقد طلب مني التوجه الى ملك المغرب ، الحسن الثاني ، والطلب منه ان يحاول جس نبض الرئيس الاسد في هذا الخصوص . وقد ذهبت الى المغرب فعلاً ، وقابلت الملك الحسن الثاني واطلعته على الموضوع . وقد قام بدوره بتكليف رئيس جهاز المخابرات المغربيه آنذاك ، عبداللطيف الحموشي ، الذهاب الى سوريا ومقابلة الرئيس الاسد لاستطلاع موقفه من موضوع التنازلات . وعندما قام المبعوث المغربي بطرح الموضوع على الرئيس السوري ، بصورة غير مباشرة وبطريقة لا توحي بان رابين هو من يريد سبر موقفه ، قال له الاسد انه يريد وضع قدميه في بحيرة طبريا . وهذا ما جعله ( الحموشي ) يستنتج بان الرئيس السوري ليس على استعداد لتقديم تنازلات . وقدم رئيس جهاز المخابرات المغربي لطرفي وابلغني بذلك .
3. ان كل ما يقوم به نتنياهو ، في الداخل والخارج ، بما في ذلك موضوع صفقة القرن وضم الضفة الغربيه وازمة الكورونا وغير ذلك ، انما يستخدمه لهدف واحد ، يتمثل في حماية نفسه من القضاء / المحاكمه /وهو لا يفكر إطلاقاً بمصلحة اسرائيل ( بمعنى انه لا ينطلق من مصلحة اسرائيل ).
4. بعد انتخابه رئيسًا للوزراء ، سنة ١٩٩٦ ، طلب مني نتنياهو ان اعمل معه وان اتولى ملف ايران . فوافقت شرط ان تكون رسالة التكليف موقعة منه ومن وزير الدفاع ، كي توفر لي غطاءً في السيطرة على جميع الاجهزه الامنيه الاسرائيليه ، الموساد والشاباك وأمان / وزارة الدفاع ولجنة الشؤون النووية . لكن نتنياهو رفض ان يشاركه وزير الدفاع التوقيع على رسالة التكليف واعتبر فذلك انتقاصا من مقامه ، وهو ما ادى الى فشل العمليه . وقد اراد نتنياهو من وراء ذلك اظهار نفسه كالمنقذ الوحيد وكي يقول للناس انه الوحيد الذي يقوم بحمايتهم .
5. ان اول اولويات نتنياهو هي الهروب من المحاكمه …فبعد طرح مشروع ترامب ، الذي يسمى صفقة العصر ، اعتبر نتنياهو ان هذا المشروع مخصص لبيبي ( بنيامين نتنياهو ) وليس لدولة اسرائيل ، اذ انه لم يتشاور ، حتى الآن ، لا مع وزارة الدفاع ولا مع وزارة الخارجيه ، ولم يطلع اي ، احد على الخرائط المتعلقه بالمشروع .
6. ان بالامكان قول اي شيء عن نتنياهو ، الا انه ليس غبيا، ، فباستطاعته تقييم المواقف بشكل افضل من الآخرين ….وضعنا السياسي مهلهل … اذ يمكن ان تسقط الحكومة في اي لحظة ….الاقتصاد في أسوأ احواله …وضعنا في العالم ، ما عدا الولايات المتحده ، هو أسوأ وضع منذ عقود ….
7. في شهر نوفمبر القادم ستجري الانتخابات الرئاسيه الاميركيه ، التي يتوقع ان يفوز فيها المرشح جو بايدن ، وهو يقول لنتنياهو : معي ( في عهدي ) لا يوجد ضم . ونتنياهو يعرف ذلك ويبحث عن مخرج وعن جهة ما يحملها مسؤولية ذلك ( فشل موضوع الضم ) .
8. وحول سؤال عن ان ايران ستعلن نفسها قوةً نووية ، في وقت ما ، اجاب شافيت بالقول : انني اتكلم الآن كرجل استخبارات ، يجمع المعلومات ويقيمها ويرفعها لرئيسه مع التوصيات ، وعليه فانني انطلق دائماً من أسوأ السيناريوهات ….المتمثل في ان الايرانيين لن يتراجعوا عن هدفهم وان يصروا على امتلاك قدرات تسليحيةٍ نوويه ، فانني ارى انه ليس من الضروري ، او المؤكد ، ان يستند موقفهم دائماً الى انهم يريدون امتلاك القنبلة من اجل القائها على تل ابيب ، وانما اعتقد ان منطقهم يرتكز الى انهم يريدون القول بان أحداً لن يكون قادراً على ارتكاب اي اخطاء تجاههم عندما يمتلكون القنبله ( هو استخدم تعبير بالانجليزيه( No Body will wess with us) . تماماً كما حصل مع كوريا الشماليه .فعلى الرغم من استمراراالمفاوضات فان كوريا احتفظت بسلاحها النووي وتعمل على تطوير تكنولوجيا جديده .
9. وعندما يتحدث الايرانيون عن امتلاك المناعة ( بمعنى الردع او ان يكونون محصنين ) فانهم لا يقصدون اسرائيل فقط وانما يقصدون الولايات المتحده وتركيا والعراق ايضاً . فهم لا يمكنهم ان ينسوا حرب الثماني سنوات . اما من ناحية تركيا ، فعلى الرغم من الزيارات المتبادله فان هناك تنافساً ايرانياً تركياً على الشرق الاوسط وبامتلاك ايران للسلام النووي فانها ستوجه ضربةً للنفوذ / الدور التركي ( هذا ما يعتبره رئيس الموساد مناعة ضد تركيا …تضييق هامش المناورة عليها في مقابل توسيع هامش المناورة الايراني ).
10. كما ان هناك اسرائيل ايضاً ، فانا لست ممن يقولون بان ايران ستقصف اسرائيل بسلاح نووي ، حال امتلاكها القنبلة ، ولكنني اقول بان الدولة التي تملك القنبلة يصبح بامكانها اقامة كل انواع التحالفات ، لتوسيع نفوذها وحماية مصالحها . ان امتلاك ايران للقنبله يوسع تاثيرها ويغير وضعها في الاقليم وفي العالم .
11. اتفاقية ٢٠١٥ ( يقصد الاتفاق النووي بين ايران ودول ال ٥ + ١) اعطتنا ١٥ عاماً من الوقت ( لتاخير البرنامج النووي الايراني ) بينما انسحاب ترامب منها قد جعل ايران تمتلك ما يكفي ، من اليورانيوم المخصب ، لصناعة قنبلةٍ نووية خلال اشهر . وفي حال اعلنت ايران عن امتلاكها القنبلة النووية فان علينا ان نجد طريقةً لردعها . لكن هذا الردع لن يكون باستخدام السلاح النووي ضدها ، وذلك لان من غير الممكن ان نكون ثاني دوله تستخدم السلاح النووي بعد هيروشيما ، وانما بايجاد طريقة ردع حقيقيه ، وان نضمن امتلاكنا للقدرات التي تمكننا ان نقول للايرانيين : اذا ما فقدتم عقلكم ، وقررتم استعمال القنبلة ضدنا ، فعليكم ان تضعوا في حسبانكم ان ان ايران لن تبقى موجوده ( Iran will cease to exist ) ، وان الثمن الذي ستدفعونه ، في حال استخدمتم القنبلة ضدنا ، سيكون باهظاً .
12. اذا اعيد انتخاب ترامب فان ذلك سيكون بمثابة كارثة على امريكا وعلى العالم الحر اجمع ….. انني ضابط استخبارات ويمكنني ان اكون مثالياً ، لكن المثاليات لا مكان لها في تقييماتي . لذا فانني براغماتياً وهذا ينبع من طبيعة مهنتي …. ( قال ذلك في معرض رده على سؤال للصحفي حول الصوره القاتمه التي رسمها في كتابه عندما انتقد كلاً من اوباما وترامب على حدٍ سواء ) .
13. وتابع ، عائداً الى سياق الردع الذي تحدث عنه تجاه ايران ، تابع قائلاً : يجب تطبيق نفس استراتيجية الردع اعلاه ضد حزب الله ايضاً . نحن لا نريد ان نبدأ ( الحرب ) ولكن اذا ، لا سمح الله ، بدأ ( الحزب ) باطلاق عشرات الصواريخ ( Dozens of Missiles into Israel ) فعلينا التقدم داخل جنوب لبنان وتسويته بالارض .
هكذا يجب ان تكون استراتيجيتنا : اولاً الردع واذا لم يفد الردع فالضرب بلا رحمة .
14. وحول سؤال ، عن احتمالات تطور علاقة اسرائيل مع ايران ، اجاب شافيط بالقول :
هناك احتمالان :
الاول : ان تحدث انتفاضه شعبيه تطيح بالنظام . ولكن هذا الاحتمال ضئيل .
الثاني : ان يستولي الحرس الثوري على السلطه وان يبعد رجال الدين عنها .وهذا الاحتمال الذي أُرجِحَهُ .
وعندما سأله الصحفي عن تداعيات مثل هكذا تطور أجاب بالقول :
•الاخبار الجيدة هي انه سيكون بالامكان التحاور مع أناس براغماتيين وعقلانيين .
•اما الاخبار السيئة فهي ان تؤثر السلطة على عقولهم وتدفعهم الى اتخاذ قرارات ليست مريحة او مزعجة .