أيها الصحافي:كيف تحمي نفسك من المخاطر؟
شهدت بيروت خلال اليومين الماضيين حدثين هامين يتعلقان بالسلامة المهنية للصحافيين والعاملين الإعلاميين والمخاطر التي يتعرضون لها خلال الحروب والحوادث والتهديدات المختلفة :
الأول نظمه الاتحاد الدولي للصحافيين ونقابة محرري الصحافة اللبنانية في الأول من تشرين الثاني في فندق الكورال بيتش ،تحت عنوان "واجب رعاية المؤسسات الإعلامية للصحافيين والعاملين الإعلاميين".
والثاني نظمته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة(اليونسكو) ووزارة الاعلام في الجمهورية اللبنانية ،في الثاني من تشرين الثاني في فندق الكورال بيتش ،تحت عنوان "تعزيز التعاون الأقليمي لانهاء الإفلات من العقاب للجرائم والهجمات ضد الصحافيين".
وقد شارك في الحدثين ممثلون عن نقابات الصحافيين العرب والاتحاد الدولي للصحافيين وخبراء دوليون في حقول السلامة المهنية وصحافيون لبنانيون وعرب وأجانب ،وعقدت لهذه الغاية سلسلة من جلسات العمل تحدث فيها حشد من المشاركين والمختصين .
والواقع أن المخاطر التي يتعرض لها الصحافيون من خلال الحروب والحوادث والتهديدات المختلفة ،لا تقل عن المخاطر التي يتعرض لها الناس ،أن لم يكن أكثر ،باعتبار أن الصحافي مضطر لمزاولة مهنته خلال المعارك جنبا الى جنب مع الجنود والمسلحين على اختلاف أنواعهم.وقد سجلت الإحصاءات مقتل 74 صحافيا هذا العام فضلا عن عدد كبير من الجرحى ،فيما قتل أكثر من ألف صحافي واعلامي منذ العام 1992 ،ومعظمهم في حروب الشرق الأوسط.وعندما نستخدم تعبير "الإعلامي" فإنما نقصد كل العاملين في حقل الاعلام من مراسلين ومصورين وتقنيين وغيرهم.
من هنا ينبغي التوقف أمام مسألة تدريب الإعلاميين مسبقا على التعاطي مع الحروب ،وهو أمر لم يكن يلقى الكثير من الاهتمام لدى المؤسسات العاملة في الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط ،فيما المؤسسات الإعلامية الغربية تنبهت باكرا لهذه المسألة ،وأنشأت مراكز تدريب وعينت اختصاصيين في هذا المجال لتدريب المراسلين والمصورين على كيفية التصرف خلال المعارك والحوادث المختلفة .وقد أمكن من خلال ذلك تفادي مقتل الكثير من الصحافيين أو اصابتهم أو حتى وقوعهم أسرى.
ولا غرو أن يكون الاتحاد الدولي للصحافيين الذي ننتمي اليه كنقابة محررين ونقابات عربية ،في طليعة المهتمين بهذه المسألة ،حيث سبق له أن أصدرا كتيبا مفصلا وبكل اللغات بما فيها العربية ،تحت عنوان "الصحافة على الخط الأمامي _-دليل السلامة المهنية للصحافيين الميدانيين".ونحن ننصح جميع العاملين في حقل الاعلام بالاطلاع على هذا الكتيب والالتزام بمضامينه درءا للمخاطر التي يمكن أن يتعرضوا لها ،فضلا عن كيفية التصرف بعد حصول الحوادث.ويمكن لأي صحافي الحصول على هذا الكتيب بواسطة الانترنت باستخدام العنوان السالف الذكر عبر محركات البحث (غوغل وغيره)،أو من خلال الدخول الى موقع الاتحاد الدولي للصحافيين .وتسهيلا للحصول على الكتيب أكثر سوف ننشر هذا الدليل على موقع نقابة محرري الصحافة اللبنانية ووسائل التواصل الاجتماعي أيضا.
كما أعدت منظمة "مراسلون بلا حدود " كتيبا مماثلا تحت عنوان "دليل السلامة للصحافيين "(دليل عملي للصحافيين في المناطق المعرضة للخطر)،ويمكن الحصول عليه أيضا بواسطة الانترنت.
الا أن كل ذلك لا يغني عن التزام المؤسسات الإعلامية في لبنان والعالم العربي،ووزارات الاعلام ،بإنشاء مراكز تدريب خاصة في هذه المؤسسات .وليس سرا أن بعض المؤسسات والنقابات العربية بادرت الى هذا الأمر ،وقد أطلعنا على تجربة متقدمة في هذا المجال للاشقاء في تونس ،نرجو أن تنسحب على كل المؤسسات العربية الأخرى.
يبقى أن من الصعوبة بمكان منع المخاطر كليا عن الصحافيين والإعلاميين ،ولكن ومن دون شك أن المعرفة من خلال التدريب توفر نسبة كبيرة من الحماية والسلامة المهنية ،على قاعدة "درهم وقاية خير من قنطار علاج".والله ولي التوفيق.