رأيسياسةمحليات لبنانية

وطن حر وشعب.. كئيب!(واصف عواضة)

كتب واصف عواضة – خاص الحوار نيوز

باختصار ،يُعرّف الاكتئاب في علم النفس على أنه “اضطراب المزاج الذي يسبب شعورًا متواصلًا بالحزن، وقد يكون مصحوبًا بالشعور بالذنب، ونقص تقدير الذات”. فهل ينطبق هذا التعريف والتوصيف على حالة غالبية الشعب اللبناني في هذه الأيام؟

أخشى أن أقول نعم. فالشعب اللبناني ليس سعيدا،والسعادة هي نقيض الكآبة .وقديما قيل “الضد يظهر حسنه الضد”.

كانت للموسيقار الكبير الراحل محمد عبد الوهاب معادلة خالدة يرددها دائما مفادها :” ما فيش حاجة بتنغّص السعادة زي بكرا”. 

نعم ،لا شيء ينغّص السعادة الا التفكير بالغد. والشعب اللبناني يعيش يومه الأسود، ويفكر بغد أكثر سوادا .فأي كآبة يمكن ان تكون أبلغ وأشرس من هذه الكآبة. 

غالبا ما تُبنى السعادة، كطارد للكآبة، على الأمل. واللبناني فاقد للأمل ،ليس فقط بسبب خسارة ماضيه وحاضره ،بل ايضا بسبب يأسه حيالالمستقبل. وهذا الشعور كفيل وحده بتغلغل الكآبة في عقله وعواطفه.

لسنوات طوال ،وعلى الرغم من أوهام التقدم والتميز والتحضر والتمدن والخبرة ،كنا شعبا كريما عزيزا متحررا من القيود المعيشية والاقتصادية.وعلى الرغم من الحروب المتتالية والدمار والخراب ظلت ليرتنا يُضرب المثل في ثباتها وقوتها.كنا شعبا سعيدا الى حد ما ونحن نرى من حولنا الفقر والجوع والقلة.فجأة انهار كل شيء بحجة الفساد،ولم ننتبه الى أننا من الأساس لم نبن وطنا ودولة ونظاما سياسيا عادلا يمنع الفساد.اكتشفنا أن سعادتنا ببلدنا كانت كذبة فاقعة.    

في تاريخ ليس ببعيد اطلق خالد بكداش سكرتير الحزب الشيوعي السوري مقولة “وطن حر وشعب سعيد”، شعارا لسياسة الحزب. وبعد ذلك صار هذا الشعار لازمة للحزب الشيوعي العراقي. لكن العراق لم ينعم بالحرية في يوم من الأيام ولا شعبه صار سعيدا. 

إلا أن هذه اللازمة رافقت لبنان لردح من الزمن.هكذا توهمنا. كانت في لبنان حريات بلغت الفوضى،وكان شعبه سعيدا حتى الترف. الا أن الزمن دار بالبلد دورته القاسية ووصل الى ما وصل اليه، فبقيت الحريات وغابت السعادة وحلت محلها الكآبة. صارشعار لبنان: “وطن حر وشعب كئيب”.ونخشى أن نصبح شعبا كئيبا بلا وطن. 

لقد مرت على لبنان ظروف قاسية في الماضي ،لكنها لم تبلغ الحالة التي بلغها اليوم. والله أعلم اي مصير ينتظره في المحصلة. دعاء اللبنانين اليوم ” اللهم إنا لا نسألك رد القدر بل نسألك اللطف فيه”.

ومع ذلك ثمة من ينتظر الانتخابات النيابية المقبلة وكأنها خشبة الخلاص لمعاناة اللبنانيين.واهم من يعتقد أن التغيير رهن بهذا الاستحقاق”الديموقراطي”.أغلب الظن أن نتائج الانتخابات سترفع من منسوب الكآبة في لبنان،خاصة لدى الحالمين بالتغيير الذي ينتظره اللبنانيون منذ الاستقلال.وإن غدا لناظره قريب!

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى